مقالين متناقضين بين الدكتور الجمري والكاتب العثمان
 

منع النشر في قضايا الرأي العام

http://www.alwasatnews.com/pictures/...r-Mansoor1.jpg

قرار النيابة العامة بحظر نشر أية معلومات أو أخبار تتعلق بقضية الوزير السابق يعتبر محيرا جدا. فعلى رغم أن القرار أشار إلى أن السبب في ذلك «تناول بعض وسائل الإعلام القضية ومجرياتها بأخبار واجتهادات بعيدة في بعضها عن محجة الصواب ونظرا إلى ما ارتأته من ضرورة إحاطة التحقيقات بجانب من السرية بما يتوافق وما تقتضيه سلامة التحقيقات... إلخ»، إلا أن هذا القرار - ومع كل الاحترام - جاء «بعد خراب البصرة»، وبعد تسريب معلومات «موجهة بشكل دقيق» من جهات داخل البحرين إلى الصحافة في الكويت وإلى بعض الفضائيات التي لم تبقِ شيئا ولم تذر، حتى أصبح أطفال ينتسبون إلى عائلة الوزير (يحملون لقب الأسرة) لا يستطيعون الذهاب إلى المدارس، وأصبحت بعض العوائل «المنامية» الكبيرة تتحدث فيما بينها وتخشى أن يأتي الدور عليها لأي سبب كان صحيحا أم غير صحيح.

لن أتحدث عن حيثيات التسريبات المتناقضة لأن ذلك يخالف الحظر، كما أنني لن أتحدث عن الأصول وعن الدستور (لأنها لن يؤخذ بها)، ولكن بودي أن أذكّر بحديث للإمام علي (ع) يقول فيه «لا ظفر مع البغي»، فالغلبة على طرف ما لا تتحقق عبر إنزال الضرر غير المستوجب، وما حدث بالفعل ضرر كبير لسمعة البحرين أولا، ولسمعة الشخص (إن كان بريئا)، والأسوأ أنه يضر بسمعة كل من يحمل لقب العائلة، ويجعل الناس تفكر في الموضوع عدة مرات. فإن كانت القضية جنائية، وثبتت على المتهم فإن العقوبة تبقى «فردية»، أما إذا كانت هناك محاولات لتسييسها وتوسيعها، فإن من المؤكد أن من يبدأ هذه المسيرة لن يستطيع التحكم بنتائجها، وهذه النتائج مثل الرياح، وما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

إن الحظر في مثل هذه القضية يذكرنا بالحظر الذي فرض على قضية التقرير المثير في 2006، وهو حظر مازال مفروضا على الصحافة رغم انتفاء السبب وانتهاء المدة... والمصيبة أن ما حدث في 2006 أحدث انقلابا في سيكولوجية الخطاب السياسي لدى الاتجاهات البحرينية جميعها، بل إن الحظر ساهم بصورة مباشرة في تعميق خطاب ضمني «انعقدت» عليه النفوس، حتى أن البعض شبه محتويات التقرير المثير وكأن ما قيل فيه «وحي منزل».

الأمر ذاته يتكرر الآن مع قضية أخرى، في العام 2010، وهذه القضية بدأت بالفعل تشكل سيكولوجية أخرى للخطاب السياسي، ومجريات الأمور لا يحكمها قرار الحظر أو السماح بالتغطيات، لأننا في عالم صغير ومترابط. قرار الحظر يمنعني وغيري في البحرين من كتابة ما نعرفه من مستجدات، ولكنه لن يكون علاجا لما حدث، والأمر سيتغير أكثر إذا اتخذ الموضوع منحى سياسيا.



منصور الجمري
العدد : 2760 | الأحد 28 مارس 2010م الموافق 12 ربيع الثاني 1431هـ