منتدى استراحات زايد - عم سيد النجار

-

في مسألة الثناء على الآخرين وامتداحهم، أرجوك كن حريصاً إلى درجة البخل :p.. إياك أن تفرط في تقريض الآخرين .. هكذا بلا حساب. أنا نبهتك وإنت حر عاد !!

كان عم سيد النجار، الذي يعمل لي المكتبة مسالماً، حنوناً، رقيقاً، كالبنت البكر .. يدخل منزلي على أستحياء، كأنه لا يريد أن يدخل ..:(

وحينما أفتح الباب، أجد ظهرهُ أمامي ووجهه في الأرض في خجل، توقعت واحد نسف راسه أو شي .. اتفضل يا عم سيد .. يقول في أدب .. طيب شوف السكه يا بيه .. !! .. إنه أحرص مني على حرمة بيتي!!:D .. ادخل عم يا عم سيد مابوه أحد .. يخلع حذاءه على الباب في أدب، ويركضُ إلى حجرة المكتب حتى لا تقع عيناه على صورة لأحد من أهل البيت ..

ويبدأ العمل فوراً .. يطلع المتر والمسامير والمنشار، وينهمك في العمل بلا هوادة ..:good2:
وللحق .. أعجبني عم سيد .. كفو كفو .. ذيـبـان .. والمكتبة التي عهدت إليه بصناعتها بدأت ملامحها تظهر .. شي يفرح القلب ..

أسويلك شاهي يا عم سيد؟ .. يرد بحياء .. لسه شارب يا بيه ما تتعبش نفسك .. ولكني أحلف .. وآتي بصينية الشاي .. فيقفز واقفاً ليأخذها مني وهو يستغفر الله .. فكيف لبيه مثلي أن يعمل له الشاي ويحضره لين عنده!!

وبدأت استشعر بالفعل لحظة فراقي لعم سيد، وأنا أذكر أنني كلما أعطيته دفعة من المبلغ المتفق عليه .. يقول لا تعطيني الفلوس كامله لأني جاي بكرا، والنبي ما تدفعهاش كلها .. ولو أعطيته ماله كله سـ أُحرمُ من حنيته وأدبه .. لابد وأن اقحمه في شغله ثانيه .. ياعم سيد، ورى ما تسوي لي مكتب وكرسيين .. ملحوظه ( أنا لست في حاجة المكتب ولا للكرسيين ) .. أنا فقط في حاجة لأن أشعر أن الدنيا بخير .. وعم سيد هو الذي يغذي عندي هذا الشعور .. وخلص عم سيد من صنع المكتبه ووقفت أمامها مشدوداً .. قطعة فنية ملحمية!! والله أنك كفو يا عم سيد .. ذيبان ذيبان .. إنت المفروض تلف يدك في حرير ياعم سيد .. إيه العظمه دي .. إنت موب نجار .. إنت دكتور ورئيس قسم .. قم .. أقول قم ..

وأخذ عم سيد وعزمته على صحن مندي .. وكانت سهره لطيفه .. قلت له فيها من تعبيرات المديح والثناء ما أسعفتني به اللغة العربية، وأوصلته حتى باب بيته .. وأنا أشعر أنني لم أفيه حقه بعد ..

طبعاً بعد السهرة لم أتوقع أن يأتي العم سيد في اليوم التالي ..
ولكنه لم يأت اليوم الذي تلاه .. ولا اللي بعده .. أسبوع مر وعم سيد ماخذ مني عربون المكتب والكرسيين .. ولم أر وجهه .. قلقت عليه

كلمته في التلفون .. رد عليا بصوت مليء بالزهق .. لا مؤخذه يا بيه أصل في إيدي شوية شغل .. قلت له .. ولكننا اتفقنا يا عم سيد أجاب بحدة .. إنت مش عاوز شغل مزبوط؟؟ .. سيبني براحتي!! .. قلت له براحتك يا عم سيد ..

