مذكرات السجن للسيد مرتضى السندي
 

مذكرات السجن للسيد مرتضى السندي :


اغتيال فكرامة:
في الرابع عشر من شهر مارس، اجتمعت القيادات العسكرية في قصر حمد بن عيسى ليقرروا، من أين تبدأ عملية الاغتيال لهذا الشعب؟، فكان القرار أن يتم من قلب الثورة وعاصمتها"سترة"، سترة أرض الشهداء والمستضعفين، سترة العطاء، سترة الإباء والغيرة.
في اليوم التالي، أعلن حاكم البحرين حمد بن عيسى قانون الطوارئ، ليبدأ درع الجزيرة وجيش البحرين حربهما الشعواء المشتركة الأولى على شعب أعزل.
هجمت أرتال الجيش السعودي والجيش البحريني وبمساعدة إماراتية وقطرية على جزيرة سترة، التي لا يوجد فيها إلا مَنفَذَين تم إغلاقهما بإحكام، وأسفر الهجوم عن استشهاد البطل التاريخي الشهيد أحمد فرحان، حيث تم إطلاق رصاص الشوزن عليه ليتفجَّر رأسه في منظر مفجع، ثم تلاه الشهيد عيسى، بعد أن أوسعوه ضرباً قاسياً وتم تكسير جمجمته وأضلاعه ورميه في أحد أنحاء سترة الأبية، وتم دهس آسيويين وقتلهم من قبل المخابرات التي كانت تدعم قوات الجيش والشغب. فكانت الحصيلة أربعة قتلى وعشرات الإصابات وعشرات الاعتقالات.


كانت ليالٍ شديدة البرودة، كان الهواء شديداً جداً، الناس تنسحب من ميدان الشهداء رويداً رويداً، نذهب إلى ميدان الشهداء فلا نرى إلا شباباً استرخصوا أرواحهم من أجل كرامة شعب مؤمن، البرد القارص يشجع الناس على الانسحاب، أتصفح وجوه الشباب أيهم الشهيد التالي؟، في حلقي غصة، وفي قلبي حرقة، وفي عيني دمعة أخفيها بابتسامات في وجوه الذين ألقاهم في ميدان الشهداء.
علمت أنها لحظة الشهادة فما هي إلا سويعات تفصلنا عن المواجهة غير المتكافئة، قبضات خالية وحنجرة تصدح بالتكبير والتهليل مقابل دبابات وطائرات وبنادق وجيش مجهز بكل العتاد والعدة.
كان لدي عمل يجب عليّ أن أنجزه، أريد أن أسلم على زوجتي، على والدتي، على أخوتي قبل أن تدق ساعة الصفر، رجعت وأنا خجل جداً من أن يراني الشباب وأنا أخرج من ميدان الشهداء، ذهبت لأسلم على زوجتي التي كانت تبحث عن درائع لكي أبقى معها ولا أخرج، لكنني قد صممتُ على أن أكون من المشاركين حتى لو كلفني ذلك حياتي، ولكن بطبيعة الحال كنت لا أستطيع أن أخبرها بما قد عزمتُ عليه، تملصتُ من البقاء، وذهبت إلى بيت والدي، دخلت إلى البيت، كانت أخواتي في البيت، وأمي فرحت حين رأتني أدخل البيت استيقظت، سلمت عليهم جلست معهم قليلاً، إلا أن قواي قد انهارت من التعب ذهبتُ لأنام، وهاتفي بجنب رأسي لكي أرد على أي مكالمة تأتي، العجيب أني لم أستقبل أية مكالمة أو رسالة نصية!.
انتبه في كل لحظة أنظر إلى الهاتف إلا أنني لا أجد شيئاً فأعاود النوم مرة أخرى، وأبقى في قلق حتى استيقظ مرة أخرى حتى حان وقت صلاة الصبح استيقظت للصلاة وصليت، ونظرت إلى أختي هي الأخرى تنظر إلى هاتفها فلا تجد خبراً، فطلبت منها أن تشغل جهاز الكمبيوتر لنرى الأخبار ففتحنا صفحة البث المباشر من ميدان اللؤلؤة –ميدان الشهداء- فإذا بنا نسمع نداء استغاثة واستنهاض ومطالبات بالتوجه لميدان الشهداء حيث أن الجيش السعودي والجيش البحريني بدأ الزحف في اتجاه ميدان الشهداء...