![]() |
لقاء الثلاثاء للأستاذ عبدالوهاب حسين : 20 \ يوليو \ 2009م لقاء الثلاثاء ( 18 ) بتاريخ : 27 / رجب / 1430هج . الموافق : 20 / يوليو ـ تموز / 2009م . · رأي سماحة الشيخ حسين النجاتي ( حفظه الله تعالى ) الأخير من مسألة الانتخابات، ينسجم في جوهره مع رأي سابق لسماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) طرحه في خطبة الجمعة رقم ( 216 ) . · المطلوب هو البحث في واقعية القرارات وصوابيتها من الناحية السياسية من قبل أهل الاختصتص، وتتخذ القرارات على هذا الأساس، ويكون دور الفتوى هو منع دخول ما هو مخالف للشريعة في القرارات الإسلامية، وهذا هو المنهج الإسلامي السليم في رأيي . · المؤشرات تدل على أن انتخابات 2010م لن تكون كإنتخابات 2006م . · المطلوب أن يكون موقف المعارضة من انتخابات 2010م موقفا سياسيا ناضجا ومركبا، وهذا ما يسعى التحرك الجديد لعمله . · نجد الطائفية تتكرس يوما بعد يوم في مناهج وزارة التربية والتعليم وفي الإعلام وغيرهما في ظل التوجه الطائفي المقيت للسلطة ضد أبناء شعبها، وهو موقف غير وطني، والسلطة بذلك تخالف الدور الصحيح لها كسلطة، وتمارس دورا منحرفا عن مفهوم المواطنة . · أن الدين سياسة والسياسة دين، والسياسة الحقيقية النافعة للإنسان والمجتمع هي السياسة الملتزمة بالدين والقيم الأخلاقية، وهو المنهج الذي التزمه الأنبياء والأوصياء والأولياء الصالحون ( عليهم السلام ) . · كل منهج يولد المفاهيم الخاصة به، وأن القيام يولد الصمود والثبات وارتفاع المعنويات، والقعود يولد الخوف والتراجع وخوار القوى وضعف المعنويات، والمطلوب : أن نكون على حذر شديد، وأن نتحمل كمسلمين موحدين مسؤولية الاختيار في ظل عقيدة التوحيد النيرة . · نحن نلتزم بالسياسة المتحلية بالأخلاق وندعوا إليها، ونرى بأن السياسة المتجردة من الأخلاق، هي في الحقيقة ليست بسياسة، إنما هي سبيل للسقوط في وحل الخطيئة وحبائل الشيطان الرجيم، وأداة لتدمير المجتمع وإنسانية الإنسان وآخرته . · القاعدة هو التعامل مع المؤمنين المسيئين برحمة وخفض الجناح، وهذه وصية الرحمن سبحانه وتعالى لنا في كتابه المجيد، ولكن لبعض الحالات موقف استثنائي، حيث تستلزم التعامل بشدة وحزم، وهذا من الحكمة ومن مقتضيات القيم الرفيعة . · ينبغي ترجيح المباديء والقيم والأهداف والقضايا والمصالح العليا على الأشخاص الطبيعيين والاعتبارين الذين ينبغي أن يكونوا في خدمتها من أجل سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ولا يصح التضحية بها من أجلهم تحت عنوان التسامح، بل هذا في جوهره ضد الدين والقيم العليا النبيلة . · لقد أثبتت السياسة المتحلية بالأخلاق قدرتها على انجاز النصر وتحقيق المطالب الشعبية العادلة . · المنهج الإسلامي الصحيح : علم وعمل، وسعي لتعليم الجميع وإشراكهم في تحمل المسؤولية، واتباع للقيادات على نور ومعرفة . · تأتي تزكية النفس في الرؤية الإسلامية كخلاصة نهائية لتعلم العقيدة الصحيحة والأحكام الشرعية والتمسك بها وأداء العبادات الإسلامية، مثل : الصلاة والصيام والحج والزكاة، وللإنسان من حقيقية الدين بمقدار ما لديه من حسن الخلق وحسن المعاملة مع الناس، والقرب من الله ذي الجلال والإكرام مرتبط بمقدار تزكية النفس وكمالها، وليس مجرد كثرة الصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات . انتخابت 2010م لن تكون كانتخابات 2006م .. عقب الأستاذ عبد الوهاب حسين على تلويح سماحة الشيخ حسين النجاتي بإمكانية إصدار فتوى حول انتخابات 2010م، بالقول : أنا على تواصل مع سماحة الشيخ النجاتي ( حفظه الله تعالى ) وأعرف إلى درجة كبيرة