ومر شهر، وأنا تاركه براحته .. وأكلمه ويتهرب !! .. صار عم سيد نجماً .. وصار يعاملني كمعجب مفتون به، وكدت أطلب منه في إحدى المكالمات أن يرسل لي صورة عليها توقيعه!! ليتني تفلت بوجهه عندما سنحت لي الفرصة

واضطررت أن ألجأ إلى نجار آخر ..

تحت إلحاح المدام التي تتهمني بإفساد النجارين .. وأنني لا أعرف كيف أعاملهم .. وجاء رمضان النجار البديل .. بالخجل نفسه وبالحياء نفسه وبدأ يشتغل وعمل مكتباً جيداً .. قطعة فنية .. وأدخلتُ المدام .. تأملت المكتب بقرف واحتقار.. وقالت بعصبيه .. وش ذا الخياس؟ الشي هذا لا يمكن أحطه في المطبخ عندي!! .. قلت له .. هذا موب للمطبخ .. هذا لمكتبي .. فصرخت .. هذاااا !! هذا مكتب؟؟!!! ارتجف رمضان النجار وأخذ يبحلق في المكتب شاعراً بخطئه .. وقال في محاولة يائسة وفاشلة للدفاع عن نفسه .. فيه إيه بس يا مدام .. قالت هذا ذوقه خايس جداً .. قال رمضان كل حاجة تتصلح يا مدام .. ما تضايقيش نفسك ..

وظل رمضان النجار يعمل في المكتب يومين متتاليين .. يصنفر ويلمع ويكشط حتى خُيّل لي أحياناً أنه يلعقه بلسانه!! وأخذ نصف الأجر المتفق عليه وكان مرضي ..

ولأني لم أتعود أن أكسف أحداً، جاء لي أحدهم أيام ما كنا ندرس بالجامعة ببحث كان طالبه منا واحد من الدكاتره الله لا يمسيه بالخير ليتني تفلت بوجه الدكتور عندما سنحت لي الفرصة ....المهم الطالب هذا اللي كان زميل لي وراني بحثه ليعرف رأيي في بحثه .. ولا أستطيع أن أصف كم العذاب الذي ذقته وأنا أقرأ بحث هذا الفتى!! .. شيء بشع .. حقير .. قذر .. تافه .. مسطح .. وجاء لي مبتسماً وكأنه قطع نصف المشوار ..

هااه .. شفت حبكة التنسيق اللي مسويها في البحث؟ .. أتوقع مافي أحد وصلت للي وصلت له أنا .. صح؟ .. قلت له إي والله صادق .. كفو كفو .. ذيبان .. بس بصراحه بحثك إبدااااااااااع .. إنت خلصت الموهبة والتمكن وداخل على العبقرية .. كفو والله .. وللأسف صدقني .. وتركني وقد آمن تماماً أنه ليس له منافس سوى شيكسبير .. ثم مرت في عينه نظرة شك ..، وقال لي بابتسامة صفراء .. بس ياليت إنك ما تحاول تسرقها .. لأنك لو أخذت جمله وحده راح أعرف ..

وفي بحثي الذي قمت به في ذلك الوقت، جاء ليراه، وخرج من قاعة المحاضرة واندفع نحوي في ضيق وغضب وقال .. البحث هذا بحثي .. راح أشتكي عليك !! أنا عارف وش سويت .. أخذت فكرة بحثي الرئيسية .. وكانت غلطتي أنني لم أقل له من البداية أن بحثه مرمّ وماله فكره من الأساس .. جثة هامدة بلا روح .. وياليتني تفلت بوجهه عندما سنحت لي الفرصة:D يوم وراني بحثه.

لا عاد تمدحون، من الحين مافي غير تقطيييييييييييع ..

ارجو يكون الموضوع خفيف وتراه متعوب عليه وناسف على بعض الكلمات :D