منتدى استراحات زايد - المعارضة البحرينية بين سلميتين

المعارضة البحرينية بين سلميتين

تزايدت في الأيام القليلة الماضية وتيرة الانتقادات والاتهامات - بصورة مباشرة وغير مباشرة - من قبل إعلام الجمعيات المعارضة للمعارضة الثورية بأنها تمارس العنف المضاد لعنف وإرهاب السلطة،وأن هذا العنف المضاد يؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف جماهير المعارضة،ويجعل السلطة أكثر دموية وانتهاكا لحقوق الانسان في البحرين .

منذ بداية الثورة وجميع أطراف المعارضة تتبنى السلمية وتؤكد عليها كخيار إستراتيجي يتناسب مع امكانيات الشعب المادية وظروف المرحلة التاريخية الراهنة. بما فيهم أصحاب الثورة الحقيقيين المتمثلين في إئتلاف14فبراير والرموز القادة المغيبين في سجون السلطة .

ورغم الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان التي قام بها النظام الحاكم،من التطاول على الأعراض وهدم المساجد،وحصار القرى وفصل الناس من أعمالهم وقطع أرزاقهم،فضلا عن قتل المئات وإعتقال الآلاف وتعذيبهم،إلا أن جميع أطراف المعارضة أكدت على السلمية والتمسك بها في عملية الصراع مع السلطة.

لذلك ليس من الموضوعية أن تتحدث الجمعيات المعارضة بقيادة الوفاق ليل نهار عن السلمية وأهميتها والتمسك بها،وإصدار البيانات تلو الأخرى برفض العنف من(أي مصدر كان) وكأن هناك فعلا يوجد تحول عند أطراف المعارضة من السلمية إلى ممارسة العنف بكل أشكاله من أجل حصول الشعب على مطالبه وحقوقه المشروعة .

الغريب في الأمر أن الجمعيات المعارضة عندما توجه إنتقاداتها وإداناتها لمن يتبنى العنف ضد السلطة وأجهزتها الأمنية - التي تنتهك حقوق المواطنيين المسالمين كل يوم – لا تشمل في خطابها أطراف المعارضة الثورية بقيادة إئتلاف14فبراير والرموز المعتقلين،بل توجه إنتقاداتها وإداناتها إلى قوى وهمية(غير معروفة) كسرايا الأشتر وسرايا المقاومة الشعبية.. وغيرها .

ليس فقط الجمعيات السياسية المعارضة التي تؤكد على خيار السلمية والتمسك به في عملية الصراع مع السلطة،بل كذلك المعارضة الثورية ورموزها في المعتقلات وإئتلاف14فبراير يؤكدون باستمرار على محافظة الثورة وجماهيرها على السلمية وعدم التفريط فيها .

نحن في الواقع أمام سلميتين لا سلمية واحدة عند مكونات المعارضة البحرينية ! سلمية الجمعيات السياسية المعارضة بقيادة الوفاق،وسلمية المعارضة الثورية بقيادة إئتلاف14فبراير ورموز الثورة في سجون السلطة . السلمية الأولى تتبنى منهجية سياسية معارضة تقوم على عدم التصادم مع سلطة الدولة،والإلتزام بقانون الجمعيات المقيد للحريات،وكذلك على الملاينة والخضوع لهذه السلطة في محطات كثيرة،أبرزها:القبول بالمشروع (الاصلاحي للملك)وبالتالي التجنيس السياسي ودستور2002 والدخول في برلمان2006 و2010 .

لذلك سلمية الجمعيات المعارضة بعيدة جدا عن أدبيات وسلوكيات الثورة ومصطلحاتها المعروفة في عصرنا،مثل:المقاومة المدنية،الاضرابات،الاعتصامات والمسيرات المتحدية لعنجهية السلطة واستبدادها،النزول إلى الساحات والميادين على طريقة الربيع العربي السلمية...إلخ . بل على العكس دائما ما تكرر هذه الجمعيات المعارضة أنها تنتظر من السلطة الدخول في عملية حوار جدي، وأن تفرج عن المعتقلين وتوقف التعذيب وترجع المفصولين إلى أعمالهم وتقوم ببناء المساجد المهدمة،وتحقق للشعب حلمه بالانتقال إلى الدولة المدنية الديمقراطية ! أي أن جمعيات المعارضة بقيادة الوفاق منفعلة لا فاعلة،وهذا ناتج عن ضعفها وعدم صلاحيتها في هذه المرحلة التاريخية لقيادة شعبنا المناضل في معارضته وصراعه مع سلطة الدولة وإجبارها على التنازل من أجل حصوله على حقوقه المشروعة والعادلة .

السلمية الأخرى،هي سلمية المعارضة الثورية بقيادة إئتلاف14فبراير،سلمية الربيع العربي،سلمية الشباب العربي الثوري الذي قفز على أدبيات الأحزاب العربية التقليدية الهرمة والفاسدة في أكثرها،فأسقط حكم مبارك في مصر،وحكم بن على في تونس،وعلى عبد الله صالح في اليمن . سلمية النزول إلى الساحات والميادين وتحدي سلطة الدولة وأجهزتها الأمنية . سلمية الاضرابات والمقاومة المدنية المواجهة لهمجية السلطة وغطرستها. هذه هي السلمية التي تحرج السلطة وتوفر الضغط اللازم لإسقاطها أو إجبارها على إعطاء الشعب حقوقه المدنية والسياسية .

إذن على جماهير المعارضة والثورة في البحرين أن يقرروا ويختاروا،أي سلمية يريدون في هذه المرحلة التاريخية المفصلية من نضال شعبنا،اما سلمية الجمعيات المعارضة بقيادة الوفاق التي تتميز بالضعف والملاينة والفشل طوال عقد من الزمان،وإما أن يختاروا سلمية المعارضة الثورية بقيادة إئتلاف14فبراير سلمية الربيع العربي،سلمية القوى الثورية الفاعلة والضاغطة والقادرة على التغيير .

سلمية الاستاذين مشيمع وعبد الوهاب،سلمية شريف والخواجة ورجب..وبقيت رفاقهم،التي شعر بخطورتها النظام الحاكم، فعمل سريعا على إيقاف حراكهم السلمي وإعتقالهم وتعذيبهم،بل وضرب كل من يسير على دربهم .