![]() |
حمزة ..أسد الله وأسد رسوله ..@@ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته كان سيدنا حمزة ، رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه في سنه ، كان ترب النبي ، وكان أخاه من الرضاعة في الوقت نفسه ، وكان ذكياً وعاقلاً ، وكان حصيفاً إلا ، أنه سلك مسك زملائه من الشباب حينما أقبل على الدنيا . النبي عليه الصلاة والسلام أقبل على ربه ، وهو أقبل على الدنيا ، ولكن لا يخفى أن هذا الصحابي الجليل كان على مستوىً رفيع من العقل ، ومن الشجاعة ، والمروءة ، ولكنه انصرف إلى ما انصرف إليه الناس ، أحياناً تجد إنسان يقع في مخالفة ، لكن له معدن طيب ، له معدن نبيل ، عنده مروءة ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام : ((خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام )) . هؤلاء الذين أسلموا لهم جاهلية ، ولكنهم وهم في جاهليتهم كانوا كراماً ، كانوا أصحاب مروءة ، كانوا أصحاب إنصاف ، فسيدنا حمزة مع أنه سلك مسلك أترابه قبل البعثة ، لكنه يعرف أنه لسيدنا محمدٍ عليه الصلاة والسلام شأناً كبيراً ، يعرف أن ذا أخلاقٍ رفيعة ، هذا الذي عرفه عن النبي كان ممهداً لإسلامه كان سيدنا حمزة لا يعرف النبي عليه الصلاة والسلام معرفة العم بابن أخيه ، كانت معرفة الصديق للصديق ، والأخ للأخ ، كان تربه وكان أخاه من الرضاع ، طبعاً حينما نشئا نشآ معاً ، ولعبا معاً ، وتآخيا معاً ، وسارا معاً ، لكن النبي أقبل على ربه ، وسيدنا حمزة اتجه إلى ما اتجه إليه الناس . في صبيحة أحد الأيام خرج سيدنا حمزة كعادته إلى الكعبة ، وعند الكعبة وجد نفراً من زعماء قريش ، فجلس معهم يستمع لما يقولون ، وكانوا يتحدَّثون عن سيدنا محمد ، ولأول مرة رآهم يقلقون من دعوة ابن أخيه ، وتظهر في أحاديثهم نبرة الحقد والغيظ والمرارة ، هو أعلن عن عدم مبالاته ، وخفف عنهم ، وقال : أن الأمر ليس خطيراً ، وهم يعرفونه أنه يعرف حجم هذه الدعوة الجديدة . الشيء الذي يلفت نظرنا في هذه السيرة ، أنه خرج مرةً من داره متوشِّحاً قوسه ، ميمِّماً وجهه شطر الفلاة ، ليمارس هوايته المحببة وهي الصيد ، وكان صاحب مهارةٍ فائقةٍ فيه ، وقضى هناك بعض يومه ، ولما عاد من قنصه ـ أي من صيده ـ ذهب كعادته إلى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعاً إلى داره ، وقريباً من الكعبة لقيته خادمةٌ لعبد الله بن جُدعان ، ولم تكد تبصره حتى قالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمدٍ آنفاً من أبي الحكم بن هشام ، وجده هناك جالساً ؛ فآذاه ، وسبَّه ، وبلغ منه ما يكره . هو في الجاهلية ، لم يسلم بعد ، لكن أعماقه تحب النبي ، صديقه ، وتِرْبَه ، وأخاه من الرضاع ، ونشأ معه ، والعاقل والذكي يقدِّر ، مضت هذه الخادمة تشرح لسيدنا حمزة ما صنع أبا جهلٍ برسول الله ، واستمع هذا الصحابي الجليل لقولها جيداً ، ثم أطرق لحظةً ، ثم مد يمينه إلى قوسه فثبَّتها فوق كتفه ، ثم انطلق في خطىً سريعة حازماً صوب الكعبة ، وفي هدوءٍ رهيب تقدَّم حمزة من أبي جهلٍ ، ثم استلَّ قوسه ، وهوى