منتدى استراحات زايد - لبيب الشهابي: الشيخ عيسى قاسم.. ودرس في السياسة

الشيخ عيسى قاسم.. ودرس في السياسة
لبيب الشهابي

الفكر السياسي للشيخ عيسى قاسم متقدم بسنوات ضوئية على أداء كتلة الوفاق البرلمانية، وما برح سماحة الشيخ الجليل في خطبه المختلفة يقدم الدرس تلو الآخر لنخب الوفاق وسياسييها، إلا أن هناك ثمة خلل على ما يبدو في «المواءمة» بين خطاب الشيخ قاسم، وأداء كتلة الوفاق.
ما فتئ أعضاء الكتلة الإيمانية يؤكدون أنه لا رجعة عن قرار المشاركة في الانتخابات النيابية، وقد صرح لي صديق هو أحد أعضاء شورى الوفاق بأنه لا حديث عن المقاطعة في أدبيات الجمعية، وهناك توجه لمحاسبة من يتحدث عن خيار المقاطعة في أروقة الوفاق.
أعضاء الكتلة الإيمانية الأفاضل يتحدثون عن تفويض أبدي من قبل الجمعية العمومية معتبرين ما حدث في 2006 تفويضاً دائماً من قبل جماهير الوفاق باتخاذ قرار المشاركة في الانتخابات المقبلة، وكل انتخابات تجرى في البحرين حتى قيام الساعة.
وقد كان ما ورد في خطبة الجمعة السابقة للشيخ عيسى قاسم الذي دعا إلى عدم الحديث عن الانتخابات المقبلة، سواء من حيث إيجابياتها أو سلبياتها حالياً، درساً لنخب الوفاق وجماهيرها، ولا أبالغ إن قلت: درساً لجميع الكتل السياسية وجماهيرها.
قاسم يعتبر الحديث عن الانتخابات المقبلة «سابقاً لأوانه»، ما يعني أن قرار المشاركة، ونظم الصفوف باتجاه المشاركة يجب ألا يكون الموقف الأبرز - لمن يرى مرجعيته السياسية - في الوقت الحاضر، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا؟
يفتح الشيخُ المجالَ لجميع الخيارات بقوله «أرى الحديثَ عنها سابقاً لأوانه، وهذه ليست مصادرة مبكرة لأي خيار»[1]، ويدعو قاسم إلى التركيز على تعديل الدوائر الانتخابية بشكل عادل، التخلص من المراكز العامة، والتأكيد على المسألة الدستورية التي تعد الأساس - كما وصفها - ما يعني بحسب الخطاب السياسي الوارد في الخطبة أن قرار المشاركة ربما لا يكون هو القرار الحاسم الذي يراه ما لم يتم تعديل الدوائر، وإلغاء المراكز العامة، وحلحلة الأزمة الدستورية.
وفي المقابل، وعلى الضفة الأخرى، يبدو أن خطاب الشيخ عيسى قاسم لا يتجاوز جدران جامع الإمام الصادق بالدراز، أي أنه لا يجد صدى لدى أعضاء كتلة الوفاق البرلمانية وأجهزتها المختلفة، فمازال الوفاقيون يتحدثون عن المشاركة على أنها القرار الأوحد، وأنها (المشاركة) هي دون غيرها قدر الوفاق وجماهيرها.
بعد أن عاشت الوفاق التجربة من الداخل، وأقر رموزها بعجزهم عن التغيير من الداخل، وفشلت مقولة «اقتحام القلاع من الداخل»، من الغريب أن الوفاقيين مازالوا يصرّون على أن يقدموا قرار المشاركة على طبق من ذهب للنظام السياسي، فأي تغيير أو تنازلات يمكن أن يقدمها النظام لتنظيم سياسي يلقي بثقله في قرار يعتبره استراتيجياً؟
ومادام هذا موقف الوفاق المعلن أنها ستشارك إلى ما لا نهاية، فلن تكون هناك أية تغييرات لصالح الملفات التي تحدث عنها الشيخ عيسى قاسم: الدوائر الانتخابية، المسألة الدستورية، المراكز العامة، وإن كان قاسم أكد تحفظه على المسائل المذكورة ضمن خطابه، والدليل أنه طالب بالتركيز عليها.
الوفاق تؤكد أن الشيخ عيسى قاسم يمثل مرجعيتها السياسية، ولكن يبدو أن أقل قدر من التنسيق وصوغ المواقف السياسية طبقاً لرؤية الشيخ قاسم بات منعدماً؛ فكثيراً ما يكون خطاب قاسم في واد، ومواقف الكتلة الإيمانية في واد آخر، ولا أدل على ذلك من الموقف من استقطاع التعطل المعلن على رؤوس الأشهاد من قبل الشيخ وتصويت الوفاق بـ «نعم» عليه، ناهيك عن قانون «امتيازات النواب» وما قاله الشيخ عيسى عنه حتى أنه قال فيه ما لم يقله مالك في الخمر.
ولابد من التأكيد أن على الوفاق ألا تحرج الشيخ عيسى قاسم كثيراً - بقدر ما فعلت - وأن تكون تحركاتها السياسية، وخطابها السياسي ضمن إطار خطاب الشيخ عيسى قاسم، وإلا كيف يكون مرجعيتها؟
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=11302