عمليات المقاومة...كيف يتعامل معها النظام؟
 

16-03-14 02:53 AM

أقلام حرّة لؤلؤة أوال بقلم الشيخ عارفNormal0falsefalsefalseEN-USX-NONEAR-SA/* Style Definitions */table.MsoNormalTable{mso-style-name:"Table Normal";mso-tstyle-rowband-size:0;mso-tstyle-colband-size:0;mso-style-noshow:yes;mso-style-priority:99;mso-style-parent:"";mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;mso-para-margin-top:0in;mso-para-margin-right:0in;mso-para-margin-bottom:10.0pt;mso-para-margin-left:0in;line-height:115%;mso-pagination:widow-orphan;font-size:11.0pt;font-family:"Calibri","sans-serif";mso-ascii-font-family:Calibri;mso-ascii-theme-font:minor-latin;mso-hansi-font-family:Calibri;mso-hansi-theme-font:minor-latin;}بسم الله الرحمن الرحيمأحاول في هذه المقالة أن أسلط الضوء على طريقة تعامل النظام مع عمليات المقاومة التي بدأت تنتشر بشكل كمي ونوعي في الفترة الأخيرة في البحرين، وبدأت تُزعج النظام وحلفائه كثيرا، ولا شك أن النظام لا يتعامل بطريقة عشوائية غير مدروسة مع هذه العمليات، وخصوصا بعد العمليات النوعية التي شكلت عنصر مفاجئة للنظام.وإني شخصيا أعتقد أن النظام حينما يتعامل مع هذه العمليات لا يتعامل بشكل معزول عن الخبراء الذين استجلبهم للتبادل الأمني والاستخباراتي في هذا الشأن الحساس بالنسبة اليه، ولا يتعامل بعيدا عن دراسة طبيعة المجتمع البحراني من خصائص دينية واجتماعية.فالسؤال الأساسي اذن في هذه المقالة:كيف يتعامل النظام مع عمليات المقاومة؟يمكن أن نطرح كثيرا من الأمور التقنية والميدانية في الاجابة على هذا السؤال، لكن المهم الذي نريد أن نطرحه هنا هو ما يرتبط بوعي الجماهير، وما يرتبط بالجوانب التحليلية المهمة التي لا بد للجماهير أن تلتفت إليها وتحيط بها، وفي هذا الإطار نضع الإجابة في النقاط التالية:1- الترهيب:حيث يقوم النظام في أعقاب كل عملية بعمليات ترهيب واسعة، وحملات اعتقال عشوائية، وفرض عقاب جماعي للأهالي والقرى...وأهم أهداف النظام من مثل هذه العمليات والحملات الترهيبية ليس هو الاعتقال الفعلي لمنفذي عمليات المقاومة المشروعة لأن النظام يدرك أن هذه الحملات العشوائية لا يمكن أن يصل بها للمنفذين الفعليين- بل أهم أهدافه هي:- إعادة هيبة النظام التي تهتز بعد كل عملية من هذه العمليات، وخصوصا إذا كانت هذه العمليات عمليات كبيرة وموجعة.- ايجاد ردة فعل معاكسة من الأهالي والقرى تجاه هذه العمليات بحيث تفقد هذه العمليات الحاضنة الاجتماعية، وبحيث تكون هناك موجة شعبية رافضة لعمليات المقاومة لما تسببه لهم من مشاكل ظاهرية.2- بث الإشاعات المتضاربة، والحملات الاعلامية المدروسة:يلاحظ المراقب للشأن السياسي والميداني في البحرين أن النظام يعمد في أعقاب أية عملية من عمليات المقاومة الى بث الكثير من الاشاعات المتضاربة، والقيام ببعض الحملات الاعلامية المدروسة بدقة والتي تتناسب بعضها مع الخصائص الدينية والاجتماعية لجماهير المعارضة، نذكر منها على سبيل المثال:- ربط هذه العمليات بمفاهيم الارهاب والعنف، وهذا يحقق للنظام أهدافا مهمة كضرب هذه العمليات اعلاميا وتشويه صورتها، اضافة لأهداف اجتماعية في أوساط جماهير المعارضة سنشير لها بعد قليل.- بث شائعات مفادها: (أن هذه العمليات يقوم بها أطرافا متشددة في السلطة لاخراج الثورة عن حالتها السلمية، وتشويهها أمام المجتمع الدولي)، وقد يقوم بتسريبات مفتعلة ومبعثرة في المواقع والمدونات الالكترونية لتصب في هذا الهدف، وقد يلجأ الى تسريبات مفتعلة أيضا قبل أي عمليات متوقعة كما نلاحظ الان قبل ذكرى الاحتلال السعودي.- التخويف من خطر الطائفية، وأن هذه العمليات سوف تثير مجموعات أخرى للقيام بأعمال مشابهة من منطلقات طائفية (وهذا ما قد نتحدث عنه في مقالا قادمة ان شاء الله).وتجدر الاشارة هنا الى:- أن الأمثلة السابقة من اشاعات وحملات اعلامية ليست عبثية بل هي مدروسة بدقة وهي اشاعات تتناسب مع الخصائص الدينية والاجتماعية لجماهير المعارضة كما سبق-، حيث إن (إسناد هذه العمليات للنظام، وربطها بمفاهيم العنف والارهاب، والتخويف من الطائفية) كفيلة بأن تخاطب العقل الجماهيري والعاطفة العامة وكفيلة بأن تُبعد هذه العمليات عن الحاضنة الشعبية، وهذا هدف كبير جدا يرجوه النظام.- وأن النظام قد يلجأ فعلا للقيام ببعض الأعمال الميدانية المحدودة- التي يستهدف فيها أبرياء ومدنيين، أو بعض الأعمال ذات الطابع الطائفي، وذلك تحقيقا للهدف السابق من بعثرة الأوراق وسحب الاحتضان الشعبي من هذه العمليات. وانما قلت عمليات محدودة لأن النظام ليس من صالحه بحسب وجهة نظري- أن يقوم بعمليات واسعة تتعسكر من خلالها البلاد وتتدحرج الساحة لمساحة أكبر من سيطرته.3- إثارة الاشكالات الدينية:نلاحظ أن النظام في تعامله مع مثل هذه العمليات يقوم بتحريك الاشكاليات الدينية على أعمال المقاومة من حرمة الدم، وحرمة زعزعة الأمن...الخ، وبذلك يُخاطِب العقل الديني عند جماهير المعارضة المتدينة والملتزمة.وهذا ما لاحظناه مثلا في أعقاب تفجير الديه الأخير، حيث عمّم تعميما على الخطباء والعلماء كي يقوموا باستنكار هذا الحادث والتحدث عن حرمة الدم في الاسلام!!وما سبق يدلنا على أمور مهمة جدا، لا بد للجماهير أن تلتفت لها:1- أن عمليات المقاومة، عمليات تزعج النظام جدا، ولذلك يلجأ الى هذه الأساليب الخبيثة في التعامل مع هذه العمليات، وبحسب القاعدة القائلة (الصراخ على قدر الألم) نعرف مقدار الألم الذي يشعر به النظام بسبب هذه العمليات.2- أن لا نساهم نحن قيادات أو نخب أو جماهير- في ما يصبو اليه النظام، لا من خلال نشر اشكالاته، ولا بنشر الخوف والرعب، ولا بنبذ هذه العمليات، مما يساهم في سحب الحاضنة الاجتماعية من تحت هذه العمليات اضافة الى تعرية ظهور الشباب أمام أنياب السلطة المتوحشة.3- أن نُحسن التصرف في إدارة مثل هذه الملفات الحساسة، ولا نتعامل معها بردود أفعال سريعة غير مدروسة ويغلب عليها الانفعال والارتجال وعاطفة الرفض أو القبول أو الخوف.4- أهمية أن تتحلى الجماهير بروح التحليل والبصيرة والوعي، ولا تكتفي بالتفرج الساذج على الأحداث، ولا تكتفي بالتلقي التلقيني للمواقف والقرارات، بل لا بد لها أن تعيش حالة من الوعي والتحليل لمثل هذه الأحداث المهمة التي تجري من حولها.هذه بعض اضاءات رجوت بها اثارة الوعي العام، وشيء من روح التحليل في أوساط الجماهير، كي تعيش روح وحس المسؤولية، ولا تُستغفل أو تُستغل من خلال ألاعيب العقل المخابراتي.فبالتحليل والوعي والبصيرة، بهذا فقط، يمكن للشعوب أن تتجاوز المحن والفتن، وتصل الى النجاحات الكبرى في الحياة ليكون لها موطن قدم في هذا العالم الكبير والذي يحاول القوي فيه أن يأكل الضعيف.قال تعالى: (قُلْ هذِهِ سَبيلي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَني وَ سُبْحانَ اللَّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكين)والحمد لله رب العالمين

المصدر...