وصم الشيعة بولاية الفقيه... وشتائم شتى
 

وصم الشيعة بولاية الفقيه... وشتائم شتى

الوسط - منصور الجمري

لعل بعض العرب يستحق أفضل جائزة فيما يتعلق بشتم الآخرين ووصمهم، واستخدام مصطلحات بصورة متكررة، تحوّل هذا المصطلح أو ذاك إلى شتيمة تمنع العقل من التفكير.

هذا حدث ويحدث باستمرار، ففي العام 2003 سمعنا مصطلح «العلوج» الذين تمت إبادتهم بحسب ما كان يكرره وزير الإعلام العراقي آنذاك محمد سعيد الصحاف، بينما كان الأميركان خلف ظهره يمشّطون شوارع بغداد بعد أن احتلوها، وسمعنا صاحب «الكتاب الأخضر» يسمي الثوار من أبناء الشعب الليبي بـ «الجرذان»، ونشاهد حالياً في شبكات الإعلام الاجتماعي، ونسمع عن ما يقال في أماكن عدة، من شتم لشيعة البحرين ووصمهم بـ «الصفويين»، و«أبناء المتعة»، و«أذناب المجوس»، و «الروافض»... ونقرأ كل يوم تقريباً تقارير توصم الشيعة بالعمالة والخيانة للوطن وأنهم مرتبطون بـ «ولاية الفقيه»، وبـ «أجندات خارجية»... إلخ.
هذا الوصم يُقصد منه حرف مسار الحل السياسي في البحرين، والذين يوصمون الشيعة بـ «ولاية الفقيه» وبالتهم الأخرى إنما هم من نتاج الثقافة العربية الفاشلة التي خسّرتنا قضايانا الكبرى والصغرى، ونرى كيف أن الإعلام العربي، مثلاً، استخدم مصطلح «الصهيونية» إلى الدرجة التي فقدت هذه الكلمة معناها الأصلي وتحوّلت إلى شتيمة توجَّه إلى كل اليهود في العالم ، على رغم أنه ليس كل يهودي يؤمن بالحركة الصهيونية أو ينتمي اليها، فلدينا يهود في البحرين وجميعهم محترمون، وسفيرتنا في واشنطن يهودية... ولكن كلمة «الصهيونية» تحوّلت إلى وصم وغشاء يعمي الأبصار في البحث والتحليل، وتحوّلت إلى تضليل من ينطق بها، وتسببت له بالعمى في فكره ورؤاه.

وحالياً، فإن هذه الثقافة البائسة في الوصم والشتم تُوجَّه إلى شيعة البحرين، ويكرر البعض أن المطالب الإصلاحية التي يشترك الشيعة في رفعها مع إخوانهم السنة ماهي إلا «تقية»، وأن الشيعة يأتمرون بـ «ولاية الفقيه»، الخ. وأنا لا أريد أن أردّ على هذه التفاهات؛ لأن من يشنُّ الحملة خائف من الإصلاح وخائف من مستقبل مستنير يتسم بالعدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون وانعدام مظاهر الفساد التي تغذي أولئك الذين ينتفعون من الأوضاع الظالمة والنكبات التي تحلُّ بالبلدان.

الشيء الجميل أن الذين تُوجَّه إليهم هذه التهم يبتسمون كلما قرأوها أو سمعوها، ليس فقط لأنها تافهة، ولكن لأنها تكشف العقم الفكري والمستوى الضحل والجهل السياسي لمن يطلقها عليهم. غير أن المشكلة تكمن في أنه ربما هناك من يتأثر بمثل هذا الشتم غير الإنساني، فتكرار المغالطات من دون ردّ قد يؤدي إلى اعتقاد البعض بصحتها، على رغم أنها مدانة بحسب القانون الدولي لحقوق الإنسان؛ لأنها لغة عنصرية، وبذاءة وقذف وتهَجُّم ليس فقط على نصف المجتمع في البحرين، وإنما على ملايين البشر خارج البحرين. لن أن أردَّ في هذا المقال على ما يقوله من ليس لديه منطق إنساني يتحدث به، ولكن يجب القول إن هذا إثم يُرتكب في حق البحرين التي تفسح المجال لليهودي والبوذي والبهائي والهندوسي والمسيحي والسيخ أن يهنأ بهويته، بينما يُشتم نصف المجتمع كل يوم وبكل وقاحة من دون رادع إنساني، أو أخلاقي، أو ديني، أو قانوني