منتدى استراحات زايد - لبيب الشهابي: موسوي وخيار الفوضى الخلاقة

الزميل في ملتقى البحرين لبيب الشهابي يبدوا أنه انضم لكتاب جريدة الوقت وهذا مقاله الأول اليوم:

موسوي وخيار الفوضى الخلاقة

بقلم: لبيب الشهابي

أوصى مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنائي في جامعة طهران الجمعة 19 يونيه 2009م أتباع المرشحين بالتريث وضبط النفس معللاً ذلك بأن الأعداء يتربصون بالبلاد،ولم يفت المرشد الأعلى للثورة أن يحذر المرشحين من مغبة الاحتكام للشارع.

المرشح مير حسين موسوي كان متفائلاً باستطلاعات الرأي التي أكدت فوزه،إلا أنه بعد ظهور النتائج سرعان ما دعا أنصاره إلى الخروج للشارع تعبيراً عن احتجاجهم على نتيجة الانتخابات،والسؤال الذي يطرح نفسه:هل الاحتكام المزدوج من قبل رئيس الوزراء الأسبق للشارع ومجلس صيانة الدستور ينم عن حرص على مصلحة البلاد أم يشكل اختباراً حقيقياً لمؤسسات الدولة؟

كان مجلس صيانة الدستور قد قرر بناءاً على شكوى موسوي أن يعيد فرز الأصوات في بعض الدوائر المختلف عليها،إلا أن مرشح الرئاسة يصر على أن تعاد الانتخابات برمتها،فكيف سيثق موسوي مجدداً في مجلس صيانة الدستور،وزارة الداخلية أو أية مؤسسة رسمية بإدارتها لانتخابات نزيهة ترضيه،وتؤكد له ما ذهبت استطلاعات الرأي التي على أساسها بدا واثقاً من فوزه الكاسح في الانتخابات الرئاسية؟

لقد لعب الإعلام الغربي دوراً كبيراً في تأليب المرشحين على ما تمخضت عنه الانتخابات من نتائج،وقد دخل الرئيس الأميركي باراك أوباما على خط الأزمة مدعياً أنه ليس من اللائق أن يتدخل رئيس الولايات المتحدة في الشأن الداخلي الإيراني،إلا أن أحد خطاباته التي بثتها هيئة الإذاعة البريطانية في الأسبوع المنصرم لم تخل من دعم للمرشحين الرئاسيين المعارضين للرئيس السابق والفائز في الانتخابات الأخيرة التي يراد لنتائجها أن تقوض الثورة في إيران ،وقد وجه الخامنائي نقداً لاذعاً لانتهاكات حقوق الإنسان والديمقراطية الغربية.

وما من شك أن الولايات المتحدة الأمريكية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر،وبعد الضربة الموجعة التي تلقتها في قعر دارها تعمد إلى تجنيد الآخرين للذود عنها والدفاع عن حياضها بدعوى الحرب على الإرهاب،وقد عمدت إلى تصدير مفهوم "الفوضى الخلاقة" وهو ما يسعى إليه الرئيس الأميركي من خلال خطاباته المتعلقة بالشأن الإيراني، بحيث تبدو في ظاهرها أنها حديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الإنسانية، ولكن مضامينها تدخلٌ مبطنٌ في الشأن الداخلي الإيراني الهدف منه إشعال الفتنة الداخلية وإشغال إيران في حروب جانبية تندلع من داخلها،هي حرب بالوكالة عن الولايات المتحدة بأيد إيرانية.

وقد كان تأكيد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران أن ما عبر عنه بالفوضى السياسية لا يخدم مصلحة البلاد بل يسيء إلى سمعتها "فمن هذا المنطلق الانجرار إلى الفوضى السياسية لا يخدم مصلحة البلاد، بل يسيء إلى سمعة الجمهورية الإسلامية"(1) تنبهاً لمحاولات أجنبية للنيل من النظام الإسلامي.

وقد لعبت وسائل الإعلام الغربية،ودخل الرئيس الفرنسي ساركوزي على خط الأزمة في محاولة للضغط على النظام الإسلامي في إيران،وكان لا بد في مقابل ذلك أن تتحرك أجهزة الدولة للتصدي لكل ما من شأنه أن يؤزم الأوضاع الداخلية وينال من النظام،ولو كان بأيدي شخصيات شهد لها المرشد الأعلى في خطابه أنها "من رواد الثورة الإسلامية وخدما البلاد بكل إخلاص"(2)، ففي السياسة الأمريكية "الغاية تبرر الوسيلة"،وتبقى المصلحة الأمريكية فوق كل اعتبار.

وبعد خطاب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران الذي لاقى تأييداً وصدى شعبياً يبقى الرهان على حلحلة الأزمة،والاحتكام إلى مؤسسات الدولة لفض النزاعات بين المرشحين،إذا أن الاحتكام إلى الشارع وتعبئة الجماهير لن يفيد أحداً من الإيرانيين بل سيقود البلاد والعباد إلى نفق مظلم له بداية ولا تلوح له نهاية.

(1) ، (2)صحيفة الوفاق الإيرانية- السبت 20 يونيو / حزيران 2009م.
· كاتب بحريني

[email protected] للتواصل مع الكاتب