منتدى استراحات زايد - الفئة الضالة تخلق لنفسها جنة كاذبة !

الفئة الضالة تخلق لنفسها جنة كاذبة !

http://www.albiladpress.com/columns/1245367096.jpg
اسامه الماجد

إن المتطرف الذي حاول اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف، يعتبر بلا أدنى شك من الأشخاص الذين يقرؤون في كتب الدين ويخرجون عن الحد... وهو ينتمي إلى جماعة لا تعرف الاعتدال في مجال المعرفة... فهناك من يقرؤون الكتب وكأنهم يبتلعونها. إنها لا تجر عليهم إلا المغص والتخمة العقلية. وهناك من يتناولونها تناول الغذاء والشراب، لتصبح دما من دمهم ولحما من لحمهم. أولئك تنطبق عليهم كلمة حب الاستطلاع، وآخرون يلهثون وراء الاجتهاد وحب المعرفة. ولا بد من التفرقة بين هاتين الكلمتين اللتين تمثلان الاعتدال والتطرف في النزوع إلى المعرفة والتجربة وإدراك التنوع في كل شيء... والطموح الطبيعي إلى التعرف.

إن إرادة المعرفة، هذه الملكية العالية من ملكات الإنسان، في حاجة دائمة إلى الحكمة التي تضع لها الحدود التي ينبغي أن نقف عنده. على الإنسان أن يعرف لنفسه حدا لا يتجاوزه في معرفته للأشياء، حتى لا يقع في التناقض والوهم، ولا يسبح في التأمل الأجوف بعيدا عن أرض الواقع المتاح.
إن التطرف كحال هؤلاء “الفئة الضالة”، يفقد الإنسان نفسه من حيث يريد أن يثبت وجودها. فكل خطوة على طريق التطرف هي في الواقع خطوة على طريق اليأس. إن المتطرف يخلق لنفسه جنة كاذبة، ويسير في نفق يصنعه بنفسه. ولكن سرعان ما يكتشف أن الخروج عن الحد هو اليأس بعينه. وما الاعتدال في نهاية الأمر إلا نقاء القلب.
مع الأسف، إن تجارب الحياة الكثيرة لم تردع هؤلاء المتطرفين، ولا يريدون أن يعترفوا بحرمة النفس البشرية، وبأن لا مكان للامتهان والجور في هذا الزمن... إنهم جماعة يزدحم تاريخها بالتطرف والتهور والجنون، بل وتخلق هذا التطرف في كل لحظة من جديد، وتقتات من الانحرافات، وتزكي الانفلات من كل القيود والحدود التي تفرضها طبيعة البشر المحدودة.

على هذه الفئة الضالة التي تحاول عبثا أن تهدد أمن الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، أن تبحث عن التوازن بينها وبين العالم الذي تعيش فيه، عليها أن تتعلم احترام الإنسانية. كما يجب أن تعلم أن التزام الحد والاعتدال في كل شيء، ليس رأيا، ولا فكرة تقبل الجدل والمناقشة، بل واجب ملح يلقي بثقله كله على الجيل بأكمله. وإذا كانت العصور السالفة قد عرفت أن فضيلة احترام الحدود تكريم للإنسان وضمان لسعادته وسلامته، فإن العصر الحاضر لا بد أن يدرك أن بقاءه أو زواله مرتبطان بمقاومة التهور والتطرف...