لا تستغرب يا بسيوني فأنت في بلد العجائب
 

لا تستغرب يا بسيوني فأنت في بلد العجائب

الوسط - هاني الفردان

«أمر عجيب بالنسبة لي، لأنه صدر قرار من جلالة الملك بإنهاء الفصل وإعادة الأشخاص الذين فُصلوا، وإن تطلب الأمر أن يكون هناك تحقيق في حالات الفصل، ولكن تصلنا حتى الآن بيانات من أشخاص مختلفة تبين أن الفصل مستمر، وأن الذين فصلوا قبل ذلك لم يعيدوا إلى أعمالهم، وهذا يعني أن الأمر الملكي لم ينفذ».
رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق محمود شريف بسيوني
لا تستغرب يا سيد بسيوني، فأنت في البحرين، بلد مختلف عن كل بلدان العالم، الأمور فيه تدار بأشكال مختلفة والأوامر تنفذ بانتقائية والتوجيهات عادة ما تكون مكانها الأدراج المغلقة.
لا تستغرب يا سيد بسيوني فأنت في البحرين كل ما يحدث هو من أجل الاستهلاك الإعلامي، وكل مؤسسة ووزارة عبارة عن حكومة بذاتها وزيرها ملك على وزارته، قراراته النافذة ويرفض أي تدخل خارجي في إدارة شئون مملكته (وزارته).
لا تستغرب يا بسيوني عندما تجد الوزارة أو المؤسسة الرسمية ملكاً من الأملاك الخاصة لبعض الأشخاص، ولا تستغرب يا سيدي عندما تكتشف أن ما جئت به فرحاً في أول لقاء لك بالبحرين، والإعلان بأن المسرحين سيعودون جميعاً بأمر ملكي، لم يرَ طريقه للنور أبداً.
لا تستغرب سيدي، عندما تجد أن التسريحات مستمرة على رغم الأوامر الملكية، لا تستغرب عندما تسمع أن المسرحين لم يعودوا لأعمالهم، لا تستغرب فأنت في البحرين بلد العجائب.
كيف تستغرب، وقد فصل كل الموظفين والعمال لأنهم مارسوا حقهم الدستوري في التعبير عن آرائهم بمسيرات سلمية تطالب بحقهم المنصوص في دستور البلاد، كيف تستغرب وقد حوسب الموظفون على رسائلهم الإلكترونية، ومشاركاتهم في جنازات التشييع.
وهل ستستغرب عندما أقول لك يا سيدي إن موظفة سرحت في شركة وطنية فقط لأنها أعدة «كيكة»، أم ستستغرب لأن مدرسة فصلت وأخرى أوقفت لأن طالبة احتجت على درجتها، وحولت القضية لتصفية طائفية.
لا تستغرب عندما تجد أن عشرات من سيارات الأجرة والحافلات صودرت واحتجزت من قبل إدارة المرور، لا لشيء سوى أن أصحابها عبروا عن مطالبهم بطرقهم، فكان جزاءهم قطع أرزاقهم.
لا تستغرب سيدي، فالقصص كثيرة لا تخفى عليك وسترى منها الكثير في لجنتك، قد تستحق من خلالها إعداد كتاب طرائف التسريحات في البحرين.
لا تستغرب يا سيدي عندما تجد البحرين، ربما البلد الوحيد في العالم الذي يعتمد سياسة إحلال العمالة الأجنبية محل العمالة الوطنية، ويفصل موظفوه من أطباء ومدرسين ومهندسين وغيرهم في مؤسساته وشركاته الوطنية، ويبحث عن بدلاء لهم في دول أخرى. لا تستغرب يا سيدي، فلم تمكث في هذا البلد سوى شهر واحد، ورأيت العجائب، فماذا لو عشت فيها، فلربما ألفت كتاباً أسميته «بسيوني في بلد العجائب»