منتدى استراحات زايد - انعكااااااااااااااس مرأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأة ....

إنعـــكــــاس مــــرآة

أوراق مبعثرة في كل مكان و كتب منتشرة على الأرفف , ملفات لا حصر لها من أشعار الأدباء جمعتها منذ وقت طويل , أبحث و أعمل على تقليب صفحات الدواوين الشعرية فقط لأجد بيتين تمنت النفس قراءتهما , مر من الوقت عدة دقائق كأنها جمر من اللهفة لقراءة هاذين البيتين , وبعدها بثوان وجدت الشعر المراد , لم يبرد جمر الشوق إنما يزيد اشتياقي كلما اقتربت من قراءته .. فقال الشاعر إلياس فرحات

فيا نفس إلا أنت ما لك ؟ و اعلمي بأن كل برق غير بــرقــك خـــاب
تعبت اذ استنظرت خيرا من الورى و مستقطر السلوى من الصّاب يتعــب

يا نفس ما أجمل هذه الأبيات الرائعة و ما أجمل تجسيدها بحالي و واقعي , قاطع تفكيري صوت الهاتف المزعج الذي لم يتناغم أبدا مع أي وقت من أوقاتي , رفعت سماعة الهاتف و ها هي صديقتي تتصل علي طالبة مني الخروج من سجن المنزل , لا تعلم إن سجني هو العالم الخارجي الذي لجأت لتغيير اسمه إلى عالم الضياع , رفضت دعوتها بشدة لكنها ألحت علي بطريقة مزعجة حتى وافقت على مطلبها دون رغبتي في ذلك فالخروج عن عالمي الخاص لا يريحني أبدا , أعدت قراءة الأبيات مرة , مرتين و ثلاث , طويت الورقة لأمنع نفسي من قراءتها لأنني أعلم إن الوقت سوف يداهمني من كثرة ترديدها , و بعد دقائق وصلت صديقتي لاصطحابي , أخذت مرآتي و وضعتها داخل حقيبتي هذه المرآة التي لا تفارقني لحظة بينما أنا في عالم الضياع أي العالم الخارجي , فتحت باب المنزل فهب بوجهي ريح النفاق تمسكت بحقيبتي لأخرج مرآتي لكن ترددت في إخراجها مجبرة نفسي على الصبر قليلا , أكملت طريقي إلى حين ركوبي سيارة صديقتي فدار بيننا حديث متواضع بين السلام السؤال و الاستفسار كأنها تريد الوصول إلى سؤال معين يدور في بالها لكنها ضائعة في صياغته , وصلنا إلى مكان عام يعمه الناس , شعرت بقشعريرة الوضع و الخوف من الخروج من السيارة لكن ليس باليد حيلة , فتحت الباب و نزلت كأن يدي و رجلي لا تريدان التحرك , فعند نزولي شعرت بقوة الرياح , رياح النفاق و الخداع و الكذب , جلسنا في منتصف هذا المكان العام مما يسمح لنا برؤية واسعة للناس المتواجدين , فمنذ نزولي إلى الآن و عيني تلتقط كل شخص يمر من أمامي و جسدي يقشعر من هذا العالم , و كلما مر الوقت علينا كلما زادت هذه الرياح في هبوبها , حديث الصمت يدور بيني و بين صديقتي إلى حين كسرت هذا الصمت بسؤالها : لماذا أنتي منعزلة عن الكل , و معقدة في تصرفاتك و انفعالاتك , رافضة العالم الخارجي ككل , سواء بمنفعته أو بضرره , التفت إليها مبتسمة و كنت أعلم أن هذا السؤال المراد منذ بداية حديثنا فقلت :

إن هبت رياح النفاق يوما بانعزالي أهاب بها فأوقف الهبوبا

ردت علي قائلة : ليس كل انسان بمنافق فالإنعزال ليس حلا , و كيف تعرفين المنافق من غيره؟ , ابتسمت لها بينما أخرج مرآتي من حقيبتي وجهتها نحو هؤلاء الناس فقلت : انظري لانعكاس ضوء هؤلاء البشر فكل منهم لونه و كل منهم انعكاسه , فكانت انعكاسات الضوء معظمها معتمة يصعب ملاحظة الضوء الطبيعي دون تغيير في ألوانه , فقالت : لا أرى شيئا إنها مجرد مرآة تعكس صور الآخرين لنا ! فقلت : لن تري فعالمي و خيالي و خبراتي هي التي تريني هذه الانعكاسات ,, فسكتت سوزان دون تعليق لعدم فهمها حالتي ,, و بينما أشاهد بمرآتي انعكاسات الآخرين لاحظت أن كلما اتجهت إلي اليمين زادت عتمة الضوء !! فتابعت الوضع و زدت زاوية ميلان المرآة إلى اليمين حتى أصبحت لا أرى انعكاس المرآة ! لا ضوء ولا شيء يرى ! أنما مجرد عتمة ! رفعت رأسي لأرى صاحب هذه العتمة صاحب من يعيش كجسد دون روح , و الصدمة عندما كانت المرآة موجهة تماما إلى صديقتي سوزان ! صاحبة شعوري بهبوب ريح النفاق عند خروجي من المنزل ! و عند جلوسي معها طوال هذا الوقت ! صاحبة شعوري بقشعريرة الوضع يا إلهي كم هذا قريب مني ! ,, وقفت بسرعة و رجعت إلى الوراء لأهرب من عالم الضياع لأهرب من دنيا النفاق لأنقذ نفسي من هؤلاء الأصناف ,, فوقفت معي صديقتي باستغراب و قالت : ما بك ! فقـــلت بصوت عالي مليء بالقهر :

لا ترتجي الأخلاص من كل باسم ففي الباسمين المبغض المتـــحبب
ولو كان كل المظهرين لي الوفــا وفيّين لم يعجزك يا نفس مـــــطلب
أنا من يرى أنّ الرياء معـــــــرة و أن خبيث القول في الصدق طيب