توجهه في مسألة الانتخابات، وقد سألته عما نقل في المنتديات عن خطبة الجمعة لسماحته بشأن الفتوى حول المشاركة في الانتخابات القادمة في عام 2010م، فأوضح أن ما نقل عنه ليس دقيقا، وما فهمته من سماحته، أنه : · دعى إلى إعادة النظر في قرار المشاركة على ضوء الأهداف الإسلامية والوطنية ونتائج تجربة المشاركة السابقة . · وطالب بأن يكون القرار بشأن انتخابات 2010م قرارا متوافق عليه لدى الرموز والقيادات والخطوط السياسية في التيار، وأن لا ينفرد به شخص أو فريق، ولا مانع أن يكون القرار المتوافق عليه هو المشاركة، وقد تصدر فتوى بحرمة المشاركة في ظل التوافق . وقال الأستاذ : هذا الرأي لسماحة الشيخ حسين النجاتي ( حفظه الله تعالى ) ينسجم في جوهره مع رأي سابق لسماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) طرحه في خطبة الجمعة رقم ( 216 ) بتاريخ : 6 / ربيع الأول / 1429هج ـ الموافق : 14 / مارس / 2008م . خطبة خطبة الجمعة (316) 6ربيع الأول 1429هـ 14مارس 2008م وقال : لقد أثير إشكال حول التلويح بالفتوى، خلاصته : خطأ توظيف الفتاوى في حسم القضايا السياسية بعيدا عن البحث في واقعية القرارات وصوابيتها من الناحية السياسية من قبل أهل الاختصاص، فكما هو التحفظ على توظيف الفتاوى من أجل المشاركة يجب التحفظ على استخدام الفتوى من أجل المقاطعة، وهذا لا يعني تجاهل الجانب الشرعي في القرارات السياسية، وإنما يعني رفض تعدي ذلك إلى إقحام الفتوى في حسم المواقف في القضايا السياسية بعيدا عن البحث في واقعية القرارات وصوابيتها من الناحية السياسية من قبل أهل الاختصاص، وقال : هذا إشكال وجيه، والمطلوب : البحث في واقعية القرارات وصوابيتها من الناحية السياسية من قبل أهل الاختصاص، وتتخذ القرارات على هذا الأساس، ويكون دور الفتوى هو منع دخول ما هو مخالف للشريعة في القرارات الإسلامية، وهذا هو المنهج الإسلامي السليم، وهو مما يفسر لنا ـ بحسب رأيي ـ اختلاف المواقف الإسلامية للأنبياء والأوصياء والأولياء الصالحين ( عليهم السلام ) نظرا لاختلاف الظروف الموضوعية التي يستند إليها أصحاب المواقف في مواقفهم . والخلاصة : هناك عاملان من ضمن العوامل التي تؤدي إلى اختلاف المواقف، وهما : · الاختلاف في الدين أو في فهمه . · والاختلاف في الظروف الموضوعية أو فهمها . وقال : لا شك أن الاختلاف في الأهداف، والاختلاف في الإرادة، وغيرهما، مما يؤثر في اختلاف المواقف، إلا أن موضوع الحديث يدور حول العاملين السابقين . وبخصوص انتخابات 2010م، قال : المؤشرات تدل على أن انتخابات 2010م لن تكون كإنتخابات 2006م : · فقد توصل الدكتورعبد الهادي خلف إلى هذه النتيجة وأعلن عنها في إحدى مقالاته في جريدة الوقت في هذا الأسبوع، والدكتور عبد الهادي خلف سياسي وأكاديمي عريق، واستنتاجاته مبنية على هذا الأساس . · وأن دعوة سماحة الشيخ النجاتي ( حفظه الله تعالى ) إلى إعادة النظر في قرار المشاركة على ضوء الأهداف الإسلامية والوطنية ونتائج المشاركة السابقة، ومطالبته بالتوافق على القرار بين الرموز والقيادات والخطوط السياسية في التيار، يدل بكل وضوح على أن انتخابات 2010م لن تكون كانتخابات 2006م . · وأن تحشيد حركة حق المبكر للمقاطعة، ولم تكن قد حشدت للمقاطعة في 2006م، يدل على أن انتخابات 2010م لن تكون كانتخابات 2006م . · وأقدر بأن السلطة والمشاركين من التيار في البرلمان، يقدران بأن انتخابات 2010م لن تكون كانتخابات 2006م . وقال : المطلوب أن يكون موقف المعارضة من انتخابات 2010م موقفا سياسيا ناضجا ومركبا، وهذا ما يسعى التحرك الجديد لعمله، من خلال وضع رؤية واضحة قد فرغ من مناقشة مسودتها بصورة أولية، وسوف تستمر مناقشته لها مع أطراف أخرى، مثل : القانونيين، قبل السعي للتحالف مع القوى السياسية المعارضة استنادا إليها . تصريح وزير التعليم الكويتي حول إدخال رأي مدرسة أهل البيت في مناهج التعليم .. وبخوص تصريح وزيرالتعليم الكويتي بإدخال رأي مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) في مناهج التعليم، قال: هذا توجه وطني سليم، وهو يقوم على أساس مفهوم المواطنة، الذي يحيد الرأي الديني والمذهبي للقائمين على السلطة، ويحفظ لكل أصحاب دين أو مذهب من المواطنين حقوقهم وخصوصيتهم الدينية أو المذهبية، ولا يفرضوا عليهم رأيهم الديني أو المذهبي، ويسمحوا لهم بالتعبير عن أنفسهم، وأن يمارسوا عباداتهم بحرية، ويُحفظ تراثهم الفكري والاجتماعي كجزء من التراث الوطني، ويكون لهم نصيبهم وتنعكس صورتهم بأمانة وبشكل صحيح في مناهج التعليم والإعلام الرسمي وغيرهما . وقال : كان هذا التوجه موجود ـ بحسب ما أعلم ـ لدى سعادة الدكتور علي محمد فخر حينما كان وزيرا للتربية والتعليم في البحرين وسعى لتنفيذه، إلا أنه لم يستطع تنفيذ ما كان يراه سليما ومطلوبا منه كوزير وطني للتربية والتعليم، وبدلا من ذلك نجد الطائفية تتكرس يوما بعد يوم في مناهج وزارة التربية والتعليم وفي الإعلام وغيرهما في ظل التوجه الطائفي المقيت للسلطة ضد أبناء شعبها، وهو موقف غير وطني، والسلطة بذلك تخالف الدور الصحيح لها كسلطة، وتمارس دورا منحرفا عن مفهوم المواطنة . دور الأخلاق في العمل السياسي .. قال الأستاذ : يطرح حاليا في الوسط الجماهيري على الساحة الوطنية، بأن بعض الإسلاميين والوطنيين تجردوا من الأخلاق في عملهم السياسي، وأخذوا بالكذب والتدليس والغيبة والنميمة والتسقيط للغير المختلف، وغيره مما هو مخالف للقيم الأخلاقية السامية، والعمل السياسي النظيف . وعلى ضوء ذلك طرح الأستاذ ثلاثة أسئلة، وطلب من الحضور التفكير فيها والإجابة عليها، والأسئلة هي : السؤال ( 1 ) : هل تجدون فعلا لدى الإسلاميين والوطنيين تجرد من القيم الأخلاقية في العمل السياسي ؟ السؤال ( 2 ) : هل يمكن ممارسة العمل السياسي وتحقيق المطالب الشعبية العادلة والإنتصار على الأعداء والخصوم مع الالتزام بالقيم الأخلاقية والعمل السياسي النظيف ؟ السؤال ( 3 ) : إذا كان الجواب بـ( نعم ) على السؤال الثاني، ما هو السبيل لتعزيز الأخلاق في العمل السياسي الإسلامي والوطني ؟ وقد وافق الاستاذ الحضور على تجرد بعض الإسلاميين والوطنيين من القيم الأخلاقية في العمل السياسي، وقال هناك منهجان : المنهج ( أ ) : يقول بأن السياسة نجاسة، والغاية تبرر الوسيلة، وليس في السياسة ثوابت، وغير ذلك من المباديء والقواعد التي تبرر التجرد من القيم الأخلاقية في العمل السياسي . وقال : من يرى هذا الرأي من الإسلاميين والوطنين الشرفاء، يقف بين خيارين قبيحين، وهما : · القعود عن تحمل المسؤولية الدينية والوطنية بترك التصدي للشأن العام الإسلامي والوطني . · أو التجرد من القيم الأخلاقية في العمل السياسي . وقال تعقيبا على هذا المنهج : أن العمل السياسي إذا تجرد عن القيم الأخلاقية، فله خاصيتين أساسيتين من بين مجموع خصائصه السلبية الكثيرة، وهما : الخاصية ( 1 ) : أنه يكون في حقيقته عملا سلطويا هدفه الوصول إلى السلطة، ولا يمكن أن يكون عملا إنسانيا من شأنه أن يثري إنسانية الإنسان ويتقدم ويسمو بها، بل هو ضار بالإنسانية وعلى حسابها، بل هو لصالح الدنيا على حساب الآخرة . الخاصية ( 2 ) : هو يخدم الأهداف الخاصة على حساب المصالح العامة .. · فعلى صعيد السياسة الخارجية : يخدم مصلحة الدولة على حساب