منتدى استراحات زايد - الســقـوط في كائن اليأس

السقوط في كائن اليأس
المقابر مليئة بالرجال الضروريون لحياتنا ،
ما هو أكثر إثارة للإستهجان هو أن المقابر مليئة بما هم ضروريون للمستقبل ، ليس يعني ذلك أننا نقف على أطلالهم مجددآ كي نبكي من رحلوا وتركونا وحيدين كالسيوف المجردة .
شعوب تعاني من فقدان الوزن ، فلا هي هناك ولا هي هنا
ووعيها يتحرك كبندول الساعة بين الماضي الذي يمضي تمامآ وبين المستقبل الذي لم يقبل بعد ، فلهذا فالبحث عن بطل لهذه الفترة الراهنة غالبآ ما تحار الشعوب بين بطل ساهر في قبره وآخر قادم من المستقبل .
وهذا له مدلول واحد بين طرف غسل يديه من الحاضر وطرف أعاد قتل الموتى وطوى ملف الأمس . الحالتين لا شيىء كالفراغ الذي يعصف ويلفح النفوس ،
الناس لا يزالون يعيشون في فراغآ أيديولوجيآ كبيرآ،
قد يجري تعويضه بالعودة إلى الماضي والإندماج ،
ويصبح الراهن معرض للتسرب من بين الأصابع ،
لأن ما نفرزه من مشكلات وأزمات قد لا يصح عليه تطبيق
وصفات سابقة خصوصآ في هذا العصر الذي يقال أنه تقدم نصف قرن أكثر من تقدم العالم خلال خمسة قرون .
فالبطولة لم تعد حكرآ على أفراد بعد أن تولت الجماعات هذا
الدور وبالرغم من ذلك فإن البحث عن بطل لا يزال مستمرآ خصوصآ لدى
شعوب أحصت تقاويمها خلال قرن من الهزائم والنكبات .
فالتاريخ لا يعبأ كثيرآ بثنائية التفائل والتئاؤم
وقراءة الطالع والطوالع أو الفناجين ،
إنه له قوانينه وفيزياءه ورياضياه ومعادلاته الصارمة أحيانآ .
لا تنفع معها الرغائب وتجميل ما يبدوا قبيحآ .
عالمنا العربي يعاني ويعاني ويعاني منذو زمن عدة من فراغات دفعة واحدة ،
ثقافية وفكرية وفلسفية وفراغ عاطفي أنتجه تراكم الإحباط،
وهذا كله يدفع الناس إلى التوقف وهم حائرون عن مفترق حاسم بين الماضي والمستقبل . إما أن يقترضوا أبطالهم من المقابر أو يطلق وا الخيال لنسج أبطال قادمين من عالم الغيب ، وفي الحالتين يبقى فقر الحاضر وإنعطاب بوصلة المستقبل هما السبب في الحيرة والتيه ، إذا لم يكن هناك تنمية و وعي تحرره من الإستلاب والسقوط في كائن اليأس .
مع خالص تحياتي لكم
نجيب ايوب