قُرى تحت الحصار وصراع الإرادات "1"
 

10-09-15 05:17 AM

لؤلؤة أوال - مجهرحاولوا خنق ثورتهم فلم يستطيعوا، فحاولوا خنق طُرقاتهم وأزقتِهم وقُراهم لِيتراجعوا، فكان العزم والإصرار. قُرى البحرين، قُرىً صغيرة في مساحتها وتعداد سكانها، قُرىً كان لثورة الرابع عشر من فبراير وقعٌ كبيرٌ على أبنائها، كيف لا وهم مُطلقوها وعصب استمرارها وضمانُ تحقيق غاياتها.قرىً حاول الخليفيون أن يُقيّدوا البشر والحجر فيها، نعم هي قرىً أشبهُ بالقرى الفلسطينية التي تُحيط بها جُدران العزل العُنصري الإسرائيلي، وهي كالمواقع العسكرية المحظورة، أسوارٌ وأسلاك، تُعيق حركة الأهالي وتُعّطل مصالحهم، فلا يكادُ الناظر الغريب لِوهلة أن يُفرّق بينها وبين المواقع المحظورة.جنودٌ مرتزقةٌ غُرباء، وضعوا أسلاكهم وحواجزهم حول مداخل القرى، الغاية إركاع أبناء هذه المناطق، وواقع الحال استمرارٌ للثورة وتجدّدٌ لاتقاد شُعلتِها.وقفت لؤلؤة أوال على عدد من المناطق لكي تروي عبر لسان أبنائها حقيقة الموقف وواقع الحال، فكانت قرية عذاري إحدى المحطات.قرية عذاري، هي قريةٌ صغيرة، تقع جنوب العاصمة المنامة، تُجاورها عددٌ من القرىالسهلة الشمالية، البلاد القديم، المصلى، قرية عذاري والتي ارتبطت بـ عين عذاري المشهورة، أو أبو إبهام كما يُطلقُ عليها كإسمٍ آخر، وهي قريةٌ صغيرةٌ في المساحة، وتِعداد سكانها محدود، كما أن لها مَدخلان رئيسيان يُؤديان إليها، وهناك مداخل فرعية مجاورةٌ لأحد مداخلها الرئيسية.أهل هذه القرية كباقي القرى من حيث التحضر والتمدن، فعنوان القرى يختلف في واقعه عن مفهوم القرى الشائع في دولٍٍ أخرى، حيث هنا العلم والمعرفة والحضارة، كما يقصد أبناء هذه القرية أعمالهم المُختلفة والمُتفاوتة في مستوياتها ووظائفها، كما أن أبنائها يقصدون المدارس لِينالوا تعليمهم.نهض أهل هذه القرية على صباحٍ لِيروا الجنود المرتزقة الغُرباء على مداخل قريتهم، حيث العساكر والعمال ومن خلفهم الشاحنات المُمتلئة بالحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة. لا يتواجد أي مركز أمني في داخل منطقتهم، كما أن شاشات التلفزة ووسائل الإعلام المختلفة لم تُعلن عن وقوع حالة حرب، فما الذي جرى؟!.نصب العساكر الغرباء أسلاكهم وحواجزهم على أجزاءٍ من المداخل الفرعية للقرية، وعاودوا حضورهم لِيكملوا ما بدأوا به، لم يتبقى للقرية إلا المدخلان الرئيسان.لؤلؤة أوال كانت لها زيارة للمنطقة، وحاورت عدداً من أبناء القرية، لِتقف على المشهد عن قرب، فوجدت الأسلاك الشائكة ذات المعدن الحديدي والحواجز السميكة من الأسمنت المُتماسك، وهي تغطي المداخل الفرعية بجانب المدخل الرئيسي، حيث تبدأ من محطة النقل العام ممتدة إلى ممر صغير يقع خلف مركز فخر المملكة التجاري رابيا، كما أمام الساحة المقابلة للشارع العام بالقرب من معرض السلام للسيارات، وعند كراج أنيس مقابل الشارع المذكور. وعند سؤال الأهالي عن الآثار السلبية لهذه الحواجز، وضّح أحدهم: إن هذه الحواجز والأسلاك تُعيق حركة السير لدى الأهالي عند الانتقال نحو الشارع العام، كما تمنع سير السيارات داخل القرية، خصوصاً لأصحاب المنازل المطلة بيوتهم على الشارع العام، حيث يضع الفرد المركبة الخاصة به قرب الشارع ومن ثم يعبر من مدخلٍ بسيط فتحه الأهالي للعبور بين الحواجز والأسلاك.وأضاف آخر بأن: هذه الحواجز تُعيق ذهاب الطلاب إلى حافلة المدرسة، كما تمنع الأهالي من الذهاب إلى مركز البحرين التجاري ونقل مشترياتهم إلى المنازل بسلاسة.و علّق آخر: بأن هذه الحواجز تُعدّ بمثابة السجن، حيث لها تبعات سلبية على قاطني القرية ناهيك عن المظهر الحضاري الذي بات معدوماً في بلدتنا العزيزة.واستفسرت لؤلؤة أوال عن مدى تأثير الحواجز على حراك أبناء البلدة، فأجاب أحد ثوّار البلدة: تأثيرها بسيط حيث يتم الخروج من ناحية ... بشكل أسرع وتُنفذ عمليات القطع المُعتادة، وأيضاً قرب ... حيث يتم نصب الكمائن بطريقة مباغتة وسريعة.واستوضحت لؤلؤة أوال عن سبب وضع الحواجز من وجهة نظر ثوّار البلدة، فأجاب أحدهم : في بداية وضع الحواجز كان لمنع الاحتشاد البشري من أهالي المنطقة في إحدى الفعاليات الجماهيرية، وأما الغاية الأساسية فهي لِتعوق وتمنع الكمائن المباغتة، حيث أن الشباب المقاوم أجهد سيرهم وأرعب جمعهم، في كل كمين كان التدهور واقعاً عليهم، حيث التدهور والاصطدام بالسياج الحديدي، كما الاصطدام بين مركباتهم، كل ذلك حصل نتيجة التسديدات المباغتة.واستدرك آخر قائلاً: بعض الحواجز تُنصب في صالحنا وبالتحديد الواقع بجانب فخر المملكة، وذلك لمنعه الاقتحام المفاجئ بالمركبات أو بالارتجال، وهي بمثابة الدرع للطلقات المباشرة نحو الجسم.لؤلؤة أوال اختتمت هذه الزيارة، وودّعت القرية، والوجهة قريةٌ أخرى، ومع انتهاء الزيارة، لا تزال كاميرة لؤلؤة أوال تحتفظ بصور الحواجز، وتظلّ الصور ماثلة، والتساؤل قائم، ما هي الصورة التي أراد الخليفيون رسمها للمناطق البحرانية، وأمام عنفوان وصمود الأهالي هل سنشهد فجراً قريباً لا توجد به هذه الأسلاك والحواجز، ولا يعود لِلمرتزقة الغُرباء وجودٌ على أرض أرضنا.

المصدر...