مصالح المجتمع الدولي والمصالح القومية والإقليمية . · وعلى صعيد السياسة الداخلية : يخدم المصالح الطائفية والحزبية والفئوية على حساب المصالح الوطنية العليا . · وعلى الصعيد الحزبي : يخدم مصالح الأشخاص واللوبيات المتنفذة في الحزب على حساب مصالح الحزب العامة، فضلا عن المصالح الوطنية العليا . وقال : إذا أخذ الإسلاميون بهذا المنهج، فإن أضراره تكون أكثر خطورة على الإسلام من أخذ السلطة به، فالسلطة هذا ديدنها، ولأن نتائج أخذ الإسلاميين به، تنعكس بآثار سلبية خطيرة على الحالة الإيمانية وبصورة خاصة لدى الشباب وعموم الجماهير، وكلما كان الإسلاميون الآخذون بهذا المنهج يمثلون ثقلا أكبر، كلما كانت نتائج عملهم أخطر . وقال : بعض الإسلاميين يذهبوا إلى هذا المنهج وفق مفاهيم خاطئة يرونها مفاهيم إسلامية سليمة ووفق دراسة لسيرة الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) يستلهمون منها تلك المفاهيم، وهنا تبرز : · أهمية التدقيق في سلامة المفاهيم . · ومسؤولية الفرد في اختيار المنهج والخط الذي ينتمي إليه . وقال : لقد سبق أن بينت في مناسبات سابقة عديدة .. · خطورة المنهج التبريري في بلورة مفاهيم وفتاوى شرعية خاطئة أضرت كثير بالإسلام ومصالح المسلمين وتاريخهم . · وأن كل منهج يولد المفاهيم الخاصة به . · وأن القيام يولد الصمود والثبات وارتفاع المعنويات، والقعود يولد الخوف والتراجع وخوار القوى وضعف المعنويات . وقال : المطلوب : أن نكون على حذر شديد، وأن نتحمل كمسلمين موحدين مسؤولية الاختيار في ظل عقيدة التوحيد النيرة . المنهج ( ب ) : أن الدين سياسة والسياسة دين، والسياسة الحقيقية النافعة للإنسان والمجتمع هي السياسة الملتزمة بالدين والقيم الأخلاقية، وهو المنهج الذي التزمه الأنبياء والأوصياء والأولياء الصالحون ( عليهم السلام ) . قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : " والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر, ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهىالناس, ولكن كل غدرة فجرة, وكل فجرة كفرة, ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة " . وقال ( عليه السلام ) : " أيها الناس إن الوفاء توأم الصدق ولا أعلم جنة أوقى منه ولا يغدر من علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر اهله الغدر كيساَ، و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسنالحيلة . ما لهم قاتلهم الله قد يرى الحول القلب (البصير بتحويل الأمور وتقليبها) وجه الحيلة و دونها مانع من أمرالله و نهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها و ينتهز فرصتها من لا حرجة له فيالدين " . وقال الأستاذ : نحن نلتزم بالسياسة المتحلية بالأخلاق وندعوا إليها، ونرى بأن السياسة المتجردة من الأخلاق ليست بسياسة، إنما هي سبيل للسقوط في وحل الخطيئة وحبائل الشيطان الرجيم، وهي أداة لتدمير المجتمع وإنسانية الإنسان وآخرته . وقال : يسرنا تعيير أصحاب المنهج الأول لنا بأننا لسنا بسياسيين ونرى فيه مدحا وثناء من حيث لا يقصدون، وقدوتنا في سياستنا هو أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن ابي طالب( عليه السلام ) وليفرحوا هم بسياستهم وغنائمها، والعبرة بالنتائج لكل منهج على الصعيد الإسلامي والوطني، والموعد القيامة . وقال : على أصحاب المنهج الثاني أن ينزلوا إلى الميدان ويملؤوا الفراغ، ولا يسمحوا لسياسة الخطيئة وحبائل الشيطان الرجيم أن تحكم الساحة وتدمر المجتمع وإنسانية الإنسان وآخرته وهم ينظرون، فلن يكونوا معذورين أمام الله عز وجل . وقال : أخشى أن