المحفوظ : شهر رمضان المبارك شهر التغيير
 

الوقت / أعمدة
شهر رمضان المبارك.. شهر التغيير
محمد علي المحفوظ

http://www.al-hodaonline.com/np/11-8-2008/images/11.jpg

من يتابع الأحداث التي تعصف بعالمنا الإسلامي يصاب بالحيرة والدهشة فالمشهد يعبر عن نفسه بصورة

مأساوية فالتفجيرات الغاشمة التي تستهدف الأبرياء من النساء والأطفال في العراق تكاد تكون وكأنها قدر لا بد منه،

ثم لا يختلف الأمر كثيراً حينما تتوجه الأنظار إلى أفغانستان التي يعاني فيها الناس من كل شيء وكأنه قد كتب

على الأفغانيين أن يرافقهم الموت لا جوعاً أو فقراً وإنما تفجيراً حتى النخاع، ثم لو تابعت المشهد السياسي في

معظم عالمنا الإسلامي فسوف تشاهد وتسمع عن سجناء ومعتقلين بتهم تحت مبررات غير مقنعة أو محاكمات

أو نزاعات أو مطالبات بحقوق مفقودة وقد تسمع وترى ما هو أسوأ من ذلك حين يتم استخدام الطائرات والمدافع لقصف

الناس في مواجهات هي أشبه بحروب بين أعداء متقاتلين، وكل هذه المشاهد تحز في النفس وتؤلم القلب وكأننا

لسنا الأمة المرحومة التي تنتمي إلى نبي الرحمة المهداة الذي يقول عنه ربنا عز وجل: ''وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ''

[الأنبياء : ,107 والغريب أنه ربما تعود الناس في عالمنا على هذا الحال وكأنه قدر الأمة المكتوب ولكن الأمر ليس كذلك

حتماً حيث أن القضية ترتبط بمسارات خاطئة ينبغي العمل على تصحيحها بدلاً من الخضوع والركون لهذا الواقع السلبي

والتسليم له وحيث إننا نعيش في أجواء شهر رمضان المبارك الذي هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام

ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات كما جاء في خطبة للرسول الأكرم نبينا محمد(ص) فإننا بحاجة إلى

وقفة مع النفس ومراجعة الحسابات وتصحيح المسارات على الصعيد السياسي والاجتماعي والأخلاقي للخروج من

حالة الأمة المأزومة إلى حالة جديدة وبعقلية مختلفة يسودها التطلع والطموح والعمل على تعزيز ثقافة الشهر

الفضيل التي تتسم بالتكافل والتفكير في المحرومين والمحتاجين وكما جاء في خطبة الرسول الأكرم نبينا محمد(ص)

''واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه، جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم،

وارحموا صغاركم'' إذ لا بد من الخروج من دائرة الأنانيات والاستئثار التي تسود السياسات الحكومية في عالمنا الإسلامي

والتفكير الجدي في بناء مجتمعات عزيزة من خلال نظم سياسية تحفظ للناس حقوقهم وتصون كراماتهم ومن خلال

سياسات تعتمد الصدق والعدل والمساواة والتوزيع العادل للثروة بدلاً من الاستئثار به من قبل فئات من دون وجه

حق شرعي أو قانوني.

إننا بحاجة للتغيير ولن نجد أفضل من شهر رمضان المبارك فرصة ذهبية لكي نبدأ من خلاله مناخ صالح توفره لنا أجواء

هذا الشهر الفضيل ولكن الأمر بحاجة إلى جدية وإرادة وتصميم وليس إلى مجرد أمنيات تراوح مكانها وإن ما يؤسف له

أن يتم التعامل مع شهر رمضان المبارك بطريقة تقليدية أو يجعل منه مجرد ''تراث'' أو ''فولكلور'' من خلال تجميد الحركة

والسعي والانجازات والاستعاضة عن ذلك بطريقة سلبية من خلال أجواء عبثية و ''إلهائية'' و''ترفيهية'' من خلال برامج

إعلامية هابطة أو ما سمي بالخيم الرمضانية حتى أن الثقافة الفاسدة ربما أوجدت قناعات عند الكثير من الناس في

مجتمعاتنا أن هذا هو الحال في شهر رمضان وأن هذه هي الطريقة التي ينبغي أن يتم إحياء ليالي الشهر الفضيل

من خلالها بينما الأمور ليست كذلك فشهر رمضان المبارك هو شهر الانجازات العظيمة فمن خلاله استطاع المسلمون

أن يحققوا انتصارهم الأول والمصيري على الكفار في غزوة بدر الكبرى وفي هذا الشهر الفضيل ليلة القدر العظيمة

التي هي خير من ألف شهر وفيه أيضاً مولد الإمام الحسن بن علي ابن أبي طالب(ع) سبط الرسول الأكرم(ص) وفيه

أيضاً شهادة إمام المتقين علي ابن أبي طالب(ع) وفيه الكثير من الأحداث التاريخية والمعرفية والتربوية التي هي بحق

من الكنوز المعنوية والأخلاقية التي ينبغي أن نتوقف عندها ونتزود منها لكي نبدأ مسيرة التغيير نحو صياغة أمة الأمن

والرفاه والعلم والفضيلة فهل نحن على استعداد لأن نكسب التحدي والرهان فنستعيد هويتنا من خلال شهر رمضان المبارك.

نسأل الله أن نكون كذلك وكل شهر رمضان وأنتم بخير.

- الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي (أمل)