منتدى استراحات زايد - نشأة المظاهرات، وأدلة القائلين بمنعها.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد..

فهذا موجز عن نشأة أسلوب المظاهرات في المطالبة بالحقوق المزعومة، وحجج القائلين بمنعها من علماء السنة.

[نشأة أسلوب المظاهرات]

نشأت هذه الأساليب في بلاد الغرب، وهناك أول ما ظهرت في بداية ما يسمى عندهم بعصر النهضة، حيث نشأت مع النظام الديمقراطي العلماني في الغرب إذ الشعب يكون هو المصدر لجميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، فالمظاهرات والإضرابات نبتة سيئة ارتوت جذورها في تربة العلمانية الديمقراطية في الغرب، فهذا النظام يبيح لمجموع الأمة وعامة الشعوب أن تنادي بمطالبها أو حقوقها في حالة عجز أو تقصير من يمثل الأمة في البرلمان، فيقوم أناس من هؤلاء الذين لهم مطالب بعمل المظاهرات يطالبون فيها بحقوقهم أو محاربة تشريعات جائرة، والمناداة بإلغاء حكم لا يناسب أوضاع الناس ورغباتهم.

ثم انتقل فعل المظاهرات إلى بعض بلاد المسلمين: كمصر وتركيا وباكستان والجزائر وغيرها عن طريق الأحزاب السياسية العلمانية، والتي استعملتها في ممارساتها السياسية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الجماعات الإسلامية في مصر والجزائر وغيرها، فقلّدت هؤلاء في طريقتهم، وحاولت أن تأتي لها بسند من الشرع يؤيد مثل هذه الممارسات.

وهذا ما صرّح به جماعة من أهل العلم:

-قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله (المظاهرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يعرفونها)

-قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله (المظاهرات هذه ليست من أعمال المسلمين، هذه دخيلة، ما كانت معروفة إلا من الدول الغربية الكافرة)

-قال الشيخ احمد النجمي رحمه الله (تنظيم المسيرات والتظاهرات، الإسلام لا يعترف بهذا الصنيع ولا يقره، بل هو محدث من عمل الكفار، وقد انتقل من عندهم إلينا، أكلما عمل الكفار عملاً جاريناهم فيه وتابعناهم عليه!!)

[حجج المانعين للمظاهرات وأدلتهم]

استدل القائلون بمنع المظاهرات بأدلة منها ما يلي:

1- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها ولم يحث عليها ولم يفعلها مع قيام المقتضى، فلو أمر بها أو حث عليها أو فعلها لنقل عنه ذلك، فمن المحال أن تحتاج الأمة إلى هذا الأمر، ولم يدل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك يستحيل أن تهمل الأمة روايتها عنه صلى الله عليه وسلم أنه فعلها أو دلّ الناس على المظاهرات أو أرشدهم إليها.

2- أن السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يفعلوا المظاهرات، ولم يدلوا الناس عليها، فلو كانت مشروعة أو مستحبة لتسابق الصحابة إلى فعلها، إذ ما من خير إلا سبقونا إليه ولو فعلوا المظاهرات لنقلت عنهم.
قال الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله (الخروج في المظاهرات والمسيرات ليس طيباً وليس من عادة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بإحسان) وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين (ما سمعنا عن الإمام احمد أو غيره من الأئمة أن أحداً منهم اعتصم في أي مسجد) وقال كذلك (الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نظهر المبارزة والاحتجاجات علناً فهذا خلاف هدي السلف)

3- النصوص العامة التي منعت عن الإحداث والابتداع في الدين، كحديث عائشة رضي الله عن النبي قال (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
ومعلوم أن المظاهرات لم يأمر بها النبي ولم يدل عليها، فلو شرعها النبي لأمر بها وحث الناس عليها ولشاع ذلك عنه بينهم مع قيام المقتضي، فهي إذاً من المحدثات.

4- أن القول بجواز المظاهرات لتغيير المنكر استدراك على شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، بحيث إن المحدثين لها شرعوا أحكاماً لم يشرعها النبي، فلما لم يشرعها النبي لأمته دل على بدعيتها.

5- أن المظاهرات فيها تشبه بالنصارى، وهم الذين أحدثوها، ثم أخذها بعض المسلمين وعملوا بها، مع كثرة النصوص التي وردت في النهي عن التشبه بأهل الكتاب والأمر بمخالفتهم.

6- أن المظاهرات فيها مفاسد عديدة تربو على ما لها من المنافع التي زعمها القائلون بها، وينبغي لمن اعتبرها وسلية لتحصيل حق دنيوي من غير نية التقرب إلى الله ولا يعتقدونها من وسائل الإعلام إلى الله، أن ينظر هل يجيز نظام الدولة هذه الوسيلة للتعبير عن الرأي؟ فإن كانت غير جائزة في نظام الدولة فليبحث عن وسيلة أخرى جائزة نظاماً حتى لا يحدث صدام مع الحكومة يؤدي إلى ما لا يحمد عاقبته، وإن كانت جائزة في النظام فلينظر هل يترتب عليها مفاسد أكثر من المصلحة المرجوة من ورائها؟ فهكذا ينبغي أن يكون النظر في المسألة التفصيل المذكور.

من رسالة (المظاهرات والاعتصامات والاضرابات -رؤية شرعية-) للأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الخميس - أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.