النموذج الحضاري المطلوب في صراعاتنا التافهة
 

العلامة المجاهد الشيخ محمد علي المحفوظ

للحق أنها واحدة من أجمل المواقف والرؤى الصادقة من صاحب الحكمة والبصيرة والاخلاق
إنها كلمة تستحق أن تكون برنامج علاج للمعارضة التي ابتليت بأمراض القطيعة والانغلاق لدرجة نسيان عدوها وقضاياها الرئيسة والانشغال بهتك وتفتيت الذات.

هل رأيتم هذا الرجل قد استخدم في يوم من الايام سلاح القطيعة والتدابر مع أحد؟
أو وضع حاجزا مع أحد؟
إنه ثقافة مختلفة ، ورؤية مختلفة ، وبصيرة مختلفة ..

إنه مستعد أن يعلن عن اختلافه معك ، وأن يعلن عن رأيه بصراحة قد تغضبك أو تغضب غيرك ,وأن يتمسك به بكل قوة وأصرار وثقة لدرجة قد لا يستوعبها البعض ، لكنه مستعد أن يكون معك حتى النهاية.

في الثقافة السلبية السائدة والعاجزة ، الاختلاف يعني الافتراق والقطيعة والتدابر ، ثم التناحر ..
في ثقافة هذا الرجل الاختلاف يعني الحق في اعتناق رأي آخر دون سلب الآخرين هذا الحق
(الاختلاف ) في ثقافته يعني أن يجلس معك لكي يضيف رؤيته لرؤيتك وأن يضيف رؤيتك لرؤيته مع حفظ حقك في الاختيار حتى النهاية.
في الثقافة السلبية العاجزة تأخذ الاختلافات أكبر من حجمها لدرجة تضيع معها منطلقات الاختلاف وأهدافه في زخم السلبيات لدرجة تصبح معها الاختلافات قضايا ومنطلقات بحد ذاتها وربما أهداف أذا تجذرت تلك الثقافة في باطن بعض الحالات.
في ثقافة هذا الرجل ، لا يأخذ هذا الاختلاف أكبر من حجمه وأكبر من منطلقاته وأهدافه ، ولايجوز أن ينتج سلبيات أكبر من الحاجة الطبيعية للاختلاف حول شيئ ما.

لهذا يفقد الكثيرون أخلاقهم واتزانهم وربما تدينهم والتزامهم في الاختلاف ويضيعون اتجاه البوصلة ، لكن هذا الرجل بقدر اصراره العجيب على حقه في الاختلاف ، يبقى واضحا ومتزنا ومستقيما.

إن هذا الرجل نموذج لثقافة دينية ورسالية مميزة في انسجام إلارادة والاخلاق والمواقف والحركة مع المنطلقات والاهداف.

تحية لهذا العالم المجاهد الجليل ، الذي يمكن أن يكون حصان رهاننا في صراعنا الحضاري مع سلبيات ثقافتنا العاجزة ومع أعدائنا.