منتدى استراحات زايد - خطوة أولى لتغيير النظرة الدونيّة إلى ذوي الإحتياجات

مهرجان نجوم العطاء للمكفوفين...

خطوة أولى لتغيير النظرة الدونيّة إلى ذوي الاحتياجات
أحمد فوزي

أطلقت «قناة العطاء» التلفزيونية الكويتية فاعليات أول مهرجان من نوعه في الشرق الأوسط  بعنوان «مهرجان نجوم العطاء للمكفوفين» بمشاركة «جمعية عيون الكفيف الخيرية العربية» في مصر وبرعاية جامعة الدول العربية.
قبل الغضب الذي عمّ شوارع مصر، «الجريدة» استطلعت آراء مسؤولين في المهرجان وعدد من ذوي الاحتياجات الخاصة ونشطاء في مجال مساعدتهم.
هدف المهرجان، تغيير ثقافة المجتمع تجاه الكفيف وثقافة هذا الأخير تجاه نفسه، تغيير مخاطبة الإعلام له، تفعيل القوانين الراكدة لذوي الاحتياجات الخاصة، وإرساء مبدأ التعامل مع المعوّق عن طريق مخاطبة عقله لا ظروفه.
جاء ذلك في المؤتمر الذي أطلق فاعليات المهرجان في مصر، على أن يتجوّل بعد ذلك في مختلف البلدان العربية وينتهي به المطاف في دولة الكويت لاختيار العناصر المتميزة من ذوي الإعاقة البصرية المشاركين في تصفيات المهرجان النهائية وتكريمهم.
انتقد د. عبد الباسط محمود عزب (رئيس جمعية عيون الكفيف الخيرية العربية ومدير مكتب «قناة العطاء» في القاهرة ورئيس المهرجان) تعامل وسائل الإعلام مع المعوّق على أنه شخص عاجز عن العيش باستقلالية وتلبية حاجاته بنفسه، وتصوير الطفل المعوّق كأنه عالة على الأسرة، على رغم أن استغلال إمكاناته قد تحوّله إلى عضو صالح يساعد في تنمية المجتمع مثل غيره من الأشخاص العاديين.
أضاف عزب أن هذا المهرجان حلقة أولى في سلسلة مهرجانات ستنظّمها «قناة العطاء» تباعاً لذوي الاحتياجات الخاصة، وأنه خلق أجواء تنافسية للكفيف في المجالات الإبداعية: الرياضية والثقافية والفنية والتأهيلية.
أشار عزب في هذا الإطار إلى أنه من بين ألف كفيف مصري شاركوا في المسابقات التي بدأت في منتصف أغسطس (آب) 2010 تفوّق حوالي 50 كفيفاً، وأن فاعليات المهرجان ستنتقل من مصر إلى البلدان العربية الأخرى.
حدّد الإعلامي الكويتي أحمد الفارسي (رئيس «قناة العطاء» ورئيس اللجنة العليا للمهرجان)، نشاط «قناة العطاء» بالاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والأيتام لتغيير المفهوم المجتمعي تجاه قضايا المعوّقين وحقوقهم عموماً، وسن قوانين جديدة خاصة بهم تتناسب مع مستجدات العصر، بالإضافة إلى حث أصحاب الأعمال على تبني النابهين من بينهم لدعمهم في المجالات المختلفة وإشراكهم في دفع عجلة التنمية في مجتمعاتهم مساواة بأقرانهم الأصحاء.
تسليط الضوء
طالب الفارسي وسائل الإعلام بتخصيص مساحات لتسليط الضوء على هذه الفئات كي تندمج في المجتمع، ووزارات الأوقاف العربية بتخصيص خطبة شهرية للحديث عن ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والأيتام وحث الناس على دعم المشاريع الخاصة بهؤلاء، كاشفاً عن أن ميزانية المهرجان المبدئية هي ربع مليون دينار كويتي.
أما الشيخ ناصر العيار (مستشار «قناة العطاء» ورئيس «مهرجان نجوم العطاء» في الكويت) فكشف أن إطلاق قناة مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة أدهش الجميع منذ سنتين، «بعد نجاح التجربة بدأ البعض يحذو حذونا، ففي السعودية وقطر ثمة خطوات لإنشاء قنوات مماثلة ونتمنى انتشار التجربة في البلدان العربية».
أشار العيار إلى أن حكومة الكويت تدعم مشاريع القناة و{يتوقّف نجاحها ونجاح المهرجان على قدرتنا نحن على تسويق أنفسنا».
روح المنافسة
مثّل المستشار محمد فهد المحمد سفارة الكويت في القاهرة في فاعليات المهرجان وتمنى أن تزداد هذه الأنشطة بدعم مادي ومعنوي من دولة الكويت وسفيرها في القاهرة رشيد حمد الحمد، وأن يندرج المهرجان ضمن فاعليات الاحتفال بالعيد الوطني الـ50 لاستقلال دولة الكويت والذكرى العشرين لتحريرها من العدوان الصدامي ومرور خمسة أعوام على حكم أمير البلاد والراعي الأول لهذا المهرجان ولذوي الاحتياجات الخاصة.
