![]() |
التهديدات الإسرائيليّة: خطوات إلى الوراء التهديدات الإسرائيليّة: خطوات إلى الوراء لم يكن لتهديد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، من واشنطن قبل يومين، وتكرار الإشارة إلى أن بنية لبنان التحتية هي جزء من المعادلة، في حال المواجهة العسكرية مع المقاومة، وزن مماثل لتهديدات باراك السابقة، أو لغيره من المسؤولين الإسرائيليين بقلم: يحيى دبوق إحدى نتائج خطاب الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، قبل أسبوعين، أنه منع عن تهديدات تل أبيب إنتاج مستوى التأثير السابق نفسه للتهديدات، تجاه اللبنانيين وكذلك الإسرائيليين، سواء من ناحية التأثير المادي أو التأثير المعنوي والنفسي. لقد أوجد الخطاب، وما ورد فيه من مواقف دالة على وجود قدرات دفاعية خاصة لدى المقاومة، وأيضاً إرادة حقيقية لاستخدامها، إفراغاً لتهديدات إسرائيل من تأثيراتها الردعية. تُوصِّف الدولة العبرية امتناع المقاومة عن المبادرة إلى ضربها، على أنها حالة من الارتداع ناتجة من خشية حزب الله من قدرات الجيش الإسرائيلي. هذه هي الرواية المعتادة لدى حديث تل أبيب عن المواجهة الباردة، إلى الآن، بينها وبين المقاومة. في الوقت نفسه، يؤكد المسؤولون الإسرائيليون، كما باراك أخيراً في واشنطن، استمرار تعاظم القدرة العسكرية لحزب الله، المفترض أن يكون مردوعاً، بل يتجاوز حديث إسرائيل عن تعاظم القدرة العسكرية التي بدأت تكيّف نفسها معها، من ناحية عدد الصواريخ والكميات غير المسبوقة في حوزة المقاومة، للحديث عما تسمّيه «محاولات» من حزب الله وسوريا لتجاوز «الخطوط الحمراء الإسرائيلية»، وحيازة وسائل قتالية خاصة ضمن مصطلح: «كاسر للتوازن»، الأمر الذي لا يمكن تل أبيب أن تقبل به أو أن تتجاوزه. آخر أنباء إسرائيل عن تعاظم قدرة حزب الله العسكرية، ما أشارت إليه القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي قبل يومين، في إطار التعليق على زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى سوريا، إذ تحدث مراسل القناة للشؤون العسكرية، روني دانيئيل، عن «أخبار تفيد بوصول أسلحة خاصة مضادة للطائرات دخلت إلى لبنان»، أي إلى حزب الله. وقبل ذلك، تحدثت تل أبيب بالواسطة (مجلة جينز البريطانية) عن امتلاك حزب الله صواريخ دقيقة (صواريخ فاتح 110)، مع رأس حربي يزن نصف طن من المتفجرات، وهي صواريخ دقيقة وسهلة التشغيل وذات قدرة تدميرية هائلة. ضمن الإطار نفسه، يمكن إسرائيل وغيرها، أن تفهم ما ورد في الخطاب الأخير للسيد نصر الله، على أنه إعلان غير مباشر عن وجود قدرات جديدة باتت في حوزة المقاومة. لقد أشار الأمين العام لحزب الله إلى أنه قادر وينوي، في سيناريوات دفاعية محددة، أن يضرب إسرائيل ومنشآتها الحيوية، في ردّ تناسبي على أي اعتداء على البنية التحتية اللبنانية.. وهذه القدرات الخاصة التي تحدث عنها، تعني بالضرورة، أن المقاومة قد امتلكت بالفعل، ما أشار إليه باراك في تحذيراته المتكررة: أسلحة كاسرة للتوازن. بما يشمل النوع والعدد الكافي، من هذه الأسلحة، تتيح خوض حرب دفاعية عن لبنان، وبالمستوى الندّي والمطلوب، في أي مواجهة مستقبلية ممكنة الوقوع من ناحية نظرية. أيضاً في الجانب الآخر، وكي نتلمس أهمية تطور قدرة المقاومة ووقعها على إسرائيل، وتحديداً لجهة الإمكانات والإرادة والحافزية، من المفيد