كفى مزايدة على وطنية أبناء غلوم!!
 

المقال أدنا رفض نشره في صحيفة أخبار الخليج رغم اعتدال لهجته! وقد طلب مني الكاتب نشره هنا..
هذا المقال هو رد على القوتي الذي كتب مقالين يتهجم فيها على العجم (أبناء هذا الوطن) ويتهمهم بعدم الولاء للوطن!!.. أترككم معه:

-------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الكريم أنور عبدالرحمن الموقر – رئيس تحرير جريدة أخبار الخليج.
يأتي هذا ردا على ما كتبه الأخ محمد القوتي في جريدتكم الغراء مؤخرا بعنوانين: "قانون منع اللغة الفارسية" و "الحمية للوطن"، وأرجو أن ينال ردي طريقه للنشر احتراما لحق الرد وحرية التعبير.

------

كفى مزايدة على وطنية أبناء غلوم!

:shoot:
الأخ محمد القوتي هداه الله وإيانا – جريدة أخبار الخليج:
لطالما ترددت في الرد عليك إلا أنك تماديت وأصررت على الخطأ، إلى درجة تضارب فيها كلامك الأخير مع الأول! فأرجو أن يتسع صدرك لما أنا بصدده:

بخلاف ما ادعيت في مقالتيك، واضحٌ تماما مدى ما تكنه من حقد عنصري لبني وطنك المنحدرين من أصول فارسية، إذ كيف يقتصر هجومك عليهم دون غيرهم من الناطقين بلغات أخرى في هذا الوطن؟ وكيف يمكن أن يكون معيار الإخلاص والوطنية هو اللغة، خاصة بعدما أضحت البحرين متعددة اللغات ومتباينة لثقافات تصل إلى الستين. أوليست وزارات الدولة تتعامل وتتحدث بالإنجليزية؟ أوليس موظفو الشركات يتحدثون بمختلف اللغات وبكل حرية، إذن كيف تفسر اقتصار هجومك على هذه اللغة دون غيرها، سوى موقفك العنصري؟ وهي ليست لغة طارئة، بل المتحدثون بها لهم جذور عريقة وقديمة في هذه الارض – قدمها وعمقها أسماء القرى الفارسية الموجودة في البلاد - ولا ينفصلون عنها، وهم أبناءها وليس لهم غيرها، شئت أم أبيت، وعليه لم لا تتحدث عن الاجانب الذين يعملون في كل وزارات الدولة، ويتحدثون بعدة لغات، ومنهم من يتكلم الانجليزية والاوردية وغيرها، بل حتى في وزارة الداخلية الموقرة، ويكفي على المراجع ان يدخل اي مركز من مراكز الامن ليسمع بأذنيه اللغة المشاعة بين الموظفين من اعراق اخرى، وهل لو كنت في بريطانيا كنت تقترح على الحكومة البريطانية أن يسنوا قانونا يمنع أبناءك من التحدث بالعربية هناك، لأن معيار الإخلاص والوطنية عندك هو اللغة؟ وهل بالضرورة كل من تحدث العربية هو موالٍ للوطن العربي؟! وهل الذين خانوا الأوطان هم بالضرورة أناس تحدثوا لغات غير اللغات المتداولة هناك؟ وهل من صمدوا في الدفاع عن أرض الكويت إبان الغزو العراقي كانوا يقاسون باللغة التي يتحدثون بها أم بمواقفهم ووطنيتهم التي كانت على المحك آنذاك؟!

أراك –في مقالتك- خائفاً من مطامع الغزو الثقافي للوطن، أما خشيت يوما من الغزوات المتوالية من مختلف الثقافات واللغات؟ أم أنك تجد نفسك أدرى من القيادة الرشيدة -التي تتشدق بها تملقا- بمصالح هذا الوطن!

في مقالتك الأولى اتهمت بني وطنك هؤلاء –ظلماً- بعدم الإخلاص للوطن عندما بحت بما لم تستطع أحقادك إخفاءه حيث تساءلت: "متى ستهتم هذه الفئة باللغة العربية لغة أهل هذا الوطن؟" وهذا اتهام مباشر بأنهم غير مخلصين للوطن، بعد ذلك قلت في مقالتك الثانية بأنك لم تتناول المقال أبدا بروح العنصرية وإنك لم تنزع الوطنية والولاء من أحد، متناسيا بأنك فعلت ذلك واتهمتهم بعدم إخلاصهم لوطنهم بهذا التساؤل. ومن تكون أنت لتوزع صكوك الوطنية والإخلاص على من هم أثبتوا وطنيتهم وضحوا لهذا الوطن وكانوا بحرينيين قبل أن تولد أنت يا أستاذ.
أمن العدل يا إبن الوطن أن تنكر الحق الدستوري لطيف ومكون أساسي وأصيل من مكونات المجتمع البحريني؟ ألم تطلع على دستور مملكة البحرين المادة (18) والتي تنص على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ويتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وهذا أصل من شريعة ميثاق الأمم المتحدة وقانون حقوق الإنسان.

إن إصرارك في إتهام هذه الفئة بالتحديد بأنهم غير مخلصين يأتي ضمن توجه ومشروع ممنهج في إثارة هذا المكون الأساسي والأصيل في المجتمع البحريني وبهدف التحريض الطائفي والعنصري ضدهم، ولن تكون آخر المحرضين ودعاة العنصرية ضدهم. ولكن نقول لك ومن خلفك وكما يقول الأخوة اللبنانيين "روح بلط البحر". لأن هذه الفئة أعقل من أن تنجر إلى ما تصبوا إليه النفوس الحاقدة والمريضة، وإنها تتحرك في إطار الدستور والقانون حيث المادة (23) من دستور مملكة البحرين تكفل لها حرية الرأي والتعبير والرد على الأقلام المأجورة والمضللة.

ننصحك أن تثقف نفسك وتطلع على تاريخ الشعوب والأمم، لأن الأمم تعتز بحضارتها وتاريخها وهذه الفئة لاتستثنى من هذه القاعدة لأن جذورها تمتد سبعة آلاف سنة من الحضارة الإنسانية، والفضل يرجع لهذه الحضارة كونك تتحدث اللغة العربية، لأنهم وضعوا قواعد النحو للغة العربية، وكفى مزايدات على وطنية هذه الفئة.

قد لا ألومك كثيرا، فمشكلة عالمنا الذي ننتمي إليه ومن أسباب تخلفنا وتأخرنا هو أفقنا الضيق المنغلق على نفسه، بعكس الدول المتقدمة -التي لا يوجد بها كاتب يؤلب الحكومة على نصف شعبها- و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية رائدة الكرة الأرضية إذ نجد من إيجابياتها بأنها منفتحة على غيرها تحترم الثقافات والشعوب، بل تشجع تعدد الثقافات ومن باب أن القوي لا يخشى الضعيف، فلتكن أنت أيضا قويا بثقافتك وعروبيتك ولا تخشى غير العرب يا أخ العرب!


أخي محمد، ان هناك قضايا مصيرية أهم في هذا الوطن، وأتمنى أن يصب قلمنا فيها بدلا من توتير الأجواء وتعكير صفو الأمن بين أبناء الأمة الواحدة –أو الوطن الواحد- لمجرد عدم وجود موضوع معين لدينا. وقد حاول غيرك أن يفرغ أحقاده العنصرية دون جدوى فكفى إسرافا لوقتك الثمين! فلقد عشنا نحن في هذا الوطن منذ ولدنا وحتى يوم الناس هذا في حب ومودة ووئام وإخاء كالجسد الواحد في بحريننا الحبيبة دون أن تشوب علاقتنا شائبة، فأرجو تقدير هذه النعمة وعدم الإفراط فيها.

مع تحياتي القلبية،

محمد الشهابي

13 نوفمبر 2009