منتدى استراحات زايد - الموقف الاسبوعي لتيار الوفاء الاسلامي (الاحد 23-8-2015)

الموقف الأسبوعيّ لتيار الوفاء الإسلاميّ - الأحد 23 أغسطس/ آب 2015

بسم الله الرحمن الرحيم

تنظر الأطراف ذات الشأن إلى البحرين وإلى الحراك الشعبيّ فيها من زوايا مختلفة، فالأمريكيّ والبريطانيّ يراها منطقة مصالحٍ عسكريّةٍ وسياسيّةٍ واقتصاديّة، وأنّ آل خليفة هم من يضمنون استمرار هذه المصالح، بينما يرى السعوديّ البحرين أكثر من ذلك، فهو يراها منطقةً تتبع سلطانه وملكه وحكمه، وأنّ حمد بن عيسى ليس أكثر من أمير منطقةٍ بصفة ملك، بينما يختلف أصدقاء الشعب القلائل في العالم في نظرتهم للشعب وحراكه نحو الحريّة والتغيير في عامه الخامس، فبعض أصدقائنا ينظر لمظاهر صمود الشعب، ويرى أنّ ما يحتاجه شعب البحرين هو دعم هذا الصمود وطول النفس، ويرى البعض الآخر من الأصدقاء أنّه حان الوقت لكي يرتاح الشعب في محطّةٍ من المحطّات ويجنح لتسويةٍ بمواصفاتٍ محدّدة، يُلملم فيها صفوفه، ويُضمِّد جراحاته، ويُراكم الخبرات والقدرات لديه لجولةٍ مستقبليّةٍ أخرى مع الباطل.

تبعًا لاختلاف هذه القناعات لدى الأطراف المذكورة، يختلف تعاطيها مع ثورتنا وقضيّة شعبنا، فبينما الأمريكيّ والبريطانيّ - عمليًّا- مستعدّان للتفاوض حول ملفّات المنطقة بما فيها ملفّ البحرين، فإنّ السعودي - على الأقل حتّى الآن- يرفض الحديث حول البحرين أو تقديم أيِّ تنازلات، لأنّه يرى البحرين منطقة نفوذه وسلطانه كما أسلفنا، ولهذا سمّينا في أدبيّاتنا السياسيّة نظام آل سعود بـ «المحتلّ السعوديّ»، ولم نجانب الصواب في تسميتنا هذه. فآل سعود لا يختلفون - فكرًا وممارسةً ودورًا في المنطقة- عن الكيان الصهيونيّ، بل إنّ خطرهم على الإسلام ومصالح الأمّة والشعوب أكبر من إسرائيل، فقد زُرعوا في أرض الحرمين ليُدمّروا تراث الإسلام وهويّة الأمّة، وينشروا الحروب والدمار والتكفير ويكونوا حرسًا لمصالح القوى الاستعماريّة.

المنطقة ما زالت على صفيحٍ ساخن، وتحاول القوى على جبهتي الصراع تحقيق تقدُّمٍ هنا أوهناك، في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين، لتكون في موقع القوّة عندما يحين الوقت للتسوية، وعندما تتولّد قناعةٌ مشتركةٌ بأنّ التسوية هي المسار الصحيح. يأتي هنا أهميّة الحراك الشعبيّ في المعادلة، فبشكلٍ واقعيٍّ يحصل أيُّ شعبٍ على نتائج ومكاسب لثورته وحراكه، بما يتناسب مع صموده وطول نَفَسه ومقاومته وتضحياته وحضوره في الشارع، وحتى أصدقاء الشعب ممن يدعمون شعب البحرين في نضاله وحراكه، فإنّ رؤيتهم للداخل تعتمد وترتكز بشكلٍ أساسٍ على واقع الحراك وأُفُقه النضاليّ.

اليوم شعب البحرين مدعوٌّ أكثر من أيِّ وقتٍ مضى إلى أن يُلملم صفوفه، وأن لا يبدي ضعفًا أو تراجعًا، الشعب بحاجةٍ لجرعةٍ معنويّةٍ تقول له إنّ أكثر من 165 شهيدًا، و 4000 أسيرٍ، وبضع مئاتٍ من المطاردين والجرحى، هي تضحيةٌ متواضعةٌ في مقابل حريّته وحريّة أجيالٍ قادمةٍ من ربقة العبوديّة والظلم، وبأنّه قادرٌ بما يملك من خزّانٍ معنويٍّ وفكريٍّ وبشريٍّ على استيعاب الحملات الإرهابيّة الظالمة، التي تقوم بها العصابة الحاكمة. اليوم نحن بحاجةٍ للإبداع في تنوُّع الحراك، واستخدام كافّة الأدوات المتاحة والمشروعة. والمطلوب منّا كإعلاميّين واقتصاديّين وحقوقيّين وأكاديميّين ومثقّفين، أن نشرح للشعب ماذا حقّق واقعًا من تأثيرٍ على العدوّ، وكم قطع من مسافةٍ في رحلة الحريّة، لأنّ من شأن ذلك أن يرفع من معنويّات الشعب. المطلوب اليوم أن لا تخرج مبادرات أعيانٍ هزيلةٍ منهزمة، ولا مبادراتٍ من داخل السجن تنقصها الرؤية الشاملة للواقع في الخارج، فاليوم هناك جيلٌ عاصر الثورة في 2011 ولم يشتدّ عوده، وهو اليوم في مرحلة الشباب والفتوّة، وهذا الجيل أكثر استيعابًا وفهمًا وإدراكًا لواقع الظلم، وهذا الجيل هو من سيواصل الحراك بقوّة إذا تلقّى الدعم المعنويّ والاحتضان.

إذا نجح الشعب في تحقيق ذلك فسيفرض نفسه على العدوّ المستعمر والمحتلّ، وسيفرض احترامه على الصديق، وسيجعله في موقع قوّةٍ لمواصلة الدعم للشعب في خيارته السياسيّة والميدانيّة.

تيّار الوفاء الإسلاميّ
عضو التحالف من أجل الجمهوريّة
صدر بتاريخ: 23 أغسطس/ آب 2015م