إعادة استحضار كلام باراك، المنشور في صحيفة هآرتس بتاريخ 24-11-2009، إذ يقول: «هناك محاولات لخرق التوازن في الأرض (صواريخ دقيقة) والجو (الدفاع الجوي)، وفي اللحظة التي نقتنع فيها بأنهم نجحوا في خرق التوازن، سنضطر إلى دراسة خطواتنا...». على ما تقدم، واستناداً إلى الخبرين المذكورين أعلاه، وإلى «تحديدات» باراك عن سلاح كاسر في الأرض وفي الجو، وأيضاً إلى ما ورد من إشارات دالة في كلام السيد نصر الله، يظهر أن حزب الله قد «كسر» خطوط إسرائيل الحمراء، بل أعلن أيضاً جهوزية هذا «السلاح الكاسر للتوازن»، لا الإعلان فقط عن وجوده. يلفت في هذا الإطار إلى وجود نوع من التناقض في كلام باراك، ومرتبط بأصل المواجهة وإمكاناتها، وتحديداً القدرة الإسرائيلية الفعلية على شنّ اعتداء على لبنان. فهو لن يقبل (باراك) بسلاح كاسر للتوازن، لأن من شأنه أن يفقد إسرائيل السيطرة في أي مواجهة مقبلة، ويحدّ من قدرتها على المبادرة والمناورة العسكرية ضد لبنان، وبالتالي سيندفع في هذه الحالة، إلى «درس خياراته»، كما يشير دائماً، بمعنى شن هجوم عسكري على لبنان. لكن في الوقت نفسه، ومن ناحية واقعية، إذا وصل هذا السلاح إلى أيدي حزب الله، وهذا ما يظهر من «الأخبار» الدالة عليه في هذه الفترة، فإن أصل وصوله ووجوده، سيكون قد أنتج مفاعيله الكاسرة للتوازن، التي تفقد إسرائيل السيطرة، وبالتالي ينتج مفاعيله المانعة لإسرائيل من الاعتداء على لبنان. وهذا يعني أن السلاح الكاسر للتوازن يدفع تل أبيب للعمل ضده، لكن وجوده يمنعها أيضاً من العمل ضده. إنها حلقة مفرغة، قد لا تجد إسرائيل مخرجاً منها. استكمالاً للمعادلة الجديدة، وتثبيتاً لها، عاينت إسرائيل قبل أيام المشهد والصورة الثلاثية التي جمعت قادة محور الممانعة والمقاومة: غيران وسوريا وحزب الله. ليس من المبالغة القول، إن مفاعيل هذه الصورة، وحرص المحور الثلاثي على بثها وإيصالها إلى كل من يعنيه الأمر، وما ورد من مواقف مشتركة للفرقاء الثلاثة، لها من التأثير على صانع القرار الإسرائيلي، لا تقلّ أهمية عن رسائل التهديد المباشرة التي سبقت زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا، من قبل دمشق وحزب الله. لا مبالغة في القول، إن المشهد في دمشق راكم على إسرائيل إرباكاً إضافياً على إرباكها القائم حيال المقاومة، وقلّص الخيارات العملية الممكنة تجاهها. إنها إشارة واضحة إلى اجتماع القدرات واتحادها، وهذا ما تدركه إسرائيل جيداً. في هذا الظرف بالذات، من ناحية إسرائيل، الجمع بين عوامل القوة المضادة وربطها عضوياً، يفرض تغييراً حقيقياً على المعادلة التي كانت تظن تل أبيب أنها قائمة وأنها قد تخدم مصالحها، الأمر الذي يدفع صانع القرار الإسرائيلي للتراجع خطوات إلى الخلف، من موقع المتوثب للاعتداء إلى موقع الحذر والمترقب. وبدلاً من أن تبحث تل أبيب عن خيارات عدائية متاحة ضمن إمكاناتها، في السابق، من دون خشية من تداعيات تظن أنها قادرة على احتوائها من خلال التهديد بضرب البنى التحتية وغيرها، بات عليها أن تبحث عن خيارات دفاعية متاحة حيال هذا المحور، في الحاضر وفي المستقبل، وبين الأمرين فرق شاسع جداً، يشير إلى خيارات وتوجهات وحدود قدرة إسرائيل الفعلية، في هذه المرحلة. جريدة الأخبار - ألأثنين 1-3-2010 |
الساعة الآن 02:56 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir