منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   خطبة آية الله الشيخ عيسى قاسم الجمعة 10 شوال 1432هـ - 9 سبتمبر 2011م (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=585813)

محروم.كوم 09-10-2011 12:10 AM

خطبة آية الله الشيخ عيسى قاسم الجمعة 10 شوال 1432هـ - 9 سبتمبر 2011م
 
سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم - خطبة الجمعة (468) 10 شوال 1432هـ - 9 سبتمبر 2011م ـ جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز.


إذا حصل السبب حصل المُسبب:
فلسفياً وخارجياً إذا حصل السبب حصل المُسبب، وهو قانون سارٍ في عالم الطبيعة والإجتماع والسياسة والإقتصاد، ومختلف جنبات الحياة والوجود.
والمجتمع الذي ينقسم إلى ظالمٍ ومظلوم، ناهبٍ ومنهوب، سالبٍ ومسلوب، قاهرٍ ومقهور، أمنٍ وخائف، مترفٍ ومحروم، لابد أن يكون منشأً للصراع واحتدامه، ومجتمعات الأرض اليوم ـ إلا ما ندر منها ـ تعيش هذا الإنقسام المنتج للصراع المؤجج له، وحالة الإنقسام المرضي هذه لابد منها في غياب الدين الحق والقيم الخلقية الآصيلة عن عالم السياسة والإجتماع.
وتعاني المجتمعات العربية بصورة فضيعة من هذا الواقع السيء من الإنقسام، وتتقدم على مجتمعات كثيرة في العالم في هذا المضمار، وتكرس هذا الواقع حكومات مستبدة لا تقيم لشعوبها وزناً بمقدار مثقال، ترى أن الأرض لها، ترى الثروة مختصة بها، انسان الأرض رقاً تحت يدها، لها التصرف فيه كيف تشاء، وليس له في قبالها شيءٌ من حقوق .. طعامه، شرابه، ملبسه، مسكنه، تعلمه، بقاءه حيا دون تصفية جسدية منةٌ منها، إن قصر في شكر هذه المنة، فلم ينحني، ولم يسبح باسم الحكومة المنعمة عليه بها حق عليه العذاب.
والظاهرة ليست بنت اليوم، وإنما قد ترسخت طويلا، ومكثها في الأرض عامة وفي الأرض العربية بالخصوص طويلٌ مقيم، لكن لماذا اليوم لا أمس يرتفع صوت الشعوب، وتكثر التحركات والثورات، ويعلو لهب النار، ويحتدم الصراع؟
السر ،، السر أن من عناصر العلة إنتفاء المانع، فحتى مع وجود المقتضي لا يولد المُسبب في ظل ما يعطل فاعليته.
فالظلم والنهب والقهر والإساءة، وازدراء الشعوب، والإستخفاف بكرامتها، واستعبادها، وتجهيلها، واستحمارها من قبل الحكومات هو ما اعتادته الساحة العربية منذ قديم، ومنذ تنكرة هذه الحكومات لإسلام الأمة وانسانيتها.
والتخلف الفكري، والهزيمة النفسية، وسحق الثقة في النفس، ومحق إرادة التغيير عند الشعوب بفعل سياسة التجهيل والقمع والإذلال، وتحريف الدين وتحويله إلى آداة تخديرٍ وتدجينٍ واستسلامٍ لإرادة الظالم، كان دائماً هو المعطل لحركة الشعوب من اجل استرداد حقها وكرامتها.
كان هذا هو المانع من أن يدفع ـ واقع الظلم والإستبداد والأثرة والقهر الذي تمارسه الحكومات ـ شعوب الأمة للتحرك، وقبول ما يتطلبه من ثمنٍ باهظ، وقد شاء الله عز وجل أن يرتفع هذا المانع بحدوث درجةٍ من الصحوة الإسلامية التي عمت الأمة، فكان لها منها بعثٌ قوي، وحياة فكر وإرادة ومضاء وروح تضحية من جديد.
وبهذا المستجد في حياة الشعوب، كان لابد من نهضة، ولابد من اصلاح وتغيير وإن كلف الكثير، وهذا الذي كان حين هب صاحب الحق للمطالبة بحقه، واصر المأسور على استرداد حريته، وابا المظلوم أن يقر للظلم في ارضه قرار. فتداعت التحركات والإحتجاجات والمسيرات والثورات في مختلف البلاد العربية، وتنادت صيحات الإصلاح والتغيير هنا وهناك، وجن جنون الحكومات فلجئت إلى كل سلاحٍ فتاك من اجل اسكات صوت الشعوب[1].
وإلى أين تتجه الأمور، وترسو السفينة، ويصير الواقع؟

عناد حكومات واصرار شعوب:
حكومات لا تريد أن تتنازل عن شيء من استبدادها، وظلمها ونهبها، واستعلائها واستكبارها، أو تعترف بشيء من قيمة الشعوب وحقها في رسم مسار حياتها وتقرير مصيرها، وتمتعها بحريتها وكرامتها، والإعتزاز بإرادتها.
وشعوبٌ لم يعد يثنيها عن استرداد هذا الحق صعوبة من الصعوبات، ولا تحدٍ من التحديات، ولا أي آلامٍ تلقاها على الطريق أو سبب منيةٍ يعترضها.
عود الأمور إلى ما كان ليس في الإمكان، وليس له أي مكان، والتنازل السهل من الحكومات غير واردٍ في الكثير، والواقع المشهود وما يسجله من استمامة الشعوب رغم كل التضحيات، وتصاعد الروح الثورية في انسان هذا الجيل ـ يوماً بعد يوم ـ حتى لا يزيده ارتفاع مستوى التضحيات إلا اصراراً وصمودا، ينفي تماماً امكان أن يحصل تراجعٌ في حركة المقاومة، لظلم الحكومات واستبدادها وما تصر عليه من استعباد الشعوب[2].
والظلوم إذا استرد إرادته اقوى من الظالم، والموجع أشد اندفاعةً للتخلص من آلامه من مترفٍ يهمه أن يحافظ على ترفه، فالنتيجة للصراع حسب المقدمات الموضوعية هو الإصلاح والتغيير، والتراجع لصالح إرادة المظلومين وحقهم، وهو التراجع الذي يدعو إليه العقل والدين والضمير، وهو التراجع الذي يحفظ انسانية الطرفين ومصلحتهما.


تحية للأطباء:
آثاب الله الأطباء الذين غادروا السجن على ما احسنوا، وعلى امبتلوا به وصبروا.
وتحيةً لهم وهم يخرجون من امتحانهم الطويل، وتجربتهم القاسية، التي لم يكن يخففها إلا أنها بعين الله وفي سبيله، يخرجون وهم على وفائهم لدينهم ووطنهم، حيث الإصرار على العدل والإنصاف، وتفعيل الإصلاح، والرجوع إلى الشعب في أمر نفسه واحترام إرادته والإعتراف بكرامته، وهذا حقٌ ثابتٌ له لا جدال فيه.
وتحيةٌ لكل الصابرين الصامدين في السجون من الشرفاء من أبناء وبنات هذا الشعب، ولكل الأوفياء والمخلصين.

[1] هتاف جموع المصلين: هيهات منا الذلة.
[2] هتاف جموع المصلين: لن نركع إلا لله.

.


الساعة الآن 05:49 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227