![]() |
الدين والمتدين لا ازال اتأمل بين الفينة والاخرى وبين اليوم والآخر تلك العلاقة الغريبة العجيبة بين المتدين والدين * بين الدين باعتباره جوهر نقي صافي ومقدس وبين رجل الدين او المتدين باعتباره مشروع لمحاولة فهم لذلك الجوهر * والحقيقة ان وجه الغرابة ياتي دائما من خلال الخلط الدائم لدى المتدين وغير المتدين للاثنين معا واعتبارهما شيئا واحدا اي المتدين والدين . الامر ليس محصور بالشيعة فقط بل هو كالسمة الملاصقة لكل المذاهب الاسلامية ولست اعرف في الحقيقة ان كان للثقافة العربية دور في ذلك ام لا * ولكن ما اعرفه بالتأكيد ان لذلك الخلط آثار كثيرة لعل ابرزها خلق قيود من وهم قيد بها عدد غير قليل من الناس مما جعل منهم كالقطعان لا يعرفون حراكا الا وهم مقادين . اعتقد البعض ممن عرفوا بالتدين ان ما تعلموا من افكار هي نفسها ذلك الدين الذي انزل الله وبدوؤا بعد ذلك تفعيل هذه الفكرة من خلال ايهام الناس ان ما يخرج من افواههم هو نفسه ذاك المقدس وبالتالي ان الكفر كل الكفر هو الحيد ولو شيئا قليلا عما قالوا والفسق كل الفسق هو رسم علامة استفهام على كلمة خرجت من افواههم . في الغالب تجري هذه العملية تحت عباءة حسن النية والخوف على الناس من الحيد عن جادة الصواب * وفي الغالب لا يكون الاستعباد والاستحمار جزء من نية المتدين * وانما جل همه هو الرقي بالمجتمع وتنقيته * ولكن للاسف لا تدفع حسن النوايا الآثار المترتبه على الافعال لتبقى الآثار باقية رغم انف النوايا . في البحرين لن يتعب المرء اذا ما اراد رصد تلك الآثار فهي ترى بالعين المجردة في كل ما حولنا * فهي ترى في السياسة وكيف ياتي الجاهل المؤمن ليفرض راية الغبي على حساب راي العالم غير المؤمن الذكي * وكيف يتبع المستضعفين العمامة وهي تسير بهم الى هاوية * هاوية مقبولة شرعيا لانها اتت من متدين * و كيف جُلد الشريف المقاوم بسياط الدين التي احتكرها رجل قيل عنه التدين يجلد بها من يشاء ويعز بها من يشاء * وربما تُرى ايضا اجتماعيا من خلال انجرار آلاف المستحمرين ومن جميع الاطراف الى الدخول في حرب طائفية مع الآخر * حرب لا تبقي ولا تذر من الوحدة المجتمعية والوطنية شيئ * وربما ترى واضحة مجتمعيا ايضا من خلال تلك المسيرة التي فاق عدد حاضريها المائة الف ليعترضوا ما جهلوا وليئدوا قانون كان ليصاغ منهم ويقدم لهم يرفع عنهم شيئ من الاستعباد . لا اريد الخوض في الامثلة وهي كثيرة * اكثر من ان يحويها موضوع واحد * ولكن ليكن التركيز على جوهر العلاقة بين الدين والمتدين ومحاولة التفريق بينهما * فالعاقل يعرف ان المتدين انسان يصيب ويخطئ والعاقل يعرف ان الدين يختلف عن افكار في رأس رجل متدين تحصلت له من خلال مستوى عقلي معين هو يتمتع به * اي انه كالدلو الذي يغرف به من نهر فلا يمكن وضع النهر في دلو ولكن يأخذ الدلو من النهر على قدر سعته هو لا على قدر سعة الدلو * العقلاء يعرفون ذلك جيدا * واغلب الناس هنا عقلاء * وبالتالي اغلبهم يعوون هذه الفكرة * ولكن القليل منهم فقط من يملك قليل من شجاعة ليفعّل تلك الفكرة ويطبقها على من هم واقفين امامه . في احدى المرات كنت حاضرا مع احد الاصدقاء احد المجالس وكان المتدين يشرح للناس هناك كيف ان الخروج الفعلي لمقاومة الظالم هي فعل خارج الشرع بسبب من قد يسببه هذا الخروج من سيل للدماء التي هي محرمة وكيف انه من سيلام في هذه الدماء هو من حرض الناس على الخروج لا من سفكها * ومن ثم اخذ في شرح معنى ثقافة انتظار الفرج الذي هو تكليفنا في زمن الغيبة وكيف اننا يجب ان نصبر في هذا الزمن الى ان يخرج المهدي (عج) ليحق لنا حقنا * كان صديقي ينظر لي بين الدقيقة والاخرى وهو يحمل ابتسامة تحمل صورة من الاستخفاف بما يقال * وعندما انتهى المتدين من موضوع ازالة تكليف الناس الشرعي في مسألة مقارعة الظلم بدء في موضوع ازالة تكليف الناس الشرعي في الصوم والصلاة وبدء في شرح كيف ان الشيعي يدخل الجنة بسبب ابي عبدالله (ع) وان لم يصلي او يصم * وهنا اقترب مني صديقي وقال لي همساً ( الم تكتفي بعد من هذا الافيون * اني خارج ان شئت اتبعني ) * وقفت معه وخرجت وانا اتأمل في تلك العلاقة بين الدين والمتدين واتأمل كيف واين ومتى بدء هذا الخلط ياترى * وانا في نفس الوقت اتمتم ( ياله من افيون * ياله من افيون ) . |
الساعة الآن 09:11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir