![]() |
أقفلوا التلفزيون أو اطرحوه أرضاً ذرائع http://www.alwaqt.com/imagescache/13...hor100crop.jpgأقفلوا التلفزيون أو اطرحوه أرضاً غسان الشهابي صحيفة الوقت كانت ليلة الجمعة بالنسبة لنا صغاراً تعني - ضمن ما تعنيه - فيلما عربياً على شاشة تلفزيون البحرين. ولأن الخيارات قليلة، وعلى المرء أن يتكيف مع كل الأوضاع التي يعيشها؛ كنا نقبل كل ما ترميه في أعيننا هذه المحطة مجبرين. بحلول العام *1991 وبعد أن دهشنا كيف لمحطة تلفزيونية مثل CNN أن تحول حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت بمسمى آخر) إلى ما يشبه الأفلام الأميركية، نقلاً مباشراً، وشدّاً إلى الشاشات، ومرافقة للقوات حتى أقرب النقاط الممكنة، فلم نفق من هذا الدفق الإعلامي الكبير حتى غيّر ظهور mbc موازين القوى في المحطات المتلفزة، ولما توالدت المحطات الأخرى تباعاً صارت ذائقة المشاهد مختلفة عن تلك التي انبنت عليها عبر السنوات السابقة. فلم تعد المحطات المتنافسة تقبل بعرض مسلسل قديم كما في السابق، ولا إعادة بث مسلسل إلا إذا كان يجلب دخلاً إعلانياً. نعم سيطرت الخفة كثيراً على غالبية المحطات، وصار الفنانون - كما في السابق ولكن بحضور أكثر كثافة عن ذي قبل - ضيوفاً دائمين على الاستوديوهات يدلون بآرائهم النيّرة في كل شيء. المسابقات المليونية، وتعرية داخل الإنسان ليمسح الأرض بكرامته من أجل حفنة من الدولارات ربما لا يحصل منها إلا على أقل مما يمكنه أن يرمم به ما انهدم من نفسه في هذه البرامج. تلفزيون الواقع، وخلق حالة من هستيريا الشهرة الزائفة لدى قطاع كبير من الشباب أسوة بالشباب الغربي الذي يمكن أن يقدم على الموت من أجل أن يتذكره الناس لبضع دقائق ثم ينصرفوا إلى غيره، وبرامج صناعة النجوم.. وأي نجوم! إضافة إلى المحطات الإخبارية التي أعطت للأخبار أوجهاً أخرى لم نكن نعرفها مع مذيعينا المحليين، من دون ذكر أسماء خشية الاتهام بالقذف. فصارت هذه المحطات أيضاً قابلة للمشاهدة لأنها تقدم وجبة حيوية للأخبار من دون بروتوكولات وأنباء معجمة لا يكاد المشاهد يفهم منها شيئاً من قبيل ''استعراض العلاقات المتينة والروابط الأخوية، وتعزيز سبل التعاون بين البلدين الشقيقين...''. كلها متغيرات حدثت على مرأى ومسمع من الطامحين في محطاتنا الرسمية، وهي متمسكة بالأشكال القديمة للتعاطي مع الإعلام المرئي، مخلفة الحسرة والندامة داخل أنفس الطامحين في هذه المحطات أن يظهروا من دون أن يمتعض الناس لمرآهم، لأنهم لن يقدموا إلا أقل القليل من الطموح، مع كثير من الإرباكات الفنية، والفذلكات غير المحبوكة أملاً في الوصول إلى التشبه بالمقلدين أساساً. فإذا كان التقليد أقل جودة من الأصلي، فما بالنا بتقليد التقليد، وعلى غير هدى؟! آه.. نعم.. ليلة الجمعة الماضية قادنا جهاز التحكم عن بعد إلى تلفزيون العائلة العربية، الساعة الثانية عشرة والنصف، فإذا بحفل موسيقي غنائي لفرقة من التي زارت البحرين في ربيعها الثقافي. سيكون هذا الحفل جيداً إن كان فاصلاً ما بين برنامجين آخرين، ولكن من الواضح أنه حتى بعض من في التلفزيون يدركون أن قلة من التعساء يصادفها حظها العكر بأن تتفرج على ما يقدمونه، فبعد الحفل جرى تكرار فاصل موسيقي مصور حديث عن قلاع البحرين التي التقطت مساء، ما يزيد عن عشر مرات متتالية. هذا ما استطعنا أن نعدّه بعد أن انتبهنا من سرحاننا. ولا يسرح أحد في حضرة التلفزيون إلا إذا كان ما يقدمه هذا الجهاز لا يحبس الأنفاس. ربما وجد الساهرون الشريط الذي يبحثون عنه.. فقدموا لنا تسجيلاً لحفل أوركسترا المنامة الذي قدّم في مهرجان الموسيقى الرابع عشر! أليس التساؤل هنا وارداً: هل هو تلفزيون العائلة العربية أم تلفزيون النخبة الموسيقية؟ لا حاجة لاستعراض الكثير من المواقف التي ''صدف'' أن ظهرت أمامي شاشة تلفزيون البحرين في أوقات متأخرة من الليل لأرى زرافة تمر أمامي في الشاشة، أو تسجيلاً قديماً مهترئاً لعالم البحار، أو تكراراً غير معقول لعرض ليس بالمبهر لزنوبيا، وهكذا تتوالى الكثير من البرامج التي تود أن تقول إن تلفزيون البحرين باق إلى الآن فقط خجلاً من شماتة الإغلاق، ولو أغلق لما أحدث فجوة عظيمة لدى الناس، ولما افتقدته ''الجماهير الغفورة'' كما يسميها الراحل فيلمون وهبي، لأنها - كما يقول - تغفر خطايا حكوماتها وتصبر عليها. وحتى لا يوضع هذا المقال (صدفة) في جوقة المناهضين لوزيرة الثقافة والإعلام؛ فإن حال التلفزيون هذا ليس بالأمر الجديد، ولا هو بالشأن الطارئ. فليس أقل من عشر سنوات مضت وتلفزيوننا من حال سيئ إلى أسوأ. الأعذار كثيرة، رسمية منها وغير رسمية، تسمعها أحياناً من موظفي الجهاز نفسه، وأحياناً من الدرجات الأعلى من المسؤولين. بعضهم يشكو الإحباط والآخر سوء التخطيط وثالث يتهم المحسوبيات ورابع يعلقها على الشللية وسادس وسابع وصولاً إلى القيادات في الوزارة الذين يرمون الكرات في ملاعب الموازنة التي لا تسمح بالتجديد، والضغوط الاجتماعية التي لن تقبل تسريح ما ترهل من العمالة، وما فسد منها والإتيان بأناس أفضل حالاً، أو الإنفاق على التدريب. إنها علل مستعصية ربما، ليس مسؤول عنها وزير واحد ولا طاقم بعينه، ولكن جميع من مروا على الوزارة لهم نصيب من وزر ما وصل إليه هذا الجهاز اليوم. 10-10-2009 |
الساعة الآن 12:43 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir