![]() |
جريمة المعامير في كوبنهاجن جريمة المعامير في كوبنهاغن ثلاثة شركاء في جريمة المعامير كل الشكر والتقدير للرجل المعاميري الشهم محمد جواد، الذي حمل قريته الصغيرة المنكوبة على ظهره وذهب بها إلى كوبنهاغن لمخاطبة الرأي العام. الشاب الذي لم تمحُ لحيته البيضاء ملامح وجهه الشبابية، كان دائم المشاركة في أية أنشطة بيئية عامة، ليتكلم عن مأساة قريته المنكوبة. المعامير تقف شاهدا حيا على سوء التخطيط وغياب الاستراتيجية الواضحة في التنمية. ربما كان لنا عذر فيما مضى حين لم يكن هناك وعي بيئي، أما اليوم فالمفترض أن تتم مراجعة السياسات بحيث توضع الاشتراطات الصحية على رأس الأولويات. المعامير تعاني منذ سنوات وسنوات، مما تنفثه المصانع من أدخنة وسموم وغازات، وسجّلت نسبة عالية من الوفيات بسبب الإصابة بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي. وفي السنوات الأخيرة شهدت القرية حركة احتجاج هادئة لتدارك ما يمكن تداركه، فنظّموا احتفالات على السواحل وأوصلوا أصواتهم للصحافة المحلية، بل وأنتج بعض شبابهم فيلما يكشف حجم الكارثة، ولكن قوبل كل ذلك بالتجاهل والتصامم والإهمال. الأخطر من ذلك ان الجهات الرسمية بدل أن تفكّر في البحث عن علاجاتٍ لقرية منكوبة يسكنها أكثر من ستة آلاف نسمة، كانت تحاول التغطية على الخلل. وحين رصد الناشطون البيئيون وجود ارتفاع كبير في الوفيات بسبب حالات السرطان، تولّت وزيرة الصحة آنذاك (ندى حفاظ) الهجوم المضاد، وكانت النتيجة استمرار تفاقم الوضع الصحي، وزيادة حالات التشوه الخلقي والتخلف العقلي وإجهاض الحوامل. في فترة لاحقة، حاولت إحدى الشركات المتسببة بالتلوث، ترضية الأهالي بتقديم مبالغ نقدية تافهة جدا لبعض مؤسسات القرية، وكتبتُ حينها ناصحا بعدم قبول هذه الرشوة، ولكنها قُبلت للأسف الشديد. فوزارة الصحة والمصانع الملوِّثة للبيئة وبعض مؤسسات المجتمع... كلها شركاء في استمرار هذه الجريمة بحق الأرض والانسان. الصحافة تطرقت لهذا الموضوع مرارا وتكرارا. ذهبنا للمعامير والتقينا بالأهالي، وكتبنا من هناك مقالات ونحن نستنشق الغازات الخانقة التي تلوّن مساءات المعامير بلون الضباب. انتقدنا حينها رد وزيرة الصحة السابقة في البرلمان الذي ينمّ عن استهتار بأرواح المواطنين. المعاميريون وهم يرون العشرات من أبنائهم يسلمون الروح في سن مبكرة، ويشاهدون تزايد حالات الاجهاض بين نسائهم، والتشوه بين مواليدهم الجدد، لم يستسلموا ولم يتوقفوا عن رفع أصواتهم بالاحتجاج. آخر هذه الأصوات صوت محمد جواد، الذي تحمل أعباء السفر إلى كوبنهاغن، ليروي للعالم في قمة المناخ، معاناة قرية منسية، يطحنها الإهمال والتجاهل الرسمي، وجشع مدراء الشركات المندحقي البطون، وقلة وعي بعض مؤسسات المجتمع التي يجري استغفالها ورشوتها بالقليل من الفتات. كل التحية والتقدير للرجل الشهم الذي ذهب إلى الدنمارك ليعزف على العود، حاكيا عن قصة القتل غير الرحيم، الذي يتعرّض له أهل قريته على يد المصانع الرأسمالية والورش الصناعية المقامة على أرض تملكها الدولة. قاسم حسين http://bahrainonline.no-ip.org/newth...=newthread&f=3 |
الساعة الآن 10:04 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir