منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   فتذروها كالمعلقة ( عفاف الجمري ) (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=204180)

محروم.كوم 08-10-2009 06:10 PM

فتذروها كالمعلقة ( عفاف الجمري )
 
فتذروها كالمعلقة
عفاف الجمري


عاشت معه حياة سعيدة لما يربو على عشر سنوات أنجبا فيها ولدا وبنتا لا يكدر صفو حياتهم شيء إلى أن ظهرت في حياتهم صديقة أخذت تتردد عليهم وتحضر الهدايا وتتقرب من الزوج.

ولأنها في سن أمه لم تشك الزوجة بشيء إلى أن جاء يوم فتحت عيناها صباحا فلم تجد زوجها ولا شيء من متعلقاته الشخصية، حسبتها مزحة بادئ الأمر بحثت عنه في كل مكان فلم تجده وطال البحث وامتد من أيام إلى شهور ومن شهور إلى سنين، عرفت أثناءها أنه تزوج الصديقة التي تتردد عليهم وانتقل بهدوء للعيش معها في منزلها تاركا أسرة بلا معيل ولم يسأل حتى بالهاتف عن أطفاله لتبدأ بعد ذلك هي وأطفالها رحلة مضنية منذ أن تحول اسمها من متزوجة إلى معلقة فلا هي زوجة فتحصل على حقوقها كزوجة ولا هي مطلقة فتحسم أمورها كمطلقة لتبدأ حياة جديدة ويحصل الطفلان على حقوقهما.

وللأسف لازالت المحكمة تحكم بثلاثين ديناراً فقط لكل طفل ويتملص الزوج من ذلك أيضا بمختلف الحيل، لا ينفق عليهم ولا هي تعمل ولا نصيب لها من علاوة الغلاء فهو مازال الزوج في الأوراق الرسمية وبيت الإسكان الذي تسكنه مسجل باسمه، طرقت أبواب المحاكم ففوجئت بجيش موزع على مختلف المناصب حتى المحامين، مكلف بحماية زوجها وكل من هم على شاكلته من أن تنال شعرة منهم بأذى وعليها إن أصرت على إنهاء محنتها بالطلاق - طبعاً - لأنه لا يريد الرجوع. عليها أن تخرج من المنزل هي وأطفالها إلى المجهول، وإن كان لديها شيء من متاع الحياة - أي شيء - كأن يكون لديها إرث مهما غلا ثمنه أن تتنازل عنه، وإلا فإنها تبقى معلقة إلى الأبد وتكون شاكرة إن سلمت سمعتها من التدنيس وتلفيق تهم تتعلق بالشرف أو الدين.

بيد أن تغريم الزوج لزوجته كل ما تملك هي وأسرتها وكل من يمت لها بصلة في مقابل الحصول على الطلاق فعل غير شرعي. فمن المستغرب جري عرف المحاكم الشرعية عليه فالله سبحانه وتعالى يقول «ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا»[1].

يقول آية الله يوسف صانعي «كون الطلاق بيد الرجل لا يولَّد مشكلة، والمشكلة تحصل ما إذا أراد الرجل الطلاق من دون داعٍ، وهذا محل بحث، لأنَّ المرأة إذا لم تكن راضية عن الرجل واستعدَّت لدفع جميع مهرها لتتخلَّص من الرجل فعلى الرجل الطلاق وجوباً، كما هو رأيي ورأي عدَّة من كبار فقهائنا المتقدّمين، فكما يطلق الرجل ويدفع مهر المرأة كذلك المرأة تدفع مهرها وتوجب الطلاق على الرجل، وهو ما يُدعى بـ «الخلع». ولو لم يطلّق الرجل طلّقت المحكمة المرأة مكان الرجل. وبذلك تتحقق العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة في قضية الطلاق».

فإذا كان الرجل هو الذي يريد الطلاق فإن عليه أن يدفع المهر بالكامل والعكس صحيح من دون أن يكون للرجل الحق في تعليق المرأة إذا دفعت له مهره فقط لا أكثر كما هو حادث عندنا.

