عادل المرزوق : الوفاق ، حق دور جديد وأزمة جديدة
 

عادل مرزوق

دور جديد وأزمة جديدة 2


إذا كان انشقاق الناشط السياسي حسن مشيمع عن الوفاق قد أحدث فيها شرخاً داخلياً لما يرتق حتى الآن، فإن الفترة الماضية شهدت بداية حقيقية لتشكيل جديد (الوفاء الإسلامي) يستطيع – ولو بعد مدة – أن يكون البديل الجاهز للوفاق في الأوساط الشيعية الشعبية.

وهذا بالتحديد، ما يجعل الوفاقيين وكتلتهم النيابية أمام تحدٍّ جديد، يضاف للتحدي القائم في أعمال مجلس النواب، وهو أيضاً، ما سيدفع الوفاق في هذا الدور الجديد إلى أن تكون أكثر حدية وشراسة (إن صح التعبير)، وذلك بهدف الموازنة بين التحديين، داخل المجلس النيابي، وخارجه.

لقد كان لأخطاء كتلة الوفاق النيابية في بعض الملفات، ولسلبية الدولة في تعاملها مع مشاركة المعارضة نتائج، ومنها، أن مجموع ما خرجت به الوفاق في أدوار الانعقاد الماضية ضئيل لا يذكر، وذاكرة ناخبي الوفاق في هذا الصدد معطلة. وللأمانة، فإن هذا الأمر لا يعود للإخفاق الوفاقي في اللعب داخل المجلس النيابي مع الكتل الأخرى فقط، بل يمتد لطبيعة الشارع الشيعي أصلاً، المصاب بحالة من اليأس والتذمر، والمستعد لإعلان الهزيمة في أي وقت. وتحت أي ضغط. أضف إلى ذلك، ما يلعبه الإعلام المضاد للوفاق من الداخل، الذي تمثله التيارات السياسية المنشقة عليها، القديمة منها والجديدة، المتشددة والناعمة على حد سواء.

في دور الانعقاد المقبل، ستكون مهمة الوفاق إقناع شارعها وناخبيها بأفضلية خيار المشاركة في انتخابات 2010، وهو ما يتطلب الخروج ببعض المكافآت المجزية للناخبين في توقيت صعب وميزانية حكومية متواضعة. وهي في هذا الصدد مطالبة بالتنسيق والتهدئة والتحاور الإيجابي مع الكتل النيابية الأخرى. وفي ذات الوقت، سيكون عليها التأكيد على أنها لم تتراجع عن ثوابتها واتجاهاتها السياسية، خصوصاً وأن حق والوفاء لن تدخرا جهداً في المزايدة على هذا الملف، وهو ما يتطلب من الكتلة المنافحة وطرح الملفات العالقة حتى وإن كان الوفاقيون يدركون أن لا جدوى حقيقية من طرحها.

ما بين التهدئة والخروج بنتائج حقيقية للشارع من جهة، والتصعيد والتصادم والتأكيد على الثوابت من جهة أخرى، تحتاج كتلة الوفاق لضبط إيقاعها. وقد تكون حاجة الكتل الأخرى للإنجاز أيضا، نقطة الضعف التي على الوفاق قراءتها بدقة، واستثمارها.

مرت السنوات الثلاث الماضية من عمر الفصل التشريعي الثاني دون أن تبرهن الدولة على اهتمامها بأن تنجح الوفاق في المجلس النيابي، ولم تبدِ الدولة استعدادها للتنازل في أي من الملفات، وقبالة هذا التوجه، كان من الطبيعي أن تنشط خلايا وتنظيمات جديدة من رحم الوفاق، تتمرد على المشاركة، وعلى الوضع القائم ككل. وهو في المحصلة ما قد يتسبب في استمرار تراجع جمعية الوفاق وشعبيتها في الشارع الشيعي لصالح تلك القوى التي لا تبدو مستعدة للحوار مع الدولة، في توازٍ متطابق مع موقف الدولة الذي يصر على أن لا حوار خارج المجلس النيابي.

ومما سيجعل الأمور أكثر ميلاً للسلبية في النتائج، هو أن شهري نوفمبر وديسمبر سيكونان توقيت بداية هذا العرض المسرحي المعقد على الدولة والمعارضة معاً. وسيكون لنا – كما تعودنا كل عام – الدخول في فترة جديدة من القلق والاضطرابات الأمنية هنا وهناك، مضافاً لكل هذا، أن الأصوات المعتدلة في الدولة والمعارضة لا تزال في مواقعها محيدة، عاجزة عن التأثير في مسرح يحترق أعلاه، وأسفله.