منتدى استراحات زايد - تيار الوفاء الاسلامي :بيان التهنئة بعيد الأضحى المبارك

بيان التهنئة بعيد الأضحى المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين

احتفل المسلمون بعيد الأضحى المبارك بعد أن أدى حجاج بيت الله الحرام القادمون من شتى أصقاع الأرض البعيدة مناسكهم في استجابة جماعية موحدة مهيبة، أراد الله جل جلاله لها أن تكون مظهرا واضحا لوحدة هذه الأمة وقوتها، وعنوانا بارزا لسمو مكانتها وكرامتها، وصونا لمنعتها ودورها الريادي المتميز في الحياة .

ونحن في تيار الوفاء الإسلامي إذ نبارك لحجاج بيت الله الحرام ولجميع المسلمين حلول عيد الأضحى المبارك، متضرعين للباري سبحانه وتعالى أن يتقبل مناسك الحجاج ودعواتهم، وأن يغفر لهم ولجميع المؤمنين كافة الذنوب والخطايا، ويتفضل على جميع العباد بالهداية والرشاد، فإننا نرغب في ظل البأس والمحن الخطيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية، وشعبنا العظيم على كافة الأصعدة، أن نستحضر مع أبناء شعبنا الغيور، وكافة شعوب العالم الإسلامي، الدروس العظيمة التي نستلهمها من الحج الأكبر، والسفر الروحاني من عالم المادة والذات، إلى الله ذي الجلال والإكرام والفناء فيه، وفي مقدمة تلك الدروس : صفاء العشق، والإخلاص في العبودية لله سبحانه وتعالى، وهجر الراحة وشهوات النفس ومباهج الجسد، والتجرد عن حب الدنيا، وترك الدار والعقار والزهو والتكبر، وعدم الافتتان بالمال ومتاع الحياة الدنيا وشهوات النفس، فإن ذلك من خواص أصحاب العقول الصغيرة، والنفوس المريضة المحجوبة عن نور الحق وعظمة الخالق . والحذر من التمحور حول الذات المتضخمة، ومن التجبر على خلق الله الضعفاء، والاستعداد للبذل والتضحية، والصبر وتحمل المشاق والصعاب الكبيرة في سبيل الوصول إلى المعشوق في حضرة القدس والطهارة، وإعلاء كلمة الحق والعدل والصدق بين العباد، وعدم الخضوع لأرباب الذهب والمال والجاه والسلطة المحرمة، والعيش على هامش الأحداث والتاريخ، فإن ذلك لا يليق بخُلق أرباب العشق والتضحية والفداء . وأن يعيش المرء الأمل ويبتعد عن اليأس والقنوط مهما اشتدت به المحن وعظمت التحديات والصعاب التي تقف في وجهه وأمام طموحاته الكبيرة في الحياة . وأن يلتزم بالتواضع والخدمة الصادقة إلى الخلق ـ لاسيما الضعفاء ـ وإنصاف الآخرين من نفسه مهما كان دينهم ومذهبهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية وغيرها، ومواساة الأخوان، وعدم التمييز بينهم على أساس مادي أو دنيوي، والتفضيل بينهم على أساس العلم والتقوى، والمحافظة على وحدة الصف والكلمة، والحذر من الوقوع في الفتن التي تهدد جذور حياتنا، ومن الوقوع في مخالب الطواغيت والأصنام الذين يسرقون العباد وينصّبون أنفسهم أسيادا عليهم بغير وجه حق . فهذا هو الصراط المستقيم الذي خطه الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأمته في الحياة، ويتجلى في أبهى صوره في مناسك الحج وعيد الأضحى المبارك العظيم، فلنمعن النظر، ولنتأمل جيدا في معاني العيد العظيمة، ودلالاته الكريمة، فذلك هو السبيل للنهوض من الكبوة، واستعادة السير على النهج المحمدي القويم، في رفض الظلم والاستضعاف، وعدم السير على أقدامنا أذلاء إلى مسالخ الطغاة والمستكبرين، فإن للشعوب والأمم أوقات يقظة، فلنجعل من العيد السعيد فرصة ذهبية لليقظة الروحية والعقلية، والتأمل في الواقع والمصير، وإعادة التقييم بدقة وبشكل شامل للأوضاع، وإعادة النظر بأمانة وصدق في المواقف والمناهج، في ظل اليقين بالدين الحنيف، والتطلع إلى الآخرة والحياة الخالدة فيها، والاعتزاز بالتضحيات الغالية لأبناء شعبنا ـ لاسيما ونحن قريبين جدا من عيد الشهداء العظيم ـ وجعل العيد السعيد مناسبة لنداوي فيه جراحاتنا البليغة التي أصبنا بها أنفسنا وفلذات أكبادنا، ونسعى لرص الصفوف وتوحيد الكلمة، وسلوك طريق الوحدة الإسلامية والوطنية الحقة، لنحصل على المنعة والصلابة أمام الصعاب الجمة والتحديات الكبيرة في الحياة، ونشحذ الهمم للنهوض بهدف التغيير والدفاع عن الحقوق والشرف والحرية والكرامة، والحصول على العيش الكريم في الوطن العزيز الواحد الآمن المستقر، فإن معركة الوجود التي فرضها علينا الأعداء، لا يمكن مواجهتها بالأمنيات وأحلام اليقظة، في ظل الخلافات البينية، وغياب الرؤية الواضحة، وغياب إرادة التحدي والمواجهة، وعدم الرغبة في التضحية والفداء، وعدم الرغبة في دفع المهر للحور العين في جنة الفردوس العالية، فلن تتحقق الأهداف الإسلامية والوطنية، إلا بالتضحيات الجسيمة النابعة من همم الرجال والنساء الأوفياء .

