منتدى استراحات زايد - نص خطبة الشيخ عيسى قاسم حول تصريح الستري ( نزاهة رجل وخطأ كلمة )

نزاهة رجل وخطأ كلمة .

الكلمة هي ما يدور حولها كلام كثير هذه الأيام , والرجل وهو قائلها سماحة السيّد حيدر الستري حفظه الله , وتعليقي على الموضوع هو الآتي .
الإمام عليّ ابن أبي طالب ( ع ) هو الرجل الأول بعد رسول الله ( ص ) كمالا , وكماله لا يجارى , ينحدر عنه السيّل ولا يرقى إليه الطيّر , الطيّر المجنّح المحلّق , السابح بعيدا في الفضاء الرفيع , القاطع للمسافات الطويلة صعدا صعدا , وليس المقصود طائرا من أمثالي لا يعرف التحليق ! وإن الدنيا لن تلد عليّا جديدا , أو عليّأ مثل عليّ ( ع ) , والإمام عليّ ( ع ) قدوة المسلم والمؤمن كما هو الشأن في رسول الله ( ص )" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة من كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " , وعن علي ( ع )" أعينوني بورع واجتهاد " ويسعى المؤمن جاهدا على طريق رسول الله ( ص ) ووصيّه (ع) مقتديا ومتأسيّا ما استطاع دون لحاق ! وإن اكتسب ما اكتسب مما لهما من هدى ونور , ودون أن يقرب من سماء العبودية الصادقة لله تعالي والتي لا طريق لإنسان بالعزّة إلا بها , إذ لا شيء للإنسان على الإطلاق من نفسه أو غيره من دون الله , ولا طريق للعبد لشيء من العزّة المعطاة من الرب إلا بأن يذل , ويخضع , ويخشع , ويستكين لله القهّار , ولا عزّة لأحد أبدا إلا عن طريق معراج العبوديّة للعزيز المقتدر بالذات , وتبقى المسافة شاسعة بعيدا بين عليّ ( ع ) في علياء عبوديّته لله الواحد الأحد , وبين عظماء تلامذته في فنّ الرقي الصادق والسموّ الحقيقي عبر معراج العبودية إلاه الحق , من مثل سلمان المحمدي وأبي ذرّ بحيث لا يسمح ذلك البعد في الفارق في المسافة , للتشبيه الدقيق بين الطرفين , بين سلمان والذي يقال عنه في الدرجة العاشرة من الإيمان وبين عليّ ( ع ) .
ولنا على مدى التاريخ فقهاء كبار مخلصون , وعرفاء أتقياء صالحون , وهم من عشّاق عليّ ( ع ) وخريجي مدرسته , وفيهم قدوات عالية ومعلموا أجيال , وإنهم ليتشرفون بأن كانوا ويكونون من تلاميذ تلاميذ مدرسته ( ع ) .

السيد حيدر الستري أعزّه الله , من أهل البصيرة في هذا الأمر , والإيمان العميق بهذه الحقيقة , وهو المتغنّي بها في نثره وشعره , وهويته مشدودة إليها بقوّة , وعليها نبت لحمه واشتدّ عظمه , وقد تشرّبتها روحه الشريفة مع لبن الرضاع , ويرى فيه أنه لا يضحي بهذا الإيمان بثمن هو الدنيا مضاعفة أضعافا , وأنه يعطي نفسه ثمنا رخيصا لهذا الإيمان , فمن الظلم أن يزايد على السيّد في هذا المجال .

هتافات ( معكم معكم يا علماء )

وكرسي النيابيّ وما هو أكبر منه بمرات قذارات ورجس , لو كانت ثمنه شيئا ولو يسيرا من دين المؤمن وشرفه , على أنه ليس من الدين ما هو شيء رخيص , وحاشا للسيد أن يقدم على هذه القذارة , قذراة الكرسي النيابي يثلم من شرفه ومن دينه , وما هو بمحل ظن سوء كما قد تذهب عند البعض الظنون , والكرسي المذكور لا شأن له في نفسه ولا في ما يفتحه من فرص عند مؤمن , وهو طريق لغاية شريفة لا أنه في نفسه غاية .
وطلب الدنيا أنما يكون الطريق إليه بمحاباة من يملكون من الدنيا الكثير المبذول لشراء الذمم , أما من لا يملكون دنيا عريضة , أو ليسوا من باعة الذمم , ولا ممن يبتاعونها ليضلوا الناس ويفسدوا في الارض , فلا يطلبه يد طالب دنيا بمحاباه .
وعن الكلمة التي جائت على لسان السيّد الكريم , فالحكم عليها بأنها خاطئة , وقد تجاوزت كثيرا تجاوزا غير مقصود , وسجلت جرأة غير محتملة , ولا أراها إلا أنها تسللت الى الخطاب في حين غفلة , وأستغفر الله لي ولأخي السيد الكريم منها زلة , ومن منّا من لا يخطأ ؟ ولا تغلبه الكلمة على الإطلاق ؟ وأما عن هذا القاصر المقصّر عيسى فإنه يرى نفسه مسبوقا جدا في الخيرات والعمل الصالح وأبعاد كثيرة من أبعاد الشخصية الإيمانية لكثير من أخوته وأحبته في الله في هذا البلد البحرين , من علماء وطلاب علوم دينية وغيرهم , وعليه فكيف يرى نفسه مصداقا لما قيل ! وأنى له أن يظنّ بنفسه شبها بالأقلّ من أصحاب أمير المؤمنين ( ع ) الذين كانوا شيعة له بحق في ما كانوا له من مقضى الإيمان , حتى يدخل في ذهنه التفكير في ذلك بالقياس الى إمام المتقين .

هتافات لبيك يا فقيه

ولو ظنّ أو فكر فهو المغرور , والمغرور خاسر ولا قيمة له , يبقى الهاشميّ الأبيّ الكريم بإذن الله , كما هو القوي في دينه وموقفه الجهاديّ , وصفاء إيمانه , وإستمساكه بأهل بيت نبيه ( ص ) وقدرته الإشعاعية في المساحة الواسعة من حياة المجتمع , ويبقى الحقيقة بثقة المؤمنين وإلتفافهم وإنتفاعهم بهديه , وعلينا أن نعرف أن الجواد يكبو والسيف يمهو , ولكن السيّد الكريم لا يرتقب منه أن تتكرر الكبوة , أو تتثنى النبوة , والله هو العاصم ونعم المولى ونعم الكفيل .