![]() |
ثَقَافَةُ النُهُوضِ.. مهم جداً إننا نتحول بشكل رائع جدًا من ثورة مجردة قد لا تفرق عن أي ثورة أخرى في عرض هذا العالم وطوله، إلى ثورة ناهضة تقوم على العلم والمعرفة والإيمان الحقيقي بمعنى الخلافة الإلهية على الأرض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) وبالتالي الإيمان الفاعل بالقضية التي من أجلها بات الشعب مستلذًا بالتضحيات، وإنني اليوم لا أشك في ذلك خصوصًا بعد انطلاق الثورة في منعطف جديد يعتمد إثبات الشخصية في مجموعة أطواق ابتدأت بطوقي الكرامة (1و2) والآن نحن بانتظار (سِيف الكرامة) و(طوفان المنامة)، أما الذي بعث روحًا متوهجة في وجداني فهو برنامج (التقشف).. يقول مولانا وسيدنا وقائد وعينا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "احتج لمن شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن لمن شت تكن أميره"، وها نحن اليوم وبخطوات واثقة ثابتة ملؤها العزة والكرامة نقولها بأعلى الصوت وواضح الفعل: نحن لسنا نرضى بالعبودية لغير الله تعالى موقعًا، ولا عن الكرامة بدلًا. لقد كشفها الشعب بعد أن أسفر النظام عن وجهه الحقيقي دون أن يمارس أدنى مراتب السياسة والتي تقضي بضرورة استمالة الحاكم للمحكوم ولو بالكلمة الطبية.. نعم، فهم الشعب اليوم بأنه عندما يعمل وعندما يشتري وعندما يشارك ويدعم فإنه في حقيقة الأمر ليس في وارد تقوية اقتصاد البلد بقدر ما هو مستعبد في دائرة مغلقة على السلطة أولًا وبالذات، وأذيالها ثانيًا وبالعرض، ومن هنا تحديدًا بدأت ومنذ نهاية فبراير الماضي الدعوات للإضراب العام والعصيان المدني في رسالة واضحة مفادها أن الشعب حر لن تقيده المناصب ولن تغل فكره الأموال مهما تبحرت أو تنهرت أو تشللت أو تجبلت. أذكر في أيام خلت وعندما طرحت مشروع (الإنغلاق المرحلي) طرحت السؤال التالي: ما الفرق بين أن ينام الإنسان على فراش قطني (دوشق) ويحفظ ملابسه في صندوق خشبي (سادة)، وبين أن ينام على سرير إسباني وخزانة ملابس فاخرة وما نحو ذلك؟ جاء الجواب بأن الفرق هو: ألف دينار!! وطرحت السؤال التالي أيضًا: ما الفرق بين أن يكون الزواج بخمسمئة دينار (وهو ما يعادل مهر سيدتنا الزهراء عليه السلام)، وضيافة للرجال وأخرى للنساء بالإضافة إلى حفلة شعبية في القرية، وبين أن يكون المهر ألف دينار و(الطايح) خمسمئة دينار وحفلة في صالة مخصوصة وشبكة بخمسمئة أخرى وعشاء (بوفيه) وما شابه؟ جاء الجواب بأن الفرق: ثلاثة آلاف دينار وأكثر!! طيب.. من أين هذه الآلاف؟ الجواب: في الغالب هي من المصارف بقروض شخصية يدفع الزوج أقساطها على سنوات قد تصل إلى السبع مع إضافة فوائد أقل ما يقال عنها أنها (تكسر الظهر).. ومن المستفيد؟ إن هذا الذي أثير ذكراه هنا ليس إلا الجانب الأقل في قضية الترفيات التي طوقت أعناقنا وسواعدنا عن الانطلاق في مشروع التغيير منذ عشرات السنين، ولكن الشعب اليوم قرر (التقشف)، وفي الواقع هو ليس كذلك بقدر ما أنه رجوع إلى الطبيعة الإنسانية الهادئة والبعيدة عن صخب الحياة وتوتر الماديات الزائلة، ولا أخفي أنني أذهب أبعد من مجرد الامتناع عن شراء الكماليات إلى دعوة أصحاب المهن والحرف إلى الاتجاه الجاد نحو التجارة وتحويل مهنهم وحرفهم إلى مهن وحرف حرة يمارسونها في القرى والمدن لأهلها وأهلهم وبأقل الأسعار التي لا شك في أنها تكون محل بركة من الله العلي القدير، بل وحتى المدرسين الذي فصلوا من وظائفهم.. فلننسى ما فات ولنفتح (كتتايب) في قرانا الأبية ولنعلم أبنائنا الحكمة والمعرفة والفهم والفكر بأقل مقابل ممكن، وكذلك الأطباء والممرضين حتى لو أقفل ملف القضايا في المحاكم العسكرية وصدر قرار بإرجاعكم.. أقولها بكل قوة وثقة: لا ترجعوا. سادتي أبناء ثورة الرابع عشر من فبراير، إننا نمر بمرحلة لا أبالغ أبدًا إن قلت بأنها من أروع ما مرت به هذه الجزيرة مذ كانت تايلوس وأوال ودلمون وحتى اليوم، مرحلة عنوانها: إما أن نكون أو لا نكون. ولكن في عروقنا تتدفق من الشريان كلمات العزيمة والإرادة، ولذلك فإننا –إن شاء الله تعالى- سوف نكون.. نعم سوف نكون مهما توحشت الوحوش فإنها ذليلة أمام كبرياء الإيمان لأهل هذه الأرض الطيبة. بالعزيمة وقوة الإرادة، وقبل ذلك الإيمان الحقيقي والعملي بالله تعالى نندفع بشموخ الأبطال نحو تحقيق المعادلة الأهم، وهي مفاد قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، فلننصر الله تعالى بالانتصار لإنسانيتنا والتغلب على أي علاقة تربطنا بالطاغوت، كيف لا وقرآننا العظيم يقول: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا). بكل شوق ننتظر أبناء الثورة في بيانهم عن مشروع (التقشف)، وهو ما أسميه بمشروع: (العودة إلى الإنسانية). محمد علي العلوي الثاني من ذي القعدة ١٤٣٢هـ / 1 أكتوبر ٢٠١١م |
الساعة الآن 01:16 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir