منتدى استراحات زايد - شهادة للتاريخ (2): كيف يعمل الإئتلاف

كتبتُ في الموضوع السابق شهادة للتاريخ (1): الإلتقاء بالإئتلاف، بعضاً حول إلتقائي بالإئتلاف«فكراً»، وسيكون هذا المقال حول آلية عملهم، فكرهم وأهدافهم.

مقدمة:
مما لا شك فيه، أن البحرين هي البلد الوحيد ضمن بلدان ثورات الربيع العربي التي امتازت بعمق جذور الثورة فيه لعدة عقود مضت، وذلك بسبب طبيعة العصابة الحاكمة التي غزت البحرين بعد إبادة جماعية وتهجير للعشرات من القرى والمناطق البحرانية، والتي ادت لوجود أزمة ثقة عميقة إعتمدت بسببها العصابة الحاكمة بدعمٍ من الإستعمار منذ بداية تاريخ غزوها للبحرين على المرتزقة الأجانب.
كل ما سبق، أكسب العصابة الحاكمة خبرة في إستمرارها بإنتهاك حقوق الشعب، عبر القمع الوحشي وسياسة تكميم الأفواه وإزهاق الأرواح تارة، وعبر الإلتفاف والإحتيال تارة اخرى، واثبتت تجربة العقود الماضبة بأنه لا خيار لإستقرار البحرين سياسياً وإجتماعياً بوجود مقدرات القوة لدى العصابة الحاكمة.
14 فبراير:
بعد ثورات الشعوب العربية في تونس ومصر، كانت البحرين التي لم تكن بحاجة اساساً لإشعال الفتيل، فكل المؤشرات كانت تشير لإندلاع حركة جديدة مختلفة عن انتفاضة التسعينات، او الاحتجاجات التي لم تتوقف بعد ذلك مع فشل الجمعيات السياسية الداخلة في برلمان مشلول، مع تمسك العصابة الحاكمة بكل مقدرات القدرة والخير بالبلد، اضافة لإزداد وتيرة إستجلاب المرتزقة ضمن خطة ممنهجة لإقصاء وإبادة الأغلبية الشيعية وتدمير النسيج الإجتماعي بالبلد.
لم تكن مناقشة الحالة السياسية في البحرين بأسماء وهمية في العالم الإفتراضي «الإنترنت» بالطارئ الحديث على شعب البحرين، فهي من اكثر الشعوب تمتعاً بالشهادات والدراسات الجامعية العليا، وتُعد نسبة انتشار الانترنت بينهم هي الاعلى في المنطقة، وقد أدى كل ما سبق لنشوء تكتلات سياسية معروفة رقمياً إعتمد عليها حتى في الأبحاث الأكاديمية مثل «ملتقى البحرين» الممنوع منذ تدشينه قبل حوالي العقد.
انطلقت فكرة إعتصام جماهيري، حُدد له المكان والتاريخ بعد مناقشة فعالة من قِبل البحرانيين في تلك المواقع، دون إشراف او إملاء من اي حزب سياسي، وبتجردٍ من كل مصلحة فردية، وكان للتاريخ الذي يمثل ذكرى سيئة –كسائر الذكريات- حول غدر الملك المنتخب من العصابة الحاكمة إضافة للواقع الإقليمي دور في الحضور الجماهيري الكبير في موقع دوار اللؤلؤة الذي هدمته العصابة فيما بعد.
قامت عدة مجموعات بإصدار تعليمات وبيانات منذ بداية الثورة، إتحد معظمها تحت إسم «إئتلاف شباب ثورة 14 فبراير» فيما بعد، ولم يكن من الصعب ذلك بوجود المعرفة الرقمية «وربما الحقيقية» بينهم طيلة اكثر من عقد من العمل والنقاش في العالم الإفتراضي بسرية كاملة.
من هم ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير؟
لا تزال السرية المطلقة تحيط بكل المعلومات المتعلقة بالإئتلاف، وقد فشلت جميع الاجهزة القمعية للعصابة الحاكمة في الوصول لاي خيط يدل عليهم بالرغم من استجوابهم لجميع المعتقلين حول الإئتلاف، ويعود ذلك لعدة اسباب، يمكن ان نجملها كالتالي:
* لا يوجد اي فسحة للحرية الفكرية في الشان السياسي او الديني في البحرين، مما ادى لتراكم الخبرة التقنية وآليات التخفي رقمياً منذ اكثر من عقد.
* متوسط المستوى الثقافي والاكاديمي عال جداً في البحرين، مما يسهل الحصول على المعارف والخبرات اللازمة للقيادة رقمياً بسهولة ويسر.
* المشاركة السياسية واسعة جداً في البحرين، وفي كل أطياف المجتمع وطبقاته.
* ثمة تكتلات سياسية رقمية قبل ثورة 14 فبراير، ناقشت العديد من الامور، وكانت تقوم بتقييم عمل كل القوى والجمعيات السياسية.
مما سبق، يمكن ان نستنتج أن افراد الإئتلاف يمكن ان تكون اي فرد في المجتمع، وحتى دون اي سوابق نشاط سياسي متميز.
من الصعب الجزم بتوجه الإئتلاف الحزبي حالياً، فهو يتبنى جميع الخيارات المطروحة بعد دراستها بحسب المنهج الآني ذكره.
كيف يعمل الإئتلاف:
كان التحشيد الأول للتجمهر في الدوار بعد مناقشة في اكبر وأشهر منتدى رقمي بحراني، محجوب منذ اكثر من عقد ... وهذا يعني ان البيان الأول كان مجرد تبني لراي يحظى بالقبول الجماهيري بعد ان تم تدارسه من مختلف النواحي.
البيانات اللاحقة للإئتلاف، سبق وان نوقشت على نطاق واسع في مواقع الانترنت البحرانية، ويمكن ان يكون هذا لعدة اسباب:
* يقوم الإئتلاف بأعضائه السابقين بطرح الأفكار مسبقاً في المواقع، ليتم مناقشتها على اوسع نطاق شعبي.
* للإئتلاف لجان رصد لتوجهات المجتمع وأفكاره، تقوم بجمع الأفكار وفرزها بحسب عدة خصائص منها ميزان القبول الإحتماعي والإستعداد للعمل من أجلها.
وفي جميع الأحوال، يقوم الإئتلاف بتبني الأفكار الجادة ذات القبول الإجتماعي رقمياً وميدانياً، ومن ذلك «طوق الكرامة»، و «البحرين افضل دون آل خليفة»، «المقاومة السلمية الرادعة» وكذلك العديد من مشاريع خدمة الثورة كـ «موقع سجل ثورة البحرين».
وفر الإئتلاف العديد من طُرق الإتصال به، ومن ذلك عضويتهم في موقع ملتقى البحرين، مما يوفر امكانية تجمع الافكار بصورة مركزية، اضافة لإمكانية تشكيل خلايا تتواصل في العالم الرقمي، او الاتصال بالخلايا التي تتشكل وتشكلت سابقاً.
وُفق الإئتلاف فيما سبق، فقد تشكلت خلايا اعلامية لكل مناطق البحرين تقريباً، تقوم بالتنسيق للعمل الميداني .. وقد وفر الإئتلاف لها فرصة اتخاذ قرارات مصيرية بعد ان أسند اليها مهام تتعلق بإستضافة كل شعب البحرين في مهرجانات تقرير المصير التي تقمعها مرتزقة العصابة الحاكمة ، وهو ما يعني ترويج اللحمة الوطنية، ووأد الخوف والأنانية، اضافة لتوفير فرصة التخطيط اللوجستي والتدريب الميداني على الردع.
من الامور التي تلفت انتباه المراقب، هي ان الاساليب الفردية المعهودة في التسعينات مثل قنابل المولوتوف الحارقة لم تستخدم بعد في اية منطقة، وهذا يعني أن جميع الخلايا المحلية تتبع الارشادات العامة للخلية المركزية للإئتلاف.

ملخص:
ليس نشوء إئتلاف شباب ثورة 14 فبراير بالصعب في ظل تراكم الخبرات التقنية والسياسية في ظل النظام القمعي للعصابة الحاكمة، والمشاركة السياسية الواسعة للشعب البحراني المتميز باعلى معدلات الدراسة الاكاديمية وانتشار الانترنت في المنطقة.
يقوم الإتلاف بتبني الإفكار الجادة والمثمرة بعد ان تحصل على مناقشة واسعة ميدانياً ورقمياً وعلى جميع الإصعدة، وقد وُفق بذلك لأكبر تحشيد جماهيري، إضافة لتأسيسه خلايا فعالة في كل مناطق البحرين.
سبق وان ذكرنا كيف ان الإئتلاف اصبح حاضناً لجميع توجهات المجتمع، وأجبر جميع الجمعيات السياسية لتصعيد فعالياتها بما يعود بالنفع عليها وأهدافها ... مما جعلها تتبوء قيادة الشعب بأمل الشعب وفكره، وهو فخر لا نظير له ...