منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   الإسلام والشريعة (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=2)
-   -   ما يبكيك يا عمر (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=1712683)

النقاء 02-15-2015 09:14 PM

ما يبكيك يا عمر
 
كان صلى الله عليه وسلم يلبس على رأسه العمامة، وأحياناً يلبس شيئاً سماه العرب قلنسوه، أي طاقيه يضع فوقها العمامة، وأحياناً يلبس العمامة بدون طاقية، وأحيانا يلبس الطاقية بدون عمامة، وأحياناً يضع على العمامة ما يسمى بالشال، وأحياناً يرخيه على كتفيه، وقد ورد أنه فعل ذلك عندما سُئل من الله عز وجل: {يَا مُحَمَدُ هَلْ تَدْرِيَ فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأُ الأَعْلَى؟ قَالَ قُلْتُ لا، قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ أَوْ قَالَ في نَحْرِي فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} {1}

فأرخى شال عمامته على الموضع الذي في ظهره، مع تنزيه الله عز وجل عن اليد والحركات والسكنات، فهو سبحانه وتعالى كما قال عن ذاته: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} الشورى11

وكان صلى الله عليه وسلم أحياناً يُصلي وليس هناك شيء على رأسه، كل هذه الكيفيات وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا نحجب فضل الله، ولايتمسك أحدنا برأي أعجبه ويظن أنه وحده على الصواب وأن غيره على الخطأ.

فسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم واسعة، والأمر فيه سعة ما دام الانسان يتابع الحَبيب، فالحَبيب صلى الله عليه وسلم إن تابعه الإنسان في أي جنب من جوانبه فهو مصيب، ويستحيل على أي امرئ أياً كان أن يتابع الحَبيب على كل طُرُقه، نحن نستطيع أن نتابعه في جهة ونسأل الله أن يتم علينا ذلك، وأن يعيننا على ذلك، لكن متابعته بالكليه تعجز عنها كل البشرية ولو اجتمعوا جميعاً على ذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم أكمل الكاملين، وأعبد العابدين، وأشكر الشاكرين، وأذكر الذاكرين لله عز وجل.

هنا يظهر لنا عظمته التي أوجده الله عليها، فإن الله ملَّكه في حياته الجزيرة العربية كلها، وبلاد اليمن، وجاءته الخيرات من كل فج، ومع ذلك كان يرفض أن يتوسع في المباحات لأنه قدوة لأُمَّته صلى الله عليه وسلم.

دخل عليه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً فإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَاقِدًا تَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ إِلا الْحَصِيرُ، وَأَثَّرَ الْحَصِيرُ فِي جَنْبِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ ذَرِفَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كِسْرَى وَقَيْصَرُ عَدُوَّا اللَّهِ يَفْتَرِشَانِ الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ وَأَنْتَ نَبِيُّهُ وَصَفِيُّهُ وَلَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الأَرْضِ إِلا الْحَصِيرُ وَوِسَادَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهْبَةٌ فِيهَا رِيحٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أُولَئِكَ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ} {2}

وقال صلى الله عليه وسلم: {كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ} {3}

فكان صلى الله عليه وسلم تارة ينام على الحصير، وتارة ينام على التراب، وتارة ينام على فراش من أدم أي الجلد الخالي من الشعر أو الصوف، وهذا الجلد محشو بالليف ووسادته كذلك، وكان الفراش العظيم عبارة عن عباءة تنتقل معه عند زوجاته يطوونها طيتان ويفرشونها على فراشه.

{سُئِلَتْ عَائِشَةُ: مَا كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِكِ؟ قَالَتْ: مَنْ أدم حَشْوَهُ لِيفٌ. وسُئِلَتْ حَفْصَةُ: مَا كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِكِ؟ قَالَتْ: مَسْحاً نَثْنِيهِ ثَنْيَتَيْنِ فَيَنَامُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قُلْتُ: لوْ ثَنَيْتِهِ أرْبَعَ ثَنَيَاتٍ كَانَ أوْطَأ لَهُ، فَثَنيْنَاهُ لَهُ بِأرْبَعِ ثَنَيَاتٍ، فَلَمَّا أصْبَحَ. قال: مَا فَرَشْتُمُونِي اللَّيْلَةَ؟ قَالَتْ: قُلْنَا: هُوَ فِرَاشُكَ، إِلاَّ أنَّا ثَنَيْنَاهُ بِأرْبَع ثَنَيَاتٍ. قُلْنَا: هُوَ أوْطَأ لَكَ. قال: رُدُّوهُ لِحَالِهِ الأولَى، فإنه منعًتْنِي
وَطْأَتُهُ صَلاَتِي اللَّيْلَةَ}
{4}

