المعارضة والتجنيس السياسي في البحرين
 

زادت وتيرة التجنيس السياسي في البحرين بصورة واضحة ومخطط لها في عهد الحاكم الحالي حمد بن عيسى آل خليفة الذي تولى مقاليد الحكم بعد وفاة والده في مارس 1999م .

إن ملف التجنيس السياسي هو الأخطر على الإطلاق في عملية الصراع المستمر بين العائلة الحاكمة وشعب البحرين الذي يمتد عبر التاريخ لأكثر من قرنين من الزمان . كيف لا وهذا المشروع يهدد هذا الشعب الأصيل والعريق في هويته وحضارته ومستقبله .

نعم مشروع التجنيس السياسي هو من صنيعت النظام الحاكم وهو المسؤول الأول عن كافة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن هذا المشروع الخطير والخبيث في مبتغاه وأهدافه .

لكن هذا لا يمنع من النظر في طبيعة الموقف العام للطائفة السنية الكريمة من التجنيس السياسي وخطورته،حيث إتصف هذا الموقف بالصمت واللامبالاة حيناً،وبالتأييد والتشجيع حيناً آخر . كذلك لا يمنع من التدقيق في موقف المعارضة بأطرافها المختلفة في معارضة السلطة ومحاولة منعها من التمادي في تطبيق مشروعها الكارثي على شعب البحرين .

تعتبر ردت الفعل للقوى السياسية المعارضة –بصورة عامة- على كشف خطة السلطة في تجنيس الآلاف منذ عام 2002 على الأقل ضعيفة ولا توازي الخطورة البالغة والكارثية لمشروع السلطة وأهدافه من عملية التجنيس السياسي .
ومن اللافت أن القوى السياسية الأكبر في المعارضة،وهي التي تمثل اليوم جمعيات المعارضة بقيادة الوفاق،قد قامت بترتيب أوضاعها مع السلطة ومن الإنخراط في ما سمي(بالمشروع الاصلاحي للملك)وبالتالي القبول بدستور 2002(المنحة) وبقانون الجمعيات في 2005 وبعدها الدخول في برلمان 2006 و برلمان 2010 الصوريين والفاقدين لكافة الأدوات التشريعية والرقابية. وهو ما يعني من جانب آخر رفع الراية البيضاء أمام السلطة وفي عدم الجدية المطلوبة في معارضتها وإيقاف مشروعها في التجنيس السياسي وتغيير التركيبة الديمغرافية لشعب البحرين.

أما عن القوى السياسية الأخرى في المعارضة والتي كان يطلق عليها(خط الممانعة) منذ 2006 بقيادة حركة حق فقد إتخذت لها خطاً سياسياً مغايرا في مواجهة السلطة،ويتمثل خطها في الرفض العملي لإنقلاب السلطة على ميثاق العمل الوطني ودستور73 وفي مقاطعة العملية الانتخابية النيابية والبلدية وعدم التسجيل في قانون الجمعيات،وقبل كل ذلك في العمل على تحريك الجماهير بصورة ثورية من أجل توفير الضغط اللازم على النظام الحاكم وإجباره على إيقاف التجنيس السياسي الذي يعد أخطر الملفات على الاطلاق .

ماذا يعني أن تقدم الجمعيات السياسية المعارضة وعلى رأسها الوفاق – منذ 2005 رسميا وعلنيا- على التعاطي عمليا مع ما سمي (بالمشروع الاصلاحي للملك حمد) الذي يعرف الجميع كل تفاصيله وأدواته وأهدافه اليوم؟ وماذا يعني أن تصر هذه الجمعيات على المشاركة في البرلمان الكسيح والعقيم(2006و2010) رغم إصرار النظام الحاكم على إنجاح عملية التجنيس السياسي وإدخال البلاد في نفق مظلم ؟
أليس يعني ذلك أن العمل المعارض لجمعيات المعارضة بقيادة الوفاق تميز باللين والضعف مرة،وبالتهاون والتخاذل مرةً أخرى ؟

فهل للدعوات التي تطلقها جمعيات المعارضة اليوم من قيمة سياسية عملية في مواجهة السلطة والضغط عليها ليس فقط في إيقاف عملية التجنيس السياسي المستمرة على قدم وساق وسحب الجنسية من كل الذين حصلوا عليها خارج القانون ؟ بل وفي التحرك الجاد على الأرض من أجل إنهاء حكم الاستبداد ؟

هل فعلا الجمعيات المعارضة بقيادة الوفاق تضع حل ملف التجنيس السياسي وسحب الجنسية لكل من حصل عليها خارج القانون -منذ عام 2000 على أقل تقدير- كمطلب شعبي واستراتيجي ثابت لا يمكن التنازل عنه أبدا ؟
نتمنى أن تكون الدعوات والتحركات الأخيرة لجمعيات المعارضة صادقة وجادة فعلا في تحريك الجماهير والضغط على السلطة من أجل إجبارها على حل ملف التجنيس السياسي وكل الملفات الأخرى نحو تحقيق حلم الدولة المدنية الديمقراطية التي يستحقها شعب البحرين، وإن كان الواقع شيئاً آخر!