ويغتنم تيار الوفاء الإسلامي هذه المناسبة الكريمة ليبارك بها لشهدائنا الأبرار الذين ضحوا من أجل إنقاذ الوطن وعزته، وأدوا رسالتهم على أكمل وجه، وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الرب الجليل، فمبارك لهم ولعوائلهم الذكر الحسن في الدنيا، والمنزلة الرفيعة في الدار الآخرة، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
كما يبارك تيار الوفاء الإسلامي بهذه المناسبة للمعتقلين الذين يقبعون في غياهب السجون بين يدي جلادين لا تعرف الرحمة إلى قلوبهم سبيلا، لا لذنب غير أنهم رفعوا راية المطالبة بالحقوق العادلة المشروعة، التي لا يسعهم تجاهلها أو التنازل عنها وهم يعيشون صفاء الفطرة، ونداء الضمير الحي .
ويبارك لأسرهم المظلومة المعذبة، ويقول لهم : أبناؤكم أبناؤنا، وآلامكم هي آلامنا، والمطالب التي يرفعها أبناؤكم هي مطالب شعب البحرين من أقصاه إلى أقصاه، وسنكون إلى جانبكم مع كل الشرفاء في هذا الوطن العزيز، ولن نترككم، ولن نتخلى عن مطالب شعبنا العادلة أبدا .

وفي الختام : يأمل تيار الوفاء الإسلامي أن تعم ألطاف فريضة الحج المقدسة وعيد الأضحى المبارك جميع المسلمين، فيعود الحجاج إلى بلدانهم سالمين غانمين، وقد شهدوا منافعهم، وأدركوا تماما مسؤولياتهم كأفراد وجماعات ودول اتجاه خالقهم ذي المن والطول والنعم التي لا تحصى عددا، واتجاه دينهم وأمتهم وأوطانهم، فيقفوا صفا واحدا لنصرة قضياهم العادلة، ومناصرة المظلومين، ورد كيد الظالمين المستكبرين في الأرض إلى نحورهم، فإن هم فعلوا ذلك، فقد عايشوا الحج والعيد كما أراد الله جل جلاله لهم أن يعيشوهما، وإن هم لم يفعلوا فقد عايشوا الحج والعيد الصوريين الذين أفرغهما الشيطان والطواغيت وقوى الاستكبار العالمي من مضمونهما الحقيقي، وفرضوهما على العباد ظلما وعدوانا .

نسأل الله العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة المقدسة العظيمة على جميع المسلمين وهم في حال أفضل من هذا الحال، إنه السميع العليم، وهو على كل شيء قدير .

صادر عن : الهيئة الإعلامية في تيار الوفاء الإسلامي .
بتاريخ : 10 / ذو الحجة / 1430هج .
الموافق : 28 / نوفمبر ـ تشرين الثاني / 2009م .