التمييز ضد الشيعة في البحرين / الدكتور منصور الجمري : البحرين بلد واحد و«إسكان واحد»
 

البحرين بلد واحد و«إسكان واحد»

لعل الأمر المهم الذي صدر عن أوساط مقربة من النافذين في دائرة صنع القرار - عند التعليق - على إسكان «القرى الأربع» هو أن الإسكان في البحرين للجميع، ويجب أن يستفيد منه المواطنون حسب الأقدمية، وليس حسب المنطقة ومدى القرب منها.

وبالتأكيد فإنني وكثير من أمثالي من المؤيدين لهذا المبدأ، إذ إن ابن الدراز وابن الرفاع وابن سترة وابن الزلاق، جميعهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. وعليه، وبما أننا في بلد واحد فإن الإسكان يجب أن يكون للجميع، في أي مكان كان.

المشكلة أن الحكومة، أو من بيدهم القرار، لم يخرج أحد منهم إلى العلن ويصرح ويقول إن السياسة التي ستتبعها الدولة من الآن وصاعدا في كل مشروعات الإسكان - في كل مكان - ستكون بحسب «الأقدمية» بغض النظر عن المنطقة التي يعيش فيها المواطن حاليا.

ولحد الآن، فإن التصريحات التي صدرت بعد أن قرّر من بيدهم القرار مخالفة الوعود الرسمية المكتوبة لأهالي «القرى الاربع»، جميعها صدرت من أشخاص مستفيدين شخصيا من إطلاق هذه التصريحات. وهناك عدة تفسيرات لهذه السياسة الحالية.

لعل من اتخذ قرار مخالفة الوعود الرسمية واختلاق اسم «هورة سند» ليس شجاعا بالدرجة الكافية ويخشى فيما لو صرح برأيه أن يُكتشف ويمنع من مخالفة الوعود الرسمية المكتوبة في هذا المشروع وفي المشروعات الأخرى المقبلة، وبالتالي ستنكشف أمور كثيرة لايتحمل انكشافها.

التفسير الآخر هو أن من أخذ قرار حرمان أهالي القرى الأربع من إسكانهم لا يؤمن بأن الوحدات السكنية في كل أنحاء البلد ستكون لكل المواطنين بحسب الأقدمية، لأن هذا سيعني أن الفئة المتضررة من مخالفة الوعود الرسمية في هذا المشروع سيستفيدون من مشروع إسكان «البحير» مثلا.

وإذا كان من بيدهم القرار ممن لا يؤمنون بأن توزيع الوحدات الإسكانية حسب الأقدمية، ولكنهم فقط قصدوا حرمان فئة معينة من المجتمع، فإنهم متورطون في قضية «تمييز» ضد فئة من المجتمع، وهذه الفئة يتم استهدافها في وضح النهار، وهذا «تمييز عنصري» محرم في الشريعة الإسلامية، ومحرم دوليا (والبحرين من الدول التي اعتمدت الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري) وهو محرم أيضا بحسب دستور مملكة البحرين الصادر في العام 2002.

إذن المحك هنا... وعلى الحكومة - أو من بيده القرار - أن يخرج إلى العلن وأن يقول ماهي السياسة المتبعة حاليا في توزيع الوحدات الإسكانية بالضبط؟ وهل سيتم تطبيق السياسة الجديدة على جميع المشروعات الحالية؟ أتوقع أن الحكومة - أو من بيدهم القرار - أن يبقى مختبئا، وسيفسح المجال لمن ينيب عنه في إطلاق التصريحات والتحليلات المجانية حاليا؛ لأنه يعلم إذا صرح بأي تصريح فسوف يكون ملزما بتطبيقه على جميع فئات المجتمع... ولكن إذا كان الغرض من مخالفة الوعود الرسمية وحرمان أهالي القرى الأربع هو استهداف فئة من المجتمع فقط، فإن الأفضل المواصلة في الاختباء وتنفيذ قرارات «التمييز» حسب الخطة «العلنية - السرية» التي لا تؤمن ببلد واحد وإسكان واحد




منصور الجمري
العدد : 2529 | الأحد 09 أغسطس 2009م الموافق 17 شعبان 1430 هـ


http://www.alwasatnews.com/2529/news/read/207918/1.html