منتدى استراحات زايد - حرف الثورة عن سكتها الوطنية

حرف الثورة عن سكتها الوطنية

تبرز في هذه الأيام أصوات من هنا وهناك تنادي بأفكار وشعارات تحرف سير الثورة في البحرين عن سكتها الوطنية الجامعة لمختلف مكونات الشعب البحريني في مواجهة السلطة ، إلى سكة أخرى ترتفع فيها الشعارات الطائفية والحزبية الضيقة ،مما يؤدي إلى تشويه الصورة الوطنية المشرقة لثورة 14 فبراير ووضعها في إطار ضيق لايتسع لكل أطياف المجتمع البحريني المعارض .

عندما إنطلقت الثورة في البحرين في 14 فبراير2011 على يد الشباب المتحمس والثائر ضد الواقع السياسي الظالم والمتخلف ، كانت الخطابات والشعارات السياسية المرفوعة في المسيرات والاعتصامات وطنية خالصة لا يشوبها أي شعار طائفي متخلف أو حزبي ضيق ، وهو الأمر الذي شجع أطياف سياسية مختلفة على مستوى الأفراد والجماعات من التأثر بخطاب ثورة 14 فبراير والتعاطف معها والعمل على دعمها.

عجيب حق أمر هؤلاء الذين يصرون على إستغلال الدين في السياسة لتحقيق مآربهم الحزبية الضيقة وإلى إبراز زعاماتهم الدينية وتنصيبها كقيادة عامة للثورة وجماهيرها .

على جميع أطياف المعارضة أن تبتعد في خطابها السياسي عن البعد الايديولوجي المتعصب والحزبي الضيق ، في مقابل التركيز على البعد الوطني الجامع والمنفتح على قضايا الوطن الجوهرية والمصيرية في عملية الصراع مع السلطة .

لذلك ليس من مصلحة الثورة في شئ أن يتم طرح وتبني طرف ما في المعارضة لشعارات ليست لها صله بالثورة في الحراك الشعبي الطامح في الدولة المدنية الديمقراطية . على سبيل المثال أن يطرح أحد كتاب المعارضة الثورية فكرة الدولة الدينية الشيعية . أو أن يتم الحديث والتركيز على (الزعامات الدينية) وإبرازها والدعوة إلى مسيره للدفاع عنها ، وصدور البيانات الداعية للسير خلفها ... وكأن ثورتنا وقضيتنا مذهبية ومتمثله في شخوص محددة (الشيخ عيسى قاسم) حتى أختزل أحد مريدي الشيخ (الثورة والشهداء والأمة ، في شخص سماحته !) .

فليست مشكلتنا في الصراع التاريخي مع السلطة في عمقها طائفية بقدر ما هي سياسية\وطنية على مدى أكثر من 230 عام . ومن هنا استطاعت هيئة الاتحاد الوطني (1954-1956) من توحيد أغلبية أفراد الشعب بسنته وشيعته في معارضة شرسه ضد الاحتلال البريطاني والنظام الحاكم القائم آنذاك .

إذا علينا كمعارضة اليوم أن نتحلى بذات الروح الوطنية والوعي الوطني الرفيع الذي كان عليه أجدادنا في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ، لا أن نعيد خطيئة (لجنة المبادرة) في ضرب لجنة العريضة الشعبية ذات البعد الوطني الجامع .

عفوا ثورة 14 فبراير في البحرين ثورة وطنية في أهدافها ورؤيتها وأحلامها وخطابها وشعاراتها وحراكها وكل مفرداتها . فمن لديه عقد طائفية متخلفة أو حزبية ضيقة تشوه صورة ثورتنا وتضعفها في مواجهة السلطة المستبدة ، فليبحث له عن ثورة أخرى تناسب طائفيته المتخلفة أو حزبيته الضيقة .