منتدى استراحات زايد - عوائق العصيان المدني في البحرين

عوائق العصيان المدني في البحرين

"العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثّقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية"*.

عندما يواجه الشعب سلطة فاسدة مستبدة وقمعية لا تضع في اعتبارها لأي مبادئ دينية ولا تحترم المواثيق الدولية والانسانية ، وتصر على غطرستها وغيها في القتل والاعتقال والتعذيب وهتك الحرمات والتطاول على المقدسات ... وغيرها من الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان ، فلا بد للشعب أن ينتفض عن بكرة أبيه ويدافع عن نفسه وعرضه وماله وحرماته ومقدساته ويطالب بكل حقوقه العادلة والمشروعة . ويختار الشعب أو أحزاب المعارضة شكل الانتفاضة الشعبية المناسبة وتكون اما مسلحة أو سلمية وفقا لظروفهم في المرحلة التاريخية التي يعيشون فيها .

في ثورات الربيع العربي وبالتحديد في تونس ومصر تم تفعيل العصيان المدني لإسقاط نظامي بن علي وحسني مبارك ، وقد تحقق ذلك للتونسيين في غضون شهرين وللمصرين في ثمانية عشر يوما فقط .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، لماذا لم تفعل جماهير الثورة في البحرين العصيان المدني بأساليبه المختلفة في صراعها مع الحكم الديكتاتوري الذي قام بانتهكات وجرائم واسعة لحقوق الانسان في البحرين منذ منتصف مارس 2011 وإلى اليوم ؟ وهل العصيان المدني أصبح أمر ملح وحاجة ضرورية من أجل تحقيق مطالب الشعب السياسية والديمقراطية العادلة ؟

في الواقع تنحصر عوائق قيام العصيان المدني لجماهير الثورة في البحرين في صراعها مع الحكم الدكتاتوري في العامل الداخلي للثورة ، وليس في العامل الخارجي ، رغم ما للأخير من دور مهم في زيادة الضغط الأمني والعسكري على الثورة وجماهيرها .

نقصد بالعامل الداخلي هنا فصائل المعارضة بمختلف أطيافها ، إضافة إلى جماهير الثورة الذين يشكلون أغلبية شعب البحرين . الجمعيات المعارضة بقيادة الوفاق لا زالت تصر على الحراك الشعبي التقليدي المحدود ، وبعدم الاصطدام الواسع مع السلطة حفاظا على سلامة الجماهير كما تقول . بينما تؤكد المعارضة الثورية بقيادة إئتلاف 14 فبراير على الحراك الثوري السلمي (على طريقة الربيع العربي في تونس ومصر) وفي تفعيل العصيان المدني بأشكاله المختلفة لتوفير الضغط الشعبي اللازم على السلطة وإجبارها على إيقاف كل تجاوزاتها وإنتهاكاتها اليوميية الصارخة لحقوق الانسان ، وكذلك تحقيق مطالب الشعب في تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية .

العائق الثاني لتفعيل العصيان المدني للثورة في البحرين والذي حصرناه في العامل الداخلي بكل مكوناته وامكاناته وأدواته ، يتمثل في إنقسام جماهير المعارضة أو الثورة إلى نصفين ، نصف مع الجمعيات المعارضة بقيادة الوفاق ، والنصف الآخر مع المعارضة الثورية بقيادة إئتلاف 14 فبراير . هذا الانقسام يعيق عمليا نجاح الدعوات التي يطلقها إئتلاف 14 فبراير بين فترة وأخرى في تفعيل وسائل العصيان المدني المختلفة ، مثلا : الاعتصام في المنامة ، إضراب العمال ، إضراب الطلاب ... .
العائق الثالث يتمثل في التأثير السلبي الضاغط للمرجعية الدينية على جماهير الثورة ، حيث لا يخفى على أحد بأن المرجعية الدينية في البحرين منحازة إلى الوفاق وتتبنى رؤيتها السياسية ، وهي تمثل في الواقع خطا واحد ، وبالتالي من الطبيعي أنها ليست مع تفعيل العصيان المدني في عملية الصراع التاريخي مع الحكم الخليفي المستبد في البحرين .

ان من يقرأ تاريخ الثورات في التاريخ الحديث والمعاصر ، يستخلص حقيقة ثابتة في عملية الصراع بين الشعوب العزلاء والسلمية في ثوراتها وبين الحكام الدكتاتوريين المدججين بالسلاح والعتاد ، وهي أن سلاح المقاومة المدنية بأساليبها المختلفة وأشكالها الفعالة يستطيع أن يهزم أعتى الأنظمة الحاكمة المتجبرة والمتغطرسة وأن يهزمها ويسقطها أو على الأقل يجبرها على الرضوخ لمطالب الشعب .

أما أن يقابل الشعب بطش الحكم وغطرسته وتماديه في إنتهاكه للحقوق والحرمات والمقدسات بعمل سياسي معارض هزيل وضعيف بحجة الحفاظ على أرواح الناس ، فذلك أمر مضحك ولا يقبله إنسان حر وعاقل ، وهو شاذ عن تاريخ الشعوب الحره في مواجهة الحكام الظالمين والدكتاتوريين .
*ويكيبيديا (تعريف العصيان المدني)