القرآن الكريم يذكر أنه إذا كان هناك اضطرار للطلاق فإن ذلك يتم بإحسان ومعروف وجمال، أي ليس فقط من دون مضرة، بل بطريقة تخرج منها المرأة مكرمة، فتذكر الآيات: «فمتعوهن»، أي أعطوهن مالاً عند الطلاق كل على حسب طاقته. «ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره»[2]. يحمل هذا عنوان الاعتذار وفيه شيء من تطبيب النفس «فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً» [3]، «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»[4]، «فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف»[5]. وينهانا القرآن الكريم عن أن يمنع الزوج الزوجة من الطلاق للضرر، وذلك ليقايضها بمال أو لينتقم منها كما ورد في الآية «ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا»[6]، وقوله تعالى: «ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن»[7]. أي: لا تضيقوا عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن.

في واقعنا لو فكرت المعلقة بالاستفادة من مكتسبات العملية الديمقراطية مثل علاوة الغلاء فعليها أن تثبت أنها (معلقة) بورقة رسمية في حين لا يوجد في عرف المحكمة هذا الأمر فلا تعطيها.

القضية المذكورة آنفا ليست من وحي الخيال بل لامرأة روتها لي بنفسها وغيرها الكثيرات ممن لا يجدن آذانا صاغية لهن إما بسبب عدم المبالاة أو الخوف من الاتهام في صحة الدين. وقد خرجت علينا الصحافة بخبر أولئك النسوة اللاتي تجرأن واعتصمن أمام وزارة العدل مع أطفالهن لأكثر من مرة كحل أخير بعد أن باءت كل حيلهن بالفشل، ولأنهن كما ذكرن لم يبق هناك شيء يخشين عليه من الخروج. فإضافة للهجران وضياعهن مع الأطفال وحرمانهن من الخدمات الإسكانية وبدل الإيجار وعلاوة الغلاء إضافة لكل ذلك تم التشهير بهن في العرض وفي الدين.

قبل نحو أسبوعين عرضت قناة «العربية» تصويراً لوقائع بعض جلسات قضايا الطلاق في إيران وما رأيناه يسيل له اللعاب من المستوى المتقدم عندهم علينا بلا حدود. فمن القضايا: ظهرت امرأة رافعة شكوى على زوجها ليس لأنها معلقة بل هو يعيش معها وينفق عليها وعلى الأولاد لكنه لا يعطيها حقها في الفراش، حيث يحضر إلى المنزل متأخرا فكان رده بأنه يتعب في العمل فينام ويأتي متأخرا، فردت الزوجة: بأنه يأتي وهو متأنق في اللبس ومتعطر، وأثناء الحديث لاحظ القاضي أثر الضرب على وجه ابنهما فاستوقف وسأل: ما هذا الضرب؟ فقالت الأم بأن أباه حضر متأخرا وضربه. عندئذ قضى القاضي على الزوج بالدية عن ضرب ابنه وبأن يستقيم مع زوجته ويعطيها حقوقها وإلا فالطلاق.

إن أكثر ما صدح به الرسول (ص) هو المرأة والطفل «رفقا بالقوارير» قيل وما القوارير قال: النساء. وقال (ص) «رفقا بالضعيفين المرأة والطفل الصغير». وفي الحقيقة أن هذين العنصرين هما اللذان توليهما العناية - أو تدعي على الأقل - أي حضارة متقدمة أو دولة أو حركة أو حزب. إن الاهتمام بهذين العنصرين لهو المقياس الأدق لمدى إنسانية أي حضارة أو جهة ما ومدى أحقيتها ونحن مجتمع مسلم متدين على الأغلب نصدح ليل نهار في صلواتنا بدعاء الإمام السجاد(ع): «اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره». فهل أدعيتنا هي فقط لقلقة لسان؟ وما هو ترجمتها على أرض الواقع؟ وما هو عذرنا أمام الله سبحانه يوم نلقاه؟ هل هي دهاليز السياسة التي شغلت كل الأطراف المتنازعة عن النواحي الإنسانية بحيث أن حتى من يعطيها شيئا من الاهتمام فإنه محسوب بدقة بالقدر الذي يحقق مصالحه السياسية ويغيظ خصمه؟ اللهم إني أعتذر إليك.. اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد.


الساعة الآن 01:10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227