ينبهنا إلى ما نحن فيه الآن من الذين ينشدون الفراش الوثير والترف في النوم، كيف يقومون لله؟ كيف يناجون الله في وقت الأسحار؟ قال صلى الله عليه وسلم: {يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ} {5}

فهل صاحب الفراش الوثير يقوم الى ذلك؟ فكان صلى الله عليه وسلم بهديه الكريم كلاماً يُقتدى به ويُرتجي به ويكون الخلق أجمعين سعداء إذا اهتدوا بهديه صلوات الله وسلامه عليه.

فكان صلى الله عليه وسلم متقللاً من أمتعة الدنيا كلها، وقد أعطاه الله مفاتيح خزائن الأرض كلها فأبى أن يأخذها، واختار الآخرة عليها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: {دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَرَأَتْ فِرَاشَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبَاءَةً، فَقَالَتْ: مَا لَهُ فِرَاشٌ غَيْرَ هَذَا؟ قُلْتُ: لا وَاللَّهِ، مَا لَهُ فِرَاشٌ غَيْرُهُ، فَعَمَدْتُ إِلَى سَبِيبَةٍ مِنَ السَّبَائِبِ، فَحَشَتْهَا صُوفًا، ثُمَّ أَتَتْنِي بِهَا، فَقَالَتْ: لِيَكُنْ هَذَا فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: يَا عَائِشَةُ، مَا هَذِهِ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: رُدِّيهِ، قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِي، وَلَمْ أَرُدَّهُ، وَأَعْجَبَنِي أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِي، فَجَاءَ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَلَمْ آمُرُكِ أَنْ تَرُدِّيهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرُدَّهُ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِي، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، رُدِّيهِ، فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ لأَجْرَى اللَّهُ مَعِيَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} {6}

فما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً قط، إن فرش له اضطجع وإلا اضطجع على الأرض، وكان صلى الله عليه وسلم يتغطى باللحاف، وكان وساده الذي يتكأ عليه من أدم حشوه ليف كما أسلفنا، وروى أنه صلى الله عليه وسلم: {كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَرْوَةٌ مَدْبُوغَةٌ يُصَلي عَلَيْهَا} {7}

{1} عَن ابنِ عَبَّاسٍ، سنن الترمذي وتمامه: قَال: قَالَ رَسُولُ الله: { أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى في أَحْسَنِ صُورَةٍ ـ قَالَ أَحْسِبُهُ في المَنَامِ فَقَالَ. ـ الحديث - قَالَ يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ نَعَمْ في الكَفَّارَاتِ، والكَفَّارَاتُ المُكْثُ فِي المَسْجِدِ بَعْدَ الصَّلوات، والمَشْيُ عَلَى الأَقْدَامِ إلى الجَمَاعَاتِ وإسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي المَكارِهِ، ومَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وقَالَ يَا مُحَمَّدُ إذَا صَلَّيْتَ فَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْراتِ وتَرْكَ المُنْكَرَاتِ وحُبَّ المَسَاكِينِ وإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ. قَالَ والدَّرَجَاتُ إِفْشَاءُ السَّلاَمِ وَإطْعَامُ الطّعَامِ والصَّلاَةُ باللّيْلِ والنَّاسِ ونيَامٌ} {2} الطبقات الكبرى لابن سعد عن عائشة رضي الله عنها {3}سنن الترمذي ومسند أحمد عن أبي سعيد الخدري {4} عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍ، أخرجه الترمذي في الشمائل {5} صحيح مسلم وسنن الترمذي عن أبي هريرة {6} معجم الطبراني والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها {7} : ابن سعد عن المغيرة رضَي اللَّهُ عنهُ جامع المسانيد والمراسيل


الساعة الآن 09:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227