به على رأس أبي جهل فشجه وأدماه ، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة ، صاح حمزة في أبي جهل : أتشتم محمداً ، وأنا على دينه ، أقول ما يقول ، ألا فرد ذلك علي إن استطعت . هذا الصحابي الجليل ، عم النبي عليه الصلاة والسلام ، أسلم في ساعة غضب ، هناك أشخاصٌ يسلمون بعد التروي ، والأخذ والرد ، والمحاكمة ، والحسابات ، في هذه اللحظة التي لم يحتمل أن يصاب ابن أخيه بالأذى من قبل أبي جهل ، أعلن إسلامه صراحةً ، وانتهى الأمر . لكن بعد أن أسلم شعر أن هذا الدين فيه التزامات ، وأنه ترك دين آبائه ، هذه فطرة بالإنسان ، لأن الإنسان يكره ترك ما ألفه ، قال المتنبي : خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا فسيدنا حمزة أعلن إسلامه ، وترك هذا الجمع الذاهل يجتر خيبة أمله ، وأبا جهلٍ يلعق دماءه النازفة من رأسه المجروح ، ومد حمزة يمينه مرةً أخرى إلى قوسه ، فثبتها فوق كتفه ، واستقبل الطريق إلى داره في خطواته الثابتة ، وبأسه الشديد . وفي البيت وقع في صراعٍ مع نفسه ؛ ترك دين آبائه ، لم يألف هذا ، لم يعرف ما الإسلام، ما حقيقته ، وغير ذلك ، هذا الصراع والأخذ والرد، والتمزق الداخلي ، ألجأه إلى أن يطوف حول الكعبة وأن يستخير الله عزَّ وجل ، يروي ويقول : ثم أدركني الندم ـ على هذا الإسلام ـ على فراق دين آبائي وقومي ، وبت من الشك في أمرٍ عظيم لا أكتحل بنوم ـ ما عاد نام ـ ثم أتيت الكعبة ، وتضرَّعت إلى الله تعالى أن يشرح صدري للحق ، ويذهب عني الريب ، فاستجاب الله لي وملأ قلبي يقيناً ـ لأنه طالب حق وصادق ـ وغدوت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته بما كان من أمري ، فدعا الله أن يثبِّت قلبي على دينه " . وهكذا أسلم سيدنا حمزة ، من عمالة الإسلام ، من عمالقة المسلمين، وله أعمال عظيمة جداً ، ومن ذهب إلى المدينة المنورة في مزار لسيدنا حمزة بأحد ، مزار كبير إذا وقف عند هذا المزار عند قبره رضي الله عنه ليذكر هذه المواقف القادمة . الله سبحانه وتعالى أعز الإسلام بحمزة ، فإذا كان للإنسان شأن ، غني ، عالم ، وظف قوته وغناه وعلمه للحق فهذا شرف له ، أعز الله الإسلام بحمزة ، ووقف شامخاً قوياً يذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن المستضعفين من أصحابه . منذ أن أسلم سيدنا حمزة ، نذر كل عافيته ـ دققوا في هذه الكلمات ـ وكل بأسه ، وكل حياته لله ولدينه ، حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم فقال : ((حمزة أسد الله وأسد رسوله)) . نذر كل عافيته ـ كل صحته ـ وكل بأسه ـ شجاعته ـ وكل حياته ، وكل ماله لله ولدينه ، والإنسان سبحان الله إذا وزن نفسه مع هؤلاء يتلاشى نهائياً ، ماذا فعلت أنت ؟ نحن ماذا فعلنا ؟ ماذا قدَّمنا ؟ نقدم شيئاً يسيراً ونمن على الله به ، نذر كل وقته ، كل بأسه ، كل حياته ، كل عافيته، كل ماله لله ولدينه ، حتى أن النبي عليه الصلاة والسلام خلع عليه هذا اللقب فقال : ((حمزة أسد الله وأسد رسوله )) . |
الساعة الآن 01:18 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir