![]() |
لم ولن نطعن الوفاق http://bj-media.net/wp-content/uploa...jawadwahab.jpg جواد عبدالوهاب استلمت في الأيام القليلة الماضية العديد من الرسائل على بريدي الالكتروني، أغلبها تعاتبني على ما كتبته حول تصريحات النائب السيد حيدر الستري، بعض هذه الرسائل من أشخاص في تيار الوفاق، والبعض الآخر من أعضاء في جمعية الوفاق. وقد أصر أصحاب الرسائل على اتهامي بأنني شاركت بقصد أو غير قصد في الحملة المنظمة التي يشنها المغرضون على جمعية الوفاق بين الفينة والأخرى. وليست هذه المقالة رد على تلك الرسائل، أو دفاع عن النفس بقدر ما هي تعبير عن حزن عميق لما آل إليه حالنا، ذلك أنه من الصعب علينا أن نوجد من دون أن نعي تصورنا لواقعنا المعاصر الذي طغى عليه الفكر التبريري والتقديس الأعمى للأشخاص والمؤسسات، الأمر الذي لا يخدم لا المؤسسات ولا الشخصيات. إن الفكر التبريري الذي ابتلى به مجتمعنا لا يزال يفعل فينا ويشكل بطريقة خاطئة عقلياتنا ويحدد سلوكنا اليومي، حتى أصبح فكرنا تزيينا وتجميلا لفكر المؤسسة والرمز حتى لو كان خاطئا، وقد يبلغ التبرير درجة يصل فيها إلى حد المزايدة على الرمز حتى لو كان هذا الرمز غير راض عن ما صدر من أتباعه من ممارسات وتصريحات خاطئة. في حين أن مهمتنا جميعا النقد لا التبرير، وبيان أوجه النقص وليس مباركة صفات الكمال، ذلك أن في التبرير تضيع الحقيقة وتصبح تابعة لهوى المؤسسة والرمز. ينتظر أصحاب الفكر التبريري موقف القائد أو الرمز في مشروع ما ثم يبدءون في الإفاضة والشرح وبيان أوجه الحكمة وصواب النظر، ونفاذ البصيرة، والزهد والتقوى، ثم بعد ذلك يبررون موقفه المعاكس في ذات المشروع، حتى يصبح الرمز حكيما وبصيرا في كلا الموقفين، حكيما وبصيرا في رفض المشروع، وأيضا حكيما وبصيرا في قبول المشروع. لذلك أصيب شعبنا بمرض اللون الواحد، والخط الواحد، في حين أن تراثنا الثقافي والديني قد قام على اختلاف الآراء وتعدد وجهات النظر لأن (اختلاف أمتي رحمة) كما قال النبي الأكرم (ص). إن من يتصور أن النقد هو الطعن من الخلف – كما جاء في إحدى الرسائل – فهو واقع في خطأ كبير، فانتقاد الشخصيات والمؤسسات وتبيان الهفوات والأخطاء التي تقع فيها هو أكبر خدمة تُقدم لتلك المؤسسات ولأولئك الرموز، ذلك أن ممارسة عملية النقد البناء يبني ولا يهدم ويقوي المؤسسات والأشخاص ولا يضعفهم، ويجعلهم دائمي الحرص على أن لا يقعوا في الأخطاء لأنهم يشعرون بأن هناك أناس تراقبهم وتحاسبهم. لم نطعن الوفاق ولن نطعنها لا هي ولا غيرها من الجمعيات لا من الخلف ولا من الأمام، بل سنقوم بخدمتها والجمعيات الأخرى من خلال مراقبتنا لأدائها، ومن خلال نقدها الذي يهدف إلى تصويب المسار إذا ما حدث أي اعوجاج لا سمح الله. وإذا كانت الوفاق قد نصحت السلطة في يوم من الأيام بأن لا يضيق صدرها من الرأي الآخر، فيجب عليها الالتزام بذلك أيضا. وأخيرا أعتقد أن الوفاق تتفق مع الجميع بأن الوضع الذي بلغته ساحتنا وما نعانيه جميعا من مشاكل خطيرة تعود إلى سبب واحد. هو عدم قدرتنا على التعايش مع الآخر سواء في الدوائر الضيقة أم الواسعة، فقد أحدث هذا المرض تداعيات أهونها عجزنا الفكري والسلوكي وعدم قدرتنا على تحقيق إمكانية العيش في الذات مع الآخر ومثاقفته وممازجته فكرياً. ومن الواقعية القول إنه لا يجب القفز على الأخطاء والسلبيات وإبقاءها تتراكم في سلة المهملات العقلية، بل يجب غربلتها، لأن عدم النظر إلى الوراء هو قفز على واقع أخر معلوم والعبور لواقع أخر مجهول قد يحمل نتائج سلبية خطيرة، فمن دون مراجعة الماضي ودراسة الأسباب والمشاكل التي عملت على وصولنا إلى ما نحن فيه اليوم يعد عملاً غير منطقي في عالم لا يسير إلا وفق ضوابط وقوانين تنظم التعايش بين الآراء والأفكار. |
الساعة الآن 11:53 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir