منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   الشيخ المحفوظ :الحرية دعامة (( التغيير )) (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=167813)

محروم.كوم 06-24-2009 09:50 AM

الشيخ المحفوظ :الحرية دعامة (( التغيير ))
 
أعمدة
الحرية دعامة التغيير
محمد علي المحفوظ
http://www.alwaqt.com/imagescache/44...hor100crop.jpg

قد لا تكون النزعة إلى الحرية الموجودة عند كل إنسان كافية لبقائه حراً، إذ إن عليه أن يعمل جاهداً لكي يحافظ على هذه الحرية أمام التحديات والمصاعب اليومية على كل صعيد، وفي حديث للإمام علي(ع) يقول «أيها الناس إن آدم لم يلد عبداً ولا أمَة، وإن الناس كلهم أحرار»، وهذا بلاشك تأكيد كبير على أن الحرية حالة إنسانية أصيلة، ولكن المشكلة أن هذه الحالة تواجه تهديدات دائمة، حيث إن الضغوط أو المغريات وضعف الإرادة تشكل خطراً على حرية الإنسان وربما يفقد البعض حريته من دون أن يشعر حتى بذلك.

ولا شك أن الحرية تمثل محوراً مهماً في تكوين شخصية البشر وتؤثر على نمط تفكيره وحياته وصيانة كرامته الإنسانية، وليس من المبالغة في شيء إذا قلنا إن للحرية تأثيراً كبيراً على إبداع الإنسان وعطائه وقدرته على التعبير عن نفسه بصورة حقيقية؛ ولذلك فإن الإسلام كدين اعتبر أن حرية الإنسان عطاء إلهي لا ينبغي التنازل عنه بأي حال من الأحوال، بل حتى فيما يرتبط بالعقيدة والدين فإن الإسلام جعل الأمر باختيار الإنسان في قبوله من دون أي ضغط أو إكراه، فقال ربنا عز وجل في القران الكريم «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (البقرة 256)، وحتى بالنسبة إلى الرسول الأكرم (ص) فإن مهمته الأساسية هي استثارة العقول والتذكير فيقول ربنا عز وجل «فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ. لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ» (الغاشية 22 ,21)، ومع أن الإسلام بطبيعة الحال رشد هذه الحرية فلم يجعلها مجرد استباحة، بمعنى أن يقوم الإنسان بالاستجابة لكل رغبة من دون الإحساس الوعي بالمسؤولية؛ لأنه أراد أن يجعل الإنسان متميزاً عن بقية المخلوقات، حيث كرمه ربنا ورفعه درجة عالية من خلال قوله عز وجل «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» (الإسراء 70)، إلا أن الإسلام أمر بالمحافظة على هذه الحرية واحترمها أي احترام وفي هذا الشأن يقول الإمام علي (ع) «لا تكن عبدَ غيرك وقد جعلك الله حراً».

ولكي يحافظ الإنسان على حريته، فإن عليه أن يتحرر من كل خوف أو رهبة أو طمع، فهذه العوامل قد تقيد الإنسان فتجعله مكبّلاً من الداخل، وما لم يكن الإنسان حراً في داخله فلن يعرف طعم الحرية، وفي هذا الشأن يشير الإمام علي (ع) إلى حقيقة مهمة حيث يقول «لا يسترقنك الطمع وقد جعلك الله حراً»، كما أنه ما لم يكن الإنسان عزيزاً في داخله فلن يكون حراً، وهذا يقودنا إلى كيفية البناء الاجتماعي الذي ينبغي أن نتبنّاه في رؤيتنا ونظرتنا للواقع السياسي، حيث إن النظام السياسي الذي يفكر في بناء وطن عزيز قادر محصن تجاه الأخطار والتحديات فإن عليه أن يبني إنساناً حراً كريماً مستقلاً من خلال تلبية حاجاته ومتطلباته وتحقيق طموحاته ضمن دائرة القانون والمؤسسات التي ينبغي أن تقوم على النزاهة والعدالة وتكافؤ الفرص في نظرتها لكل الناس حتى لا يتصارع الناس على المكاسب والمصالح الشخصية ولا يتحركون ضمن دائرة الذات والأنا فيعيشون في حالات من النزاع والتقاتل بدلاً من أن يعيشوا في دائرة التكامل والإيثار والتقاسم، ولا شك أن النظام السياسي يتحمل مسؤولية الارتقاء بأبناء مجتمعه إلى مصاف المجتمعات المتقدمة أو إبقائهم ضمن دائرة الجمود والتخلف، وذلك من خلال تعزيز الثقة بأنفسهم وعدم سلب حرياتهم أو التجاوز عليهم، سواء من خلال الترهيب أو التخويف أو من خلال الترغيب والإغراءات التي قد تسلبهم حرياتهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وهو ما يؤدي إلى الخمول والانكفاء عندنا، بينما يعيش الآخرون في الأنظمة المتقدمة الإبداع والعطاء، ومعلوم أن الثقة والانطلاق في رحاب آفاق العلم والمعرفة والعمل والتنمية بحاجة إلى أرضية متينة تنطلق عليها وتستند إليها، وهذه الأرضية هي الحرية التي متى ما سلبت فإنك تحكم على الإنسان بالتعطيل والتقييد والتكبيل. إن الشعور بالثقة يتعزز عند الناس من خلال تأمين حقوقهم الطبيعية في الحياة الحرة الكريمة من دون مِنّة أو ضغط ومن شعور بالغبن أو إحساس بالنقص، وهو ما يؤدي إلى أحد أمرين؛ إما وجود أناس متذمرين وساخطين وربما ناقمين أو وجود أناس متزلفين ومتملقين، وفي كلا الحالتين فإن هذا الأمر لا ينتج مجتمعاً سوياً وقادراً على التنمية والتقدم، ولذلك فإن ما نراه اليوم من أزمات تعبّر عن نفسها بشكل سيئ من وقوف الناس على طوابير الإسكان في انتظار غير مبرر لبيت يعيشون فيه أو فقر معيشي أوصل الناس إلى حالة استجداء لعلاوة غلاء بين أن تصل أو لا تصل، وبين غياب لسواحل بلادهم وأراضيهم، وفوق كل ذلك لا يرى الناس أن لهم فرصة في الشراكة السياسية التي توفر لهم إمكانية تحصيل الحقوق والنهوض ببلادهم، ومن الطبيعي أن عدم تحقق كل هذه المطالب يساهم بشكل أو بآخر في الاستنقاص من حرية الناس وقد يحط من كراماتهم لا سمح الله.


الساعة الآن 11:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227