منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   شيبتني سورة الحاقة .... (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=180713)

محروم.كوم 07-09-2009 01:40 PM

شيبتني سورة الحاقة ....
 
اخوانى اخواتيحقا سورة تشيب الشاب وتشيب الرضيع اذا فهمها وتدبرهايكفي ان الله خاطب حبيبه ورسوله وصفوة خلقة محمد صلى الله عليه وسلم بقوله{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ} أي لو اختلق محمد بعض الأقوال، ونسب إِلينا ما لم نقله {لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي لانتقمنا منه بقوتنا وقدرتنا {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} أي ثم لقطعنا نياط قلبه حتى يموت، قال القرطبي: والوتينُ عرق يتعلق به القلب، إِذا انقطع مات صاحبه والغرض أنه تعالى يعاجله بالعقوبة ولا يمهله، لو نسب إِلى الله شيئاً ولو قليلاً، فإِن تسمية الأقوال بالأقاويل للتصغير والتحقير {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} أي فما يقدر أحد منكم أن يحجز بيننا وبينه، لو أردنا حينئذٍ عقوبته، ولا أن يدفع عنه عذابناهذا عن حبيب الله وصفوة خلقة فماذا عنا ؟؟؟ من نكون نحن ؟؟؟ وكم قدرنا عند الله ؟؟؟ وهل اصلا قدرنا الله حق قدره حتى يقدرنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟لنرجع للسورة من البداية :تابع السورة اخى بالله عليكاستحلفك بالله ان تقرأها بقلب متدبر * {الْحَاقَّةُ(1)مَا الْحَاقَّةُ(2)وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ(3)كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ(4)فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ(5)وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ(6)سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ(7)فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ(8)وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ(9)فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً(10)إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ(11)لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12)}* {الْحَاقَّةُ} اسم للقيامة سميت بذلك لتحقق وقوعها، فهي حقٌ قاطع، وأمر واقع، لا شك فيه ولا جدال {مَا الْحَاقَّةُ}؟ التكرار لتفخيم شأنها، وتعظيم أمرها، وكان الأصل أن يقال: ما هي؟ ولكنه وضع الظاهر موضع الضمير زيادة في التعظيم والتهويل {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ}؟ وما أعلمك يا محمد ما هي القيامة؟ إِنك لا تعلمها إِذ لم تعاينها، ولم تر ما فيها من الأهوال، فإِنها من العظم والشدة بحيث لا يحيط بها وصف ولا خيال، وهذا على طريقة العرب فإنهم إِذا أرادوا تشويق المخاطب لأمرٍ أتوا بصيغة الاستفهام يقولون: أتدري ماذا حدث؟ والآية من هذا القبيل زيادة في التعظيم والتهويل كأنه قال: إِنها شيء مريع وخطب فظيع .. ثم بعد أن عظَّم أمرها وفخّم شأنها، ذكر من كذَّب بها وما حلَّ بهم بسبب التكذيب، تذكيراً لكفار مكة وتخويفاً لهم فقال {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ} أي كذب قوم صالح، وقوم هود بالقيامة، التي تقرع القلوب بأهوالها {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} أي فأمَّا ثمود - قوم صالح - فأُهلكوا بالصيحة المدمرة، التي جاوزت الحدَّ في الشدة، قال قتادة: هي الصيحة التي خرجت عن حدِّ كل صيحة {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} أي وأما عاد - قوم هود - فأُهلكوا بالريح العاصفة ذات الصوت الشديد وهي الدَّبور وفي الحديث (نصرتُ بالصبا، وأُهلكت عادٌ بالدَّبور) (عاتية) أي متجاوزة الحدَّ في الهبوب والبرودة، كأنها عتت على خزانها فلم يتمكنوا من ضبطها، قال ابن عباس: ما أرسل الله من ريح قط إِلا بمكيال، ولا أنزل قطرة قطُّ إِلا بمكيال، إِلا يوم نوحٍ ويوم عاد، فإِن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سبيل ثم قرأ {إِنَّا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} وإِن الريح عتت على خزانها فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} أي سلطها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام متتابعة لا تفتر ولا تنقطع {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى} أي فترى أيها المخاطب القوم في منازلهم موتى، لا حراك بهم {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} أي كأنهم أصول نخلٍ متآكلة الأجواف، قال المفسرون: كانت الريح تقطع رؤوسهم كما تقطع رءوس النخل، وتدخل من أفواههم وتخرج من أدبارهم حتى تصرعهم، فيصبحوا كالنخلة الخاوية الجوف {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}؟ أي فهل ترى أحداً من بقاياهم؟ أو تجد لهم أثراً؟ لقد هلكوا عن آخرهم كقوله تعالى {فأصبحوا لا يُرى إِلا مساكنهم} {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ} أي وجاء فرعون الجبار، ومن تقدَّمه من الأمم الطاغية التي كفرت برسلها {وَالْمُؤْتَفِكَاتُ} أي والأمم الذين انقلبت بهم ديارهم - قرى قوم لوط - حيث جعل الله عاليها سافلها، قال الصاوي: {وَالْمُؤْتَفِكَاتُ} أي المنقلبات وهي قرى قوم لوط، التي اقتلعها جبريل ورفعها على جناحه قرب السماء ثم قلبها، وكانت خمس قرى {بِالْخَاطِئَةِ} أي بالفعلة الخاطئة المنكرة، وهي الكفر والعصيان {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ} أي فعصى فرعون رسول الله موسى، وعصى قوم لوطٍ رسولهم لوطاً {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} أي فأخذهم الله أخذةً زائدةً في الشدة، على عقوبات من سبقهم، كما أن جرائمهم زادت في القبح والشناعة على سائر الكفار {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} أي لما تجاوز الماء حدَّه حتى علا كل شيء وارتفع فوقه حملناكم في السفينة {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} أي لنجعل تلك الحادثة عظةً للناس وعبرة، تدل على انتقام الله ممن كذَّب رسله {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} أي وتحفظها وتذكرها أذن واعية للمواعظ، تنتفع بما تسمع، قال القرطبي: والمقصود من قصص هذه الأمم وذكر ما حلَّ بهم من العذاب، زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا ختم الآية بقوله {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} قال قتادة: الواعية هي التي عقلت عن الله وانتفعت بما سمعت من كتاب الله عزّ وجّل. أهوال يوم القيامة *{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ(13)وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً(14)فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ(15)وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ(16)وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ(17)يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ(18)}* ولما ذكر قصص المكذبين، أتبعه بذكر أهوال القيامة وشدائدها فقال {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} أي فإِذا نفخ إِسرافيل في الصور نفخةً واحدة لخراب العالم، قال ابن عباس: هي النفخة الأولى التي يحصل عنها خراب الدنيا {وَحُملَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} أي ورفعت الأرض والجبال عن أماكنها، فضرب بعضها ببعضٍ حتى تندق وتتفتَّت وتصير كثيباً مهيلاً {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} أي ففي ذلك الحين قامت القيامة الكبرى، وحدثت الداهية العظمى {وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} أي وانصدعت السماء فهي يومئذٍ ضعيفة مسترخية، ليس فيها تماسك ولا صلابة {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} أي والملائكة على أطرافها وجوانبها، قال المفسرون: وذلك لأن السماء مسكن الملائكة، فإذا انشقت السماء وقفوا على أطرافها فزعاً مما داخلهم من هول ذلك اليوم، ومن عظمة ذي الجلال، الكبير المتعال {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} أي ويحمل عرش الرحمن ثمانية من الملائكة العظام فوق رءوسهم، وقال ابن عباس: ثمانية صفوفٍ من الملائكة لا يعلم عددهم إِلا الله {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} أي في ذلك اليوم الرهيب، تعرضون على ملك الملوك ذي الجلال للحساب والجزاء، لا يخفى عليه منكم أحدٌ، ولا يغيب عنه سرٌّ من أسراركم، لأنه العالم بالظواهر والسرائر والضمائر. جزاء الأبرار بعد الحساب * {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ(19)إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ(20)فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ(21)فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ(22)قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ(23)كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ(24)}* ثم بيَّن تعالى حال السعداء والأشقياء في ذلك اليوم فقال {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} أي فأما من أعطي كتاب أعماله بيمينه لأنه من السعداء { فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيه} أي فيقول ابتهاجاً وسروراً: خذوا اقرءوا كتابي، والهاء في {كِتَابيه} هاء السكت وكذلك في {حِسَابِيه} و{ماليه} و{سلطانيه} قال الرازي: ويدل قوله {هاؤم اقرءوا كتابيه} على أنه بلغ الغاية في السرور، لأنه لما أُعطي كتابه بيمينه، علم أنه من الناجين ومن الفائزين بالنعيم، فأحب أن يظهر ذلك لغيره حتى يفرحوا بما ناله {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيه} أي إِني أيقنت وتحققت بأني سألقى حسابي وجزائي يوم القيامة، فأعددت له العدة من الإِيمان، والعمل الصالح، قال الحسن: إِن المؤمن أحسن الظنَّ بربه فأحسن العمل، وإِنَّ المنافق أساء الظن بربه فأساء الظن بربه فأساء العمل، وقال الضحاك: كل ظنٍ في القرآن من المؤمن فهو يقين، ومن الكافر فهو شك .. قال تعالى مبيناً جزاءه {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي فهو في عيشة هنيئة مرضية، يرضى بها صاحبها، لما ورد في الصحيح أنهم يعيشون فلا يموتون أبداً، ويصحون فلا يمرضون أبداً، وينعمون فلا يرون بؤساً أبداً {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} أي في جنةٍ رفيعة القدر، وقصور عالية شاهقة {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} أي ثمارها قريبة، يتناولها القائم، والقاعد، والمضطجع، قال ابن جزي: القطوف جمع قطف وهو ما يجتنى من الثمار ويقطف كالعنقود، روي أن العبد يأخذها بفمه من شجرها وهو قائم أو قاعد أو مضطجع {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} أي يقال لهم تفضلاً وإِنعاماً: كلوا واشربوا أكلاً وشرباً هنيئاً، بعيداً عن كل أذى، سالماً من كل مكروه {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} أي بسبب ما قدمتم من الأعمال الصالحة في الأيام الماضية يعني أيام الدنيا. حال الأشقياء يوم القيامة * {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ(25)وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ(26)يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ(27)مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ(28)هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ(29)خُذُوهُ فَغُلُّوهُ(30)ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ(31)ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ(32)إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(33)وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ(34)فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ(35)وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ(36)لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ(37)}* ولما ذكر حال السعداء أعقبه بذكر حال الأشقياء فقال {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} أي وأما من أعطي كتابه بشماله وهذه علامة الشقاوة والخسران {فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه} أي فيقول اذا رأى قبائح أعماله: يا ليتني لم أعط كتابي، قال المفسرون: وذلك لِما يحصل له من الخجل والافتضاح فيتمنى عندئذٍ أنه لم يعط كتاب أعماله، ويندم أشد الندم {وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه} أي ولم عرف عظم حسابي وشدته، والاستفهام للتعظيم والتهويل {يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ} أي يا ليت الموتة الأولى التي متُّها في الدنيا، كانت القاطعة لحياتي، فلم أبعث بعدها ولم أُعذب، قال قتادة: تمنى الموت ولم يكن شيء عنده أكره من الموت، لأنه رأى تلك الحالة أشنع وأمرَّ ممَّا ذاقه من الموت {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيه} أي ما نفعني مالي الذي جمعته ولا دفع عني من عذاب الله شيئاً {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيه} أي زال عني ملكي وسلطاني، ونسبي وجاهي، فلا معين لي ولا مجير، ولا صديق ولا نصير {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} أي يقول تعالى لزبانية جهنم: خذوا هذا المجرم الأثيم فشدوه بالأغلال، قال القرطبي: فيبتدره مائة ألف ملك، ثم تجمع يده الى عنقه، فذلك قوله تعالى {فَغُلُّوهُ} {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} أي ثم أدخلوه النار العظيمة المتأججة، ليصلى حرَّها {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} أي ثم أدخلوه في سلسلةٍ حديدية طولها سبعون ذراعاً، قال ابن عباس: بذراع الملك، تدخل السلسلة من دبره، وتخرج من حلقه، ثم يجمع بين ناصيته وقدميه والسلسلة هي حلق منتظمة، كل حلقة منها في حلقة، يلف بها حتى لا يستطيع حراكاً .. لمّا بيَّن العذاب الشديد بيَّن سببه فقال {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} أي كان لا يصدق بوحدانية الله وعظمته، قال أبو حيّان: بدأ بأقوى أسباب تعذيبه وهو كفره بالله، وهو تعليلٌ مستأنف كأن قائلاً قال: لم يعذِّب هذا العذاب البليغ؟ فأجيب إِنه كان لا يؤمن بالله {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أي ولا يُحثُّ نفسه ولا غيره على إِطعام المسكين، قال المفسرون: ذكر الحضَّ دون الفعل للتنبيه على أن تارك الحضّ بهذه المنزلة، فكيف بتارك الإِحسان والصدقة؟ {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ} أي فليس له في الآخرة صديق يدفع عنه العذاب، لأن الأصدقاء يتحاشونه، ويفرُّون منه {وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ} أي وليس له طعام إِلا صديد أهل النار، الذي يسيل من جراحاتهم {لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ} أي لا يأكله إِلا الآثمون المجرمون المرتكبون للخطايا والآثام، قال المفسرون: {الْخَاطِئُونَ} جمع خاطئ وهو الذي يتعمد الذنب، والمخطئ الذي يفعل الشيء خطأ دون قصد، ولهذا قال {الْخَاطِئُونَ} ولم يقل المخطئون. تعظيم القرآن وتأكيد نزوله من عند الله * {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ(38)وَمَا لا تُبْصِرُونَ(39)إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ(40)وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ(41)وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ(42)تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(43)وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ(44)لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45)ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46)فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ(47)وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ(48)وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ(49)وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ(50)وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ(51)فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ(52)*} سبب النزول:نزول الآيات (38 - 40): {فلا أقسم}: قال مقاتل: سبب ذلك أن الوليد بن المغيرة قال: إن محمداً ساحر، وقال أبو جهل: شاعر، وقال عقبة: كاهن، فقال الله عز وجل: {فلا أقسم ..} أي أقسم. ولما ذكر أحوال السعداء من أهل الجنة، ثم أحوال الأشقياء من أهل النار، ختم الكلام بتعظيم القرآن فقال {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ} أي فأقسم بالمشاهدات والمغيبات، أُقسم بما ترونه ولا ترونه، مما هو واقعٌ تحت الأبصار، وما غاب وخفي عن الأنظار، و {لا} في قوله {فَلا أُقْسِمُ} لتأكيد القسم وليست نافية، قال الإِمام الفخر الرازي: والآية تدل على العموم والشمول، لأنها لا تخرج عن قسمي: مبصرٍ وغير مبصر، فشملت الخالق والخلق، والدنيا والآخرة، والأجسام والأرواح، والإِنس والجن، والنعم الظاهرة والباطنة، قال قتادة: هو عام في جميع مخلوقاته جلَّ وعلا، وقال عطاء: ما تبصرون من آثار القدرة، وما لا تبصرون من أسرار القدرة {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} أي إِن هذا القرآن لكلام الرحمن، يتلوه ويقرؤه رسولٌ كريم، هو محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، قال القرطبي: والرسول ههنا محمد صلى الله عليه وسلم ونسب القول إِليه لأنه تاليه ومبلغه عن الله تعالى {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} أي وليس القرآن كلام شاعر كما تزعمون، لأنه مباين لأوزان الشعر كلها، فليس شعراً ولا نثراً {قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} أي قلَّما تؤمنون بهذا القرآن، قال مقاتل: يعني بالقليل أنهم لا يصدقون بأن القرآن من الله، بمعنى لا يؤمنون به أصلاً، والعرب تقول: قلَّما يأتينا يريدون لا يأتينا {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ} أي وليس هو بقول كاهنٍ يدعي معرفة الغيب، لأن القرآن يغاير بأسلوبه سجع الكهان {قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} أي قلَّما تتذكرون وتتعظون {تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي هو تنزيلٌ من ربِّ العزة جل وعلا كقوله تعالى {وإِنه لتنزيل ربِّ العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسانٍ عربي مبين} والغرض من الآية تبرئه الرسول صلى الله عليه وسلم مما نسبه إِليه المشركون من دعوى السحر والكهانة، ثم أكَّد ذلك بأعظم برهان على أن القرآن من عند الله فقال {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ} أي لو اختلق محمد بعض الأقوال، ونسب إِلينا ما لم نقله {لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي لانتقمنا منه بقوتنا وقدرتنا {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} أي ثم لقطعنا نياط قلبه حتى يموت، قال القرطبي: والوتينُ عرق يتعلق به القلب، إِذا انقطع مات صاحبه والغرض أنه تعالى يعاجله بالعقوبة ولا يمهله، لو نسب إِلى الله شيئاً ولو قليلاً، فإِن تسمية الأقوال بالأقاويل للتصغير والتحقير {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} أي فما يقدر أحد منكم أن يحجز بيننا وبينه، لو أردنا حينئذٍ عقوبته، ولا أن يدفع عنه عذابنا، قال الخازن: المعنى إِن محمداً لا يتكلم الكذب علينا لأجلكم، مع علمه أنه لو تكلم لعاقبناه، ولا يقدر أحدٌ على دفع عقوبتنا عنه {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} أي وإِن هذا القرآن لعظةٌ للمؤمنين المتقين الذين يخشون الله، وخصَّ المتقين بالذكر لأنهم المنتفعون به {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} أي ونحن نعلم أن منكم من يكذب بهذا القرآن مع وضوح آياته، ويزعم أنه أساطير الأولين، وفي الآية وعيدٌ لمن كذب بالقرآن {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ} أي وإِنه لحسرة عليهم في الآخرة، لأنهم يتأسفون إِذا رأوا ثواب من آمن به {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} أي وإِنه لحقٌ يقينيٌ لا يحوم حوله ريبٌ، ولا يشك عاقل أنه كلام رب العالمين {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أي فنزّه ربك العظيم عن السوء والنقائص، واشكره على ما أعطاك من النعم العظيمة، التي من أعظمها نعمة القرآن.واخيرا اليك هذه القصيدة تـنبهـوا يـا رقود ... إلـى مـتى ذا الجمودفـهـذه الـدار جمعا ... تـفـنـى ومال يبيدُوالـعمر ينقص دوما ... والـسـيـئـات تزيدوكـل مـا راح يـوم ... مـنـهـا فليس يعودفـأكـثروا الزاد فيها ... إن الـطـريـق بعيدولا تـطـيعوا نفوسا ... شـيـطـانـهن مريديـا مـن يريد خلودا ... هـيـهات منك الخلوديـا مـنكر الحشر هذا ... مـا كـنت منه تحيدسـل أيـن آدم جـدا ... تـعـزى إليه الجدودوأيـن شـيث ونوح ... وأيـن عـاد وهـودومـديـن وشـعـيب ... وصـالـح وثـمـودوأيـن فرعون مصر ... وتـبـع والـجـنودالـمـال يـجبى إليهم ... والـعـيش حلو رغيدمـاتوا وضاقت عليهم ... بـعد القصور اللحوديـا تائها في المعاصي ... عـد واعتذر يا طريدُوجـاهـد النفس فيها ... تـمـت وأنـت شهيدغـدا سـتُـلقى بقبر ... يـذرى عليك الصعيدوالعظم في الترب يبلى ... ويـأكـل الـلحم دودُوفـي جـهـنـم نار ... لـهـا الـعصاة وقودوفـي الـجـنان نعيم ... فـيـهـا التقيُّ سعيدُ

أكثر...


الساعة الآن 05:41 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227