منتدى استراحات زايد - كورنيش عجمان والجمال الذي أوشك أن يضيع

في مثل هذه الأيام من الصيف الماضي كان «كورنيش» عجمان ـ تحديداً ـ يعيش ألق مهرجان التسويق والترفيه الذي أقامته السلطات هناك، الذي حول المكان إلى بقعة لم تنقطع عنها أرجل الزوار حتى ما بعد منتصف الليل، وعلى الرغم من حرارة الجو نسبياً، إلا أن نسيم البحر كان عليلاً، والجمال هناك كان في غاية الروعة.

وكانت الأسر التي اختارت البقاء في البلاد تجد متنفساً خلاباً في تلك البقعة التي لا نبالغ إذا قلنا إنها من أجمل البقاع في البلاد بسبب قرب البحر من الطريق ونظافة الشاطئ بطوله وسعته، فضلاً عن الخدمات التي وفرتها السلطات في عجمان لمرتادي البحر هناك.

قبل أيام كنت في زيارة لكورنيش عجمان وإذا به تحول من حال إلى حال، وتغيرت ملامحه كثيراً بفعل اللوحات العملاقة التي تملأ المكان معلنة عن مشاريع عمرانية لا عدد لها وحفريات عميقة ومواد بناء وغيرها من الأشياء التي لم تحجب البحر الجميل عنا فحسب بل خنقت المنطقة التي تعج يميناً باتجاه من الشارقة إلى عجمان بالبنايات الشاهقة.

وهي مقبلة لاستقبال صف من البنايات والعمران على الجانب الآخر لتحرم بذلك هذه المنطقة من أجمل ما بها وهو شاطئها الرائع وبحرها الأكثر روعة وتشويه جمال تلك اللوحة التي كانت تحمل أجمل صورة.

منظر لا أخفي أنه حز في نفسي وخلف شجناً على واقع أصبح الإسمنت و«الكونكريت» فيه يلتهمان من بين أيدينا أجمل الأشياء ويسحبان من تحت أقدامنا بساطاً كان يحملنا إلى أيام الطفولة التي كنا نقضي معظم ساعات نهارها كالسمك نسبح في البحر ولا نمل اللعب على السيف الذي كان دنيانا التي نرى من خلالها كل الأشياء.

كبرنا وكبر معنا ذلك الحب العظيم الذي نكنه للبحر وأصبح يعني بالنسبة لنا الكثير، تأخذنا أقدامنا صوبه ـ رغماً عنا ـ كلما عصفت بنا الحياة وكلما اشتد في النفس ما يؤرقها لنجد في حركة مدها وجزرها وصوت أمواجها وهي تضرب على الرمال خلاصاً لهموم تجيش بين ضلوعنا.

وتخفيفاً لما ثقلته علينا الأيام، لنحيا بذلك مع البحر الحالة ذاتها التي تتملكنا في عمق الصحراء بهدوئه ورعده وفي سكونه تخرج الزفرات بكل ما فيها من ألم وتستقبل النفس في حركة الشهيق هواء نقياً يكسبها الكثير.

نعود إلى كورنيش عجمان وحيث لا تزال المشاريع في بدايتها، نتمنى أن يكون هناك إعادة نظر فيما ستؤول إليه هذه المنطقة وما سيدفع جراءها من أثمان تكون أغلى بكثير مما يجنيها البعض من أرباح ومكاسب مادية من ورائها، نتطلع إلى عودة الجمال من جديد إلى كورنيش عجمان.

ولتبقى هذه البقعة وجهة المصيفين من غير منغصات على طول هذا الشريط الذي لا يعتبر طويلاً كثيراً، لكنه يمثل إضافة إلى الشاطئ الممتد من الشارقة، المتنفس الوحيد للناس، فضلاً عما يشكله هذا المنفذ من متنفس للمنطقة التي كادت أن تضيق بما فيها من عمارات.

بقلم :فضيلة المعيني
الخليج