يأتي أحد شياطين المنهج الأول ويزعم ـ بخلاف ما أريد ـ أنني أدعو إلى إقصاء غير الإسلاميين من الساحة لذكري الدين والآخرة، وأقول : منهجنا لا يبخس أحدا من الناس حقه، سواء كان إسلاميا أو غير إسلامي . وبخصوص التعامل مع المؤمنين المسيئين، قال : القاعدة هو التعامل معهم برحمة وخفض الجناح، وهذه وصية الرحمن سبحانه وتعالى لنا في كتابه المجيد، ولكن لبعض الحالات موقف استثنائي، حيث تستلزم التعامل بشدة وحزم، وهذا من الحكمة ومن مقتضيات القيم الرفيعة، حيث ينبغي ترجيح المباديء والقيم والأهداف والقضايا والمصالح العليا على الأشخاص الطبيعيين والاعتبارين، الذين ينبغي أن يكونوا في خدمتها من أجل سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ولا يصح التضحية بها من أجلهم تحت عنوان التسامح، بل هذا في جوهره ضد الدين والقيم العليا النبيلة، والحكيم هو الذي يستطيع أن يميز الاستثناءات ويتعاطى معها بقدرها وبحس مسؤول . وقال : هذا لا يتنافى مع المفهوم الصحيح للتقية، ولا يتنافى مع الحكم الشرعي القائل بوجوب الكذب مثلا لحفظ حياة إنسان وحقوقه ( أي عدم قتله أو الاعتداء عليه ظلما وعدوانا ) وتفصيل ذلك يطول، فأتركه لفرصة أخرى . وقال : البعض من المؤمنين يسيء إلى الآخر المختلف معه تحت عنوان المصلحة الإسلامية التي تتجسد فيما يراه هو فقط لا فيما يراه غيره من أمور الدنيا والدين، ويغلق الأفق على غيره المختلف معه، وهذا من وساوس الشيطان الرجيم، الذي يزين للعبد بأن يتصرف وكأنه الإله الأعظم أو الرب الجليل . وقال : هناك حدان في التعامل مع الغير، وهما : · الحد الأعلى : وهو المحبة وما تقتضيه من العدل والعفو والتسامح والاحسان . · الحد الأدنى : وهو العدل، بما يقتضيه من حفظ حقوق الآخرين وعدم بخسهم شيئا منها، ويكون هذا مع الأعداء فضلا عمن نختلف معهم من الأخوة المؤمنين والوطنيين الشرفاء، قال الله تعالى : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } . وبخصوص مقدرة العمل السياسي المتحلي بالأخلاق على تحقيق الانتصار، قال : لقد أثبتت السياسة المتحلية بالأخلاق قدرتها على انجاز النصر وتحقيق المطالب الشعبية العادلة .. · فقد نجح الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو في قمة الأخلاق والتعاطي السياسي وفق القيم الدينية والأخلاقية الرفيعة، في أن يبلغ دعوته ويقيم الدولة الإسلامية المباركة في المدينة المنورة ويؤسس لإستمرار الدعوة على مدى التاريخ بعده . · ونجح الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) وهو في قمة التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية في أن يسقط نظام الشاه الطاغوتي ويتغلب على كل المحاولات الدنيئة التي قام بها المنتفعون والمتسلقون للسيطرة على ثمار تضحيات المستضعفين، ووصل بالثورة إلى شاطيء الأمان، وأقام النظام الإسلامي الجمهوري في إيران تحت مظلة الولي الفقيه . · ونجح الإمام السيد علي الخامنئي ( مد الله تعالى في ظله الشريف ) وهو متمسك بالقيم الدينية والأخلاقية الرفيعة في إدارة الدولة وقيادتها والتغلب على الصعوبات التي تواجهها داخليا وخارجيا، وبناء دولة إسلامية عصرية متطورة على أساس نظام ولاية الفقيه، بل نجح في بناء مشروع حضاري إسلامي شامل نافس به المشروع الغربي، وهو مرشح للانتصار عليه . · ونجح السيد نصر الله وهو متمسك بالأخلاق الدينية والأخلاقية الرفيعة في قيادة مشروع المقاومة الإسلامية في لبنان ضد الكيان الصهيوني، وقد حقق المشروع ما عجزت عن تحقيقه الجيوش العربية مجتمعة، ولا زال يواصل انتصاراته، وقد أسقط الكثير من المآخذ السياسية التي تؤخذ على