بدوره، أوضح أحمد الهاشمي، مدير «قناة العطاء» التنفيذي، أن المهرجان، الذي خصّصت لفاعلياته في مصر موازنة خمسة ملايين جنيه مصري، هدفه تنمية روح المنافسة وإظهار الإمكانات المتاحة لدى المكفوفين العرب، من خلال تنظيم مسابقات رياضية وثقافية وفنية ودينية واجتماعية على مدى خمسة أشهر، ثم تتم التصفية النهائية بين المتسابقين العرب في «أكاديمية العطاء» في دولة الكويت، حيث يقيم هؤلاء لمدة شهر كامل، وتوزع الجوائز المادية والعينية على الفائزين الذين تختارهم لجان تحكيم، كذلك يعطي الجمهور رأيه عبر الهاتف والرسائل النصية على غرار ما يحدث في برنامج «ستار أكاديمي».
في السياق نفسه، أشاد الفنان وجدي العربي باهتمام دولة الكويت بالمعوّقين وانتقد إنفاق رجال الأعمال على الأندية وشراء اللاعبين بمبالغ باهظة في حين كان الأولى أن تذهب هذه الأموال الى ذوي الاحتياجات الخاصة.
أما د. رأفت غنيم (معاق حركياً)، ممثل جامعة الدول العربية، فأكد أن المهرجان يعدّ أداة لتفعيل العقد العربي والاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، ولتذكير المجتمع بخدمة المعوّق الذي توجَّه إليه غنيم قائلاً: «إرفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الرعاية وأنت الآن في عهد الحقوق لذا طالب بحقك».
إبداع
أعرب أحمد ناجي (رسام كفيف) عن استيائه من الإعلام الذي يستثير عطف الناس تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة ويستغل إعاقتهم، وطالب، عند مشاركته في أي مسابقة، أن يكون تقييمه مثل الأصحاء: «نحتاج إلى نظرة الإعجاب بما نبدع وليس نظرة الشفقة».
أما سناء البدوي، المسؤولة عن إبداعات المرأة في المهرجان، فأكدت أن الكفيف قادر على الإبداع مثل الأصحاء وعلى خدمة نفسه وفهم المحيطين به، «أنا كفيفة لكن أفهم التلميحات الصادرة من حولي وتعتبرني شاذة».
بدوره، يقول ابراهيم الحسيني حمدتو (مبتور الذراعين)، لاعب كرة طاولة في منتخب مصر للمعوقين وخطاط: «أنا اللاعب الوحيد في العالم الذي يمارس هذه الرياضة بفمه وقد فزت على المنافسين الأصحاء ونلت مدالية ذهبية في بطولة أفريقيا للمعوقين (1991) وأخرى في بطولة العرب (1992) وفزت بالمركز الرابع عالمياً في البطولة الدولية التي أقيمت في القاهرة، وبلقب أحسن لاعب في بطولة مصر للمعوقين التي انتهت أخيراً... مع هذه الإنجازات نشعر أننا أفضل من الناس العاديين».
أضاف حمدتو: «ثمة تجاهل إعلامي غريب لذوي الاحتياجات الخاصة تحديداً في مصر، فالمعوق في الدول العربية الأخرى أحسن حالاً بدليل أن مجلس الأمة الكويتي غيّر، خلال ثلاثة أشهر، قانون المعوّقين وطالب بوجود نقابة تدافع عن حقوقهم».
كذلك، انتقد حمدتو التجاهل الإعلامي للمهرجان مشيراً إلى أن ما ينفق على بطولات المعوّقين لا يساوي 1% مما ينفق على البطولات العادية ولا بد من أن تؤخذ هذه المسألة في الاعتبار».
تنوير إعلامي
لاحظ د. ماجدي عاطف محفوظ (أستاذ علم الاجتماع ووكيل كلية الخدمة الاجتماعية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة في جامعة حلوان) أن تخصيص قناة لذوي الاحتياجات الخاصة شكلٌ تنويري إعلامي بدأ يدبّ في الوطن العربي، من شأنه تغيير النظرة الموروثة وهي عجز ذوي الاحتياجات الخاصة عن العطاء والتميز، وتثبيت قدرتهم على المشاركة في تطوير مجتمعاتهم فكريًا واجتماعيًا وفنيًا واقتصاديًا بل وسياسيًا إذا توافرت لهم فرص الإتاحة والمساواة التي نادت بها المواثيق والاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلّقة بهم.
أضاف ماجدي: «المهرجانات مظهر حضاري ونشاط اجتماعي مهمّ للتواصل واكتشاف المواهب، وهي إحدى الآليات المطلوبة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع».
أخيراً، اعتبر د. ابراهيم محمود بدر (أستاذ الصحة النفسية في جامعة القاهرة) أن هذا المهرجان يعبّر عن مدى الاهتمام بالمكفوفين، وخطوة لها مدلول نفسي رائع، وفرصة لإعطاء هؤلاء ثقة بالنفس في مواجهة الحياة وخوض تجارب جديدة تبرز أهمية الدور الذي يؤدونه في تطوير مجتمعاتهم، إذا توفرت لديهم الفرصة وأزالت الحكومات ومنظّمات المجتمع المدني العوائق التي تحول دون تفجير طاقاتهم الكامنة، ليعيشوا كأفراد لهم حقوق وعليهم واجبات تجاه هذه المجتمعات.

تذكروني بعد الرحيل بالدعاء..
أختكم الفقيرة إلى الله..
روحي بدوية