منتدى استراحات زايد - الانقلاب الفقهي والسياسي في جدحفص الشيخ الشارقي والسيد المشعل أنموذج

مدينة جدحفص حبلى بالإحداث والطوارق المتغيرة ، وهي منذ زمن بعيد محط الإشكالات وهي أيضا محل الحل والعقد .
فنظرة سريعة للوراء قليلا تبرز أربع محطات تاريخية بل ومفصلية في جسم الطائفة الشيعية كانت جدحفص هي مدار الرحى فيها ومنها كان الداء ومنها في بعض هذه المحطات كان الدواء .
المحطة الأولى : المواجهة الفكرية بين التيار الإسلامي الشيعي والتيار اليساري في عقد السبعينات وكان للشيخ سليمان المدني رحمة الله عليه وأخوه الشهيد عبدالله المدني اليد الطولى في المواجهة حتى تحول الصراع من صراع فكري إلى صراع دموي استشهد فيه الشهيد عبدالله المدني .
المحطة الثانية : الخلاف الاخباري والأصولي في مسائل التقليد في عقد الثمانينات وما شهد من تراشق وإصدار كتيبات ومنع بعض الرسائل العلمية من التدريس بحجة الخلاف بين المدرسة الأصولية والإخبارية . وطبعا كانت جدحفص هي قطب الرحى في هذا الخلاف أيضا .
المحطة الثالثة : وهي فتنة أصحاب البدعة والسفارة والتي ابتدأت مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات فكان نصيب جدحفص من رجال السفارة نصيب الأسد ما يقارب الستة ممن اعتنقوا واشربوا عجل البدعة ، ومع هذا كان دواء وعلاج هذه الفتنة نابع من جدحفص أيضا فكان للشيخ سليمان المدني رحمة الله عليه مع سماحة الشيخ عيسى قاسم وباقي العلماء دور بارز في كشف زيف وكذب أصحاب السفارة وعقدت الندوات والمناظرات في جدحفص لتوعية الناس بخطر هذه الفئة المنحرفة .
المحطة الرابعة : فتنة التسعينات الكبرى والانشقاق الكبير في جسد البيت الشيعي نتيجة اندلاع الانتفاضة الشعبية وما صاحبها من موقف مخالف من قبل أتباع الشيخ المدني لمفرزات الانتفاضة .
هذه أربع محطات مهمة عصفت بجسم البيت الشيعي وكان لجدحفص دور وهذا أن دل يدل على حيوية هذا المنطقة وحيوية رجالها سواء إيجابا أو سلبا .
والآن نحن نشهد تحول وانتفاضة فكرية في منهج التقليد والمنهج السياسي ، والغريب أن هذا التحول والتجديد نابع من البيت الجدحفصي نفسه وكي أكون دقيقا في التعبير أقول في التيار المدني نفسه .
أما على المستوى التقليد والفقه بالتحديد هناك إعادة فرمته لفتاوى الشيخ يوسف البحراني (قد ره ) المقلد من غالبية أهالي جدحفص ، وإعادة قراءة من جديد على يد الشيخ جعفر الشارقي والذي يحاول أن يخرج الحدائق الناضرة للشيخ البحراني من الجمود والحكم الأولي إلى مواكبة المتغيرات والحكم الثانوي . ولعل إفطار الشيخ جعفر وإقامته صلاة العيد في يوم الأحد على خلاف رأي الغالبية ممن يتبعون الشيخ محمد طاهر المدني مع أن الاثنين ممن يقلدون الشيخ يوسف البحراني وهذا دليل على أن للشيخ الشارقي فهم وبراهين مغايرة لما هو موروث من فتاوى صاحب الحدائق .
وبهذا الخطوة قد فتح الشيخ جعفر الشارقي باب النقاش الفقهي في المدرسة الإخبارية مما جعل البعض يتوجس خيفة منه ويخافوا أن تكون بداية التحول إلى المدرسة الأصولية خاصة وان الشيخ الشارقي أصبح يكثر بسرد أدلة وبراهين لمراجع أمثال السيد الخوئي قدس سره والسيد الخامنائي دام ظله الوارث في الفتاوى الدينية مما يشكل خرق للسور المبني قديما لتحصين البيت الجدحفصي من الذوبان في مناهج كانت بعيدة وغريبة على الفكر الجدحفصي .

في الحلقة الثانية سوف أتكلم عن التحول السياسي .

تحياتي
محروس