الإسلاميين في مشاريعهم السياسية والجهادية، ومثل القدوة الحسنة لكل مقاومة شريفة في العالم ضد الظلم والطغيان . · ونجح الإمام الحسين ( عليه السلام ) أن يعطي النموذج الأعظم لانتصار الدم على السيف، وعلم الإنسان كيف يكون مظلوما فينتصر . وقال : هذه النماذج العظيمة : ( التاريخية والمعاصرة ) تثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك، بأن السياسة النظيفة الملتزمة بالقيم الدينية والأخلاقية الرفيعة، يمكن أن تنصر على الأعداء والخصوم وتحقق مطالب الشعوب العادلة، وتحقيق ذلك يتطلب : · الثقة بالله عز وجل، ثم بقدرات الشعب . · الرؤية الواضحة للأمور . · العزم والإرادة والتضحية . · حسن الإدارة والتصرف . وعن السبيل لإيجاد العمل السياسي المتحلي بالأخلاق وإنجاحه، قال : السبيل إلى ذلك يتمثل في أمور عديدة، منها : ( 1 ) أن يعرف الإنسان حقيقة وجوده ومصيره، وأن يكون عمله في الحياة كله مرتبط بذلك برباط وثيق لا ينزعه شيء، وإلا كان على حساب إنسانيته وضارا به . ( 2 ) أن يربط الإنسان عمله في الحياة كله بالله سبحانه وتعالى وبالآخرة، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى : · الصدق والإخلاص . · الحرص التام على الاستقامة . · الجد والمثابرة في العمل . · الإرادة القوية في مواجهة الصعوبات والتحديات . · الاستعداد للبذل وتقديم التضحية اللازمة . · الالتزام بالعدل مع الآخرين، وعدم بخسهم شيئا من حقوقهم . · الحرص على تحري الدقة في التفكير والعمل . · وغيره من الخصائص . ( 3 ) الحرص على الدراسة الموضوعية للظروف الموضوعية المرتبطة بالمواقف، وتحديد المواقف على أساسها على ضوء الأحكام الدينية والقيم الأخلاقية الرفيعة، وعدم الفصل بين الجانبين، لأن التفريط في أي منهما يعني الاخفاق .. · فالتفريط في جانب الأحكام والقيم يفقد العمل جانبه الإنساني ويكون ضارا بالبعد المعنوي في وجود الإنسان وبمصالح العامة العليا له . · والتفريط في دراسة الظروف الموضوعية ( دراسة صوابية القرارات والمواقف من الناحية الواقعية ) يؤدي إلى الفشل العملي في تحقيق الأهداف والمطالب الشعبية العادلة، وهو بالنتيجة الأخيرة يعود بالضرر على إنسانية الإنسان وعلى مصالحه الحيوية . فالمطلوب : هو الاهتمام بالجانبين معا، وعدم التفريط في أي منهما . ( 4 ) تقوية أواصر العمل الجماعي الموحد بتوفير أسبابه الموضوعية الواقعية وليس بالتمني مع التفريط في أسبابه الموضوعية المباشرة، وليس بالغلبة والقمع بشتى صنوفه : المعنوي والبوليسي . النضج المعرفي قبل العمل .. وبخصوص النضج المعرفي قبل العمل، قال : البصيرة والرؤية الواضحة قبل العمل أمر مطلوب وهو في غاية الأهمية، فلا عمل سليم بدون بصيرة ورؤية واضحة، وهذا من القواعد المهمة والأساسية في المنهج الإسلامي الأصيل، ولكن هناك طرح مؤسف تحت هذا العنوان الجميل، يطالب فيه أصحابه عامة الناس بأن لا تكون لهم آراء ولا مواقف مستقلة، بحجة أنهم لا يملكون نضجا معرفيا، ويطلبون منهم أن يكونوا مجرد تبع للرموز والقيادات والنخب، وقال : · هذا الطرح يتنافى مع كرامة الإنسان الذي أسجد الله سبحانه وتعالى له ملائكته وجعله خليفته في أرضه، وكلفه بحمل أمانة التكليف، ووعده بالحساب والجزاء على عمله في يوم القيامة . · وأن الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث في أناس أميين لا يعرفون القراءة والكتابة، قول الله تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ } ( الجمعة : 2 ) فعلمهم وأمرهم بالدعوة الى دين الله عز وجل بقدر ما يعلمون، وطلب منهم الاستزادة من العلم والعمل، فقد استفاد من كل الطاقات ووظفها