منتدى استراحات زايد - لقد تجاوزت المئة .. وحان وقت الندم والتوبة.

أدركت مذ خطت قدماي في هذه الدروب أنها صعبة كؤود.
وحدي أسير أسدّ جرحي النازف بيدي.
وكلما قطعت مرحلة، أحسست بحرارة الدم تلامس جلدي المقشعرّ، فتسري الحرارة على أثره في سائر الجسد، حتى تصل إلى فؤادي المرتعش فيسكن، أكون حينها قد استرجعت أنفاسي ولملمت همتي لقطع مسافة أخرى. وما زالت هذه هجّيراي حتى وصلت .. أو كدت.
- لقد أنار مصباح المشيب ظلام الشباب وديجوره، آن لك يا أبا فيصل أن تفيق من سكرتك، وتنحرف عن مسرب لهوك وغيّك. أما كفتك المئة نذيرًا! لقد بان لك الخطل، وشارفت على الزلل، فاحمد الله أن حفظك إلى الآن، ودفع عنك خلواء الزمان. فانجُ بنفسك، وحاذر من كلماتِك وهمسِك.
- لكنني أريد الإصلاح، وأرقب بعد الظلام الصباح. فهل ستشرق شمسي، ويكتمل أنسي؟
- دعك من الأوهام يا أبا فيصل. إن كل كلمة تكتبها هي في حقيقتها حتفٌ مُحدق بك، وحَين يترصدّك.
- لا أبالي بحَيني .. ولا ألتفت إلى الحتوف. لقد شِمْتُ برقًا وسأسعى إليه.
- سيوصلك إلى مهلكة.
- وإنْ يكن .. نفسي الطموحة لا ترضى بالجلوس، ولغتي الجامحة لا تقنع بمفردات القاموس.
- إذن ... أسأل الله أن يوفقك لما يحب، وأدعوه أن يحببك إلى كل قلب.

تسترجع ذكريات البداية بذهن واهن، وحسّ آسن. فتنفرج شفتاك عن ربع ابتسامة. مازال داخلك شيء من اليقين. أنت تعرف من أنت، وتعرف لماذا أتيت.
نعم .. لقد بلغت المئة، وجاوزتها قليلاً. وما العيب في ذلك. كثير غيرك جاوز الألوف.
لكنني لست كغيري. أريد أن أعرف موضع قدمي، أحب أن أنظر ورائي لأستعيد الثقة بِغَدي.
مئة قطعتها. لا أعلم هل أحسنت السير فيها، أم تنكّبت قدماي الجادة، وذلفت إلى بنيّات الطريق. لو أنني أجد علامات على الطريق أو إشارات أستنير بها.
لست بحاجة إلى هذه العلامات .. استنر بالنور المتدفق من قلبك. بوصلتك ما زالت تعرف الطريق وترشدك إلى مقصدك. امض يا أبا فيصل .. امض .. وكن على يقين أن الله لن يخذلك. فأنت تحمل راية عظيمة، ولا تقف قبل أن تسلمها ليد أمينة تحملها من بعدك.

اللهم أفرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا.