موضوع قديم
 

هو موضوع قديم عبارة عن قصة صغيرة قرأتها هنا وتأثرت بها لشدة تطابقها مع واقعنا , قصة كنت قد نسيتها الى ان وجدتها صدفة بالامس وانا ابحث في ملفات كمبيوتري , ففكرت باعادة طرحها هنا للفائدة ولانني احسست ان هذا وقتها , مع الاعتذار مسبقا لكاتبها فانا لا اتذكر اسمه .

.................................................. ...

يحكى ان هناك قرية صغيرة وجميلة , اهلها مسالمون وطيبون , هجمت عليها ذات يوم قوات الحرس واقسموا ان يذلوا اهلها ويجعلوا اعزاء ساكنيها اذلة , فضربوا اول ما ضربوا حكماء تلك القرية , فمنهم من هادن واستسلم ومنهم من هرب ومنهم من قاوم الى ان اخرج من دياره .
استمر الحال لفترة من الزمن الى ان خرج من اهل تلك القرية ابطال , يقودون صراعا داميا مع الحرس , لا تأخذهم في سبيل تحقيق العزة لومة لائم , لم ينهزموا ولم يذلوا ولم يركنوا للذين ظلموا , تحملوا الضرب والعذاب وتحملوا قسوة الحرس فلم يزدادوا بذلك الا منعة وقوة واصرار على تحقيق المطالب .
عجبا كيف تعب الحرس من ضرب الابطال ولم يتعب الابطال من ضرب الحرس لهم , وما هي الا سنوات قليلة حتى وقف الحرس حائرين لا يعرفوا حلا مع اؤلائك الابطال , فنادوا في القرية ( يا قوم انها الهدنة يا قوم , لكم ما تريدون فابشروا وبايعوا ) , فبايع الناس الحرس على الطاعة وعلى ان يكف الحرس عن ذل الناس وعلى ان يعطوا الناس مما يعطوا بعضهم ويطعموهم مما ياكلون .
اعاد النداء الى القرية جمالها وارجع لاهلها السكينة والامان , واعاد اليها حكمائها وكل اهلها , استبشر الناس خيرا وسرت السعادة بينهم , الى ان جاء يوم قام الحرس فيهم بالنداء في القرية ( يا قوم سنغير ما اتفقنا عليه قليلا , فليس لكم ما لنا , بل لكم اقل مما لنا بقليل ) , وقبل ان يفزع القوم اخذ الحرس بعضا من مال القرية ونثروه للناس في الشوارع فتدافع الناس حول المال ونسوا امر نكث العهد .
بقي الابطال ينظرون للحرس تارة وللناس تارة اخرى وهم يضربون كفا بكف اسفا , " اهذا ما قاتلنا لاجلة , وما ضحينا للوصول اليه !!! " تهامس الابطال فيما بينهم , فقرروا ان يجتمعوا مع حكماء القرية .
كان الغضب باديا على حكماء القرية بعد ان اجتمع الابطال بهم , فقرروا ان يشكلوا مجلسا من الابطال والناس لتنسيق العمل ولكي يكون القرار جماعيا , ومن جهه اخرى خرج الحكماء للناس خاطبين , فبلغ الغضب اشده في خطبهم وارتفعت الاصوات عاليا , واخذ الحماس الناس كل الناس , فقرر الحكماء مخاطبة الحرس , وكل هذا يحدث والابطال واقفين يشاهدون المنظر وابتسامة رضا عريضة تعلو محياهم , حتى همس بعضهم لبعض " يبدو ان عزنا سيرجع ايها الابطال "
بعد يوم اجتمع الحكماء مع الحرس , وبعد اجتماع كان اظهر ما فيه الابتسامة المتبادلة بين الحكماء والحرس , خرج الحكماء للناس معلنين ( ايها الناس لم يوافق الحرس على مطلبنا , وهم لن يرجعوا عن قرارهم , والحكمة تقول ان ترضوا بشئ لهو افضل من لاشيئ ) , هز الناس رؤسهم وكل مضى في سبيله وهم قائلين " الخيرة فيما اختار لنا الحكماء " .
في ذلك اليوم اجتمع الابطال والناس في مجلسهم والغضب مسيطرا عليهم فخاطب الابطال الحضور جميعا حاثين اياهم على الرفض وعلى خلع البيعة بعد النكث , وقبل ان يتفق الجميع ارسل كبير الحكماء رسولا لاعضاء المجلس من الناس قائلا لهم ان لا يقبلوا بقول الابطال فهم اناس لم يعرفوا غير العنف وان الحكمة بعيدة عنهم كبعد النار عن الماء , وانهم يجب ان ينصاعوا للحكمة ويرفضوا ما يقول الابطال , فتم ذلك ورفض الناس في المجلس قول الابطال , فقام كبير الابطال وولى مغاضبا مقسما ان لا يعود لاؤلائك الناس ولا لذلك المجلس .
بعد ايام قام الحرس بتقسيم القرية الى قسمين , قسم لهم كبير وقسم للناس صغير واعلنوا انهم سيبنون حائطا للفصل بين القسمين ولكي يعرف كل شخص ما هي حدودة وما هو حقه , فخرج الحكماء للناس غاضبين وخطبوا فيهم خطبة عصماء وهددوا وتوعدوا ومن ثم اجتمعوا بالحرس , ليخرجوا للناس معلنين ان اقبلوا بشيئ فهو والله افضل من لا شيئ .
اجتمع المجلس مجددا واجواء الغضب تسيطر عليه , فقرر الابطال المتبقين في المجلس مع الناس الحاضرين في المجلس ان لا هوادة ولا سكوت بعد اليوم , فجاء الناس مبعوث كبير الحكماء قائلا لهم , ما لكم والابطال انهم هواة عنف وتخريب وحرق وتكسير اين هم والحكمة !!! , اتتركون الحكماء وحكمتهم وتتبعون الابطال وجهلهم !!!.
فانقلب الناس في المجلس , وايضا ولّى بعض الابطال مغاضبين , وقرروا ان يخرجوا على الحرس شاهرين سيوفهم , فخرج الحكماء للناس قائلين ( ان لا تتبعوا اؤلائك الخارجين على الحكمة , فنحن الشرعية هنا وهم لا شرعية لهم الا ان نشرع نحن لهم , ونحن لا نشرع العنف والتخريب ) .
وبعد ايام بدء العمل على الحائط الفاصل بين الحرس والناس لكتشف الناس ان الحائط قد دخل الى نصف مساحة قسمهم الصغير ليترك لهم مساحه بسيطة من قريتهم لا تكاد تكفيهم , فخرج الناس غاضبين وخرج معهم الحكماء خاطبين ومتوعدين , فاجتمعوا مع الحرس وخرجوا للناس قائلين ان اقبلوا بشيئ فوالله هو خير لكم من لاشيئ .
بعد ايام صحى الناس على امر غريب فقد كان هناك اعداد من الغرباء يتجولون في القرية , ولما سالهم الناس عن شانهم قالوا انهم من سكان هذه القرية الجدد فقد سمح لهم الحرس بذلك وانه من اليوم لهم نفس ما للاهل القرية وعليهم نصف ما على اهل القرية .
غضب الناس وخرجوا للشوارع مهددين الحرس وخرج معهم الحكماء وتوجهو جميعا الى مقر الحرس , وبعد ان اجتمع الحكماء بالحرس خرجوا للناس قائلين لم يقبل الحرس باعادة الغرباء ونحن لن نقبل بوجودهم , ونبشركم باننا سنبقى نخطب كل اسبوع خطبه نعرب فيها عن عدم رضانا بالغرباء ولن نستكين ولن نوقف الخطب حتى يرضخ الحرس , هلل الناس واستبشروا وحملوا الحكماء على الاكتاف وبدؤوا يجوبون بهم الشوارع .
بعد ذلك بايام اجتمع الحرس وتشاوروا في امر القرية وقرروا انهم لابد ان يفعلوا باهل القرية خيرا ولو شيئ بسيط فليس من المعقول ان تكون كل القرارات ضدهم وليس من الحكمة الاعتماد طويلا على صبر وجهل اهل القرية , فقرروا ان يشرعوا لهم شرعا يفرضون بموجبه العدل والمساواة بين الناس .
فخرج المنادي ينادي ( يا اهل القرية , اعتمادا على الحكمة قرر الحرس انهم لن يسمحوا بعد اليوم بالظلم وانهم سيحققون المساواة والعدل بين الناس ) .
وصل الامر الى الحكماء , فخرجوا غاضبين وحشدوا الناس معهم وتوجهوا الى الحرس مهددين , الا تتدخلوا في الحكمة والا اقتلعناكم , ثار الناس وكادوا ان يهزوا الحرس وموقعهم لولا ان قرر الحرس ترك امر الحكمة للحكماء قائلين , فلنتركهم يضربوا بعضهم بعضا ان كان ذلك يرضيهم .
استمر الوضع على ما هو عليه والبطش لاهل القرية يزداد يوما بعد , فقرر الحكماء ان يخطبوا في الناس كل يوم ليعيدوا على مسامعهم انهم مظلومين وان الحرس ظالمون , والناس يهللون ويكبرون لحكمائهم والابطال واقفين على الهامش ينظرون بحسره والحرس يتسامرون بينهم قائلين " لو كنا نعرف ان الحكماء سيحققون لنا النصر الذي لم نستطع تحقيقه على الابطال لما اخرجناهم من القرية او تركناهم يهربون ".
للقصة بقية , ربما تكتب بعد اعوام