“الوفاق طيارة مخطوفة للمجهول بلا طيار، والركاب نائمون”.
 

سيد ضياء الموسوي
قهوة الصباح

http://albiladpress.net/web/writers/p_12.jpg2009-06-08



قبل اربع سنوات قلت في مقابلة صحافية “الوفاق طيارة مخطوفة للمجهول بلا طيار، والركاب نائمون”.

غضب علي البعض، رغم اني كنت من قبيل الناقد المحب، وليس الكاره؛ لاني مؤمن بقول الرسول (ص): “وهل الدين إلا الحب”.
وقول غاندي: “اينما يكون الحب يكون الرب”.

على رغم ذلك، قوبلت بانتقاد شديد، والغريب ان اكثر المنتقدين تحولوا اليوم الى ناقدين لاداء الوفاق، بل بعضهم خرج من خيمة الوفاق وانتقل الى حيث الحرية الذاتية او الكفر بالسياسة.

في داخل البيت الشيعي، توجد اعداد متزايدة ملت السياسة، وكفرت بكل الاحزاب، واقتنعت ان الحركة لاتمتلك مشروعا مدنيا، وانها تلبس معطفا بلا لون. الناس تاهت من الشعارات.
هذه العينة من الناس بعضهم التجأ الى التجارة، والبعض انطلق كفنان او شاعر متكوما على شعره، والبعض وجد جادته في الحداثة، بل البعض اصبح من متطرف ديني الى متطرف علماني.

هذه العينة من الشباب لابد من احتوائهم وتخفيف حدة التوتر، فهم يحتاجون الى دبابيس معرفية تخفف من حجم غاز الانفعال المتكوم داخل بالون الرفض.
نصيحتي الى اخواني هي عدم التطرف، فالتطرف الديني والتطرف العلماني وجهان لعملة واحدة، واجمل شيء في الحياة هو الاعتدال.

الدين هو كملح الطعام مهم، لكن الهوس في هذا الملح يؤدي الى افساد الطبخة. الدين الوسطي هو خير للجميع.
اعتقد ان المتحفظين على اداء الوفاق طرحوا انفسهم كاصحاب رؤية، وليس كخصوم، فيجب على اخوتنا في الوفاق تقبل الرأي دون ردة فعل غاضبة.

اليوم التململ من الخطاب في ازدياد.
الخطاب الداخلي همّش تيار الشيرازيين وتيار الشيخ المدني وعوائل معروفة بالمتانة التاريخية والمواقف الوطنية كعائلة العصفور وغيرها، اضافة الى ذلك، انه ساعد وعمل على منع التجوال لاي كتلة داخل الساحة السياسية.
ليس ذلك فقط.

الخطاب الملتبس صادر عددًا كبيرًا من المآتم العريقة في المنامة، ففي لحظة سقط قرار ببرشوت على الناس في تغيير مسار العزاء، كاد ان يربك الوضع لولا تدخل هذه المآتم والعوائل التي مازالت تعتبر المادة الصمغية الحافظة من عدم الاحتكاك ما بين ركبة المجتمع وارجل السلطة.

اليوم قانون الاحوال الشخصية احتكر القرار فيه، والسؤال: لماذا خرجت كتلة الوفاق من البرلمان عند التصويت عليه، ولم تخرج عند التصويت على قانون التقاعد للنواب؟ وكان خطأ تاريخيا رفض قانون الاحوال الشخصية، ستشهدون تداعياته مستقبلا، وانا الان في اتصال مع عوائل متضررة في المحاكم بدأ غضبها يزداد من هذا الموقف بسبب تضرر ابنائها وبناتها.

بالطبع، النقد يجب ان يكون حضاريا، فالنصيحة كالجليد، كلما تساقطت في نعومة طال بقاؤها وازداد تاثيرها على الروح والقلب.
الشباب البحريني اليوم بحاجة الى مشاريع تنموية واقتصادية يكون محورها، وفي امس الحاجة الى الوظائف والوحدات السكنية وتأمين مستقبله.

التقيت بشباب عاطلين قبل اسبوع، نصفهم من النساء، وبعضهم خريجات خدمة اجتماعية، عندما تسمع معاناتهن يتصدع قلبك. يجب ان نعمل لاجلهم، نوظف اكثر عدد منهم، نؤمن حياتهم. فليغضبوا علينا،فليتهمونا اليوم، ولكن فلنثبت لهم غدا اننا من ندعمهم، وانهم كانوا مخطئين بسبب الاشاعات.

هناك مثل انجليزي يقول: السياسي رجل يهز يديك مصافحا قبل الانتخابات، ثم يهز كيانك بعد فوزه في الانتخابات.
اليوم لغة هؤلاء عالية جداً، واوصلت مسجات لان الجوع يتحدث بافصح لغة كما يقول المثل الافريقي.
اليوم الوفاق مطالبة بكشف حساب عن انجازاتها وما وعدت به. اقول: انتقدوها، لكن بحضارة.

هل هي لم تحقق شيئا؟ ليس ذلك صحيحا. هي حققت بعض الامور، ولعل افضل ما حققته انها لم تجعل الناس يدفعون فواتير سياسية عدا في قانون الاحوال الشخصية. ولكن، لو كانت تمتلك اكبر عدد من الكفاءات لحققت مزيدا من الانجازات.

وعلى الناس ان يلوموا انفسهم عندما سقطوا ضحايا حفرة مصطلح (الكتلة الايمانية)؛ لان البرلمان برلمان، وليس سجادة صلاة حتى نفرض العبادة.

الايمان في القلب، ولكن يحتاج الايمان الى كفاءة ودرابة ودبلوماسية وأفق وفضاء. اسألوا اديسون وانشتاين واحمد زويل عن ذلك! هؤلاء لو رشحوا انفسهم في اي دائرة بمنطق (الكتلة الايمانية) فانهم لن يفوزوا.

الذين يلقون الحجارة اليوم على نوافذ الوفاق، ويشرحون جسدها على المواقع الاكترونية، ويوزعون مقاطع (بلوتوث) لقادتها وزعاماتها، لكشف تناقضات الخطاب، نقول لهم: لوموا انفسكم.
كم من كفاءة بحرينية اسقطتم؟ كم من كادر عملاق مرشح للانتخابات رفضتموه تحت حجة عدم الايمانية، او انه ليس من التكتل؟ لا تكرروا التجربة في 2010.

انتخبوا الوفاقي المخلص الواعي، وانتخبوا من جمعية العمل او وعد او المنبر او الاصالة او اي فصيل الواعي والمخلص، سوف تربحون الوطن، وكل شيء.

واقول للوفاق: كيفما تكونوا يكون شارعكم.

لابد من فتح نوافذ النقد وتغيير ثاني اكسيد الكربون المتكدس في غرفة الانفجار الثقافي باكسجين الحرية.

النقد لنا جميعا، ولاي شخصية عامة، وباسلوب حضاري، يقلل من النرجسية والكبرياء، ويسمح بتغيير الهواء.
ايها الجمهور، فلتنتقدونا، هذا حقكم، ولسنا فوق النقد؛ لاننا كلنا بشر.