ولم يعطل شيئا منها، وحول الجميع ـ رجالا ونساء ـ إلى دعاة وحملة للدين وأمناء عليه ـ كل بحسب طاقته ومواهبه وقدراته ـ وبهم نجح في حمل الرسالة وتبليغها إلى العالم وإقامة الدولة الإسلامية وفتح أقطار الأرض وهدم إمبراطوريات الطاغوت والاستكبار، ولا زال الدين المحمدي الأصيل يواصل اقتحام القلاع المحصنة، ويفتحها واحدة تلوا الأخرى، تمهيدا للفتح الأعظم على يد صاحب العصر والزمان ( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ) . والخلاصة : أن الطرح بأن لا تكون لعامة الناس آراء ولا مواقف مستقلة، بحجة أنهم لا يملكون نضجا معرفيا، ومطالبتهم بأن يكونوا مجرد تبع للرموز والقيادات والنخب، طرح غير سديد وغير منسجم مع الرؤية الإسلامية للإنسان ومسؤوليته ودوره في الحياة، فالمنهج الإسلامي الصحيح، هو : · علم وعمل وسعي لتعليم الجميع وإشراكهم في تحمل المسؤولية . · واتباع للقيادات على نور ومعرفة . وليس تقسيم المجتمع إلى قيادات ونخب تفكر وتقود وتنفرد باتخاذ القرارات، وأتباع يتبعون بدون تفكير ويحترقون كالحطب في كل نار توقدها القيادات والنخب لتحقيق أهدافها التي ترى هي واقعيتها وصوابيتها، ولا يرى فيها الاتباع سوى أنها من انتاج عبقرية القيادات والنخب الملهمة التي لا تخطيء . أهمية تزكية النفس في العمل والإصلاح .. تناول الأستاذ أهمية تزكية النفس في العمل الإسلامي والحركة الإصلاحية مبتدء بقول الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } وقال : تبين هذه الآية الشريفة المباركة .. · أن الأوضاع المجتمعية : السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والقانونية وغيرها، هي انعكاس صادق لما يحمله مجموع أفراد المجتمع من أفكار ومفاهيم وقيم، فصلاح الأفكار والقيم وتزكية النفوس تسبق إصلاح الأوضاع . · مالم يصلح الإنسان أفكاره ومفاهيمه ويزكي نفسه، لن يستطيع أن يكون شريكا في إصلاح المجتمع، فالإنسان ما لم يكن عادلا في داخل نفسه بحيث يكون حريصا على أن تصدر أقواله وأفعاله مطابقة للحق والعدل، فإنه لا يستطيع أن يكون شريكا حقيقيا في تحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس . وقال : تأتي تزكية النفس في الرؤية الإسلامية كخلاصة نهائية لتعلم العقيدة الصحيحة والأحكام الشرعية والتمسك بها وأداء العبادات الإسلامية ، مثل : الصلاة والصيام والحج والزكاة، قال الله تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } ( الجمعة : 2 ) وقد عرّف الله سبحانه وتعالى التدين تعريفا أخلاقيا، فقال : { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ . وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ . فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ . الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ . وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } ( سورة الماعون ) ولم يذكر التكذيب بالله والملائكة والأنبياء واليوم الآخر وغيرها من العقائد الدينية الضرورية، وأن الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وقال : " الدين المعاملة " فللإنسان من حقيقية الدين بمقدار ما لديه من حسن الخلق وحسن المعاملة مع الناس . وقال : القرب من الله ذي الجلال والإكرام مرتبط بمقدار تزكية النفس وكمالها، وليس مجرد كثرة الصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات، قول الله تعالى : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } . صادر عن : إدارة موقع الأستاذ . www.alostad.net |
الساعة الآن 02:32 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir