منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   إقناع العوام بلزوم العلماء (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=137533)

محروم.كوم 06-05-2009 03:50 PM

إقناع العوام بلزوم العلماء
 
إشكالات
إقناع العوام بلزوم العلماء
نادر المتروك
في محطات الصّراع بين العلماء (رجال الدّين) ونخب المجتمع، تمّ توليد مجموعة من الصّيغ والجمل المتدافعة بين الطرفين، حاول كلّ طرف أن يُقدّم دفوعاته، واتهاماته، عبر تلك الجمل والتراكيب، ومن الممكن استقدامها (أي تلك التراكيب) في كلّ معركة بين الجانبين على نحوٍ تؤدّي، بذاتها، جزءاً من المعركة ووظيفتها ''القتاليّة'' وإثبات الوجود. في المدوّنة العلمائيّة يتم الحديث عن ''خاصة'' و''عامة''، أو عن ''علماء'' و''عوام''، ويجري تثبيت مفهومٍ انسيابيّ يُركّز معنىً محدّداً للعلماء، موجّهاً إيّاه صوْب المضطلعين بالعلم الدّيني وأولئك الذين يملكون خصوصيّة الانتماء للمؤسّسة الدّينيّة الرّسميّة. بينما العوام فهم دون ذلك، فكلّ منْ يفقد هذه العلامة يكون من هذا العنوان المشوب بإيحاءاتٍ غير سارة ومفضية إلى التّحجيم وإفراغ القيمة. لا شكّ أنّ تعديلاتٍ كثيرة جرت على هذه الدلالة وحصْريتها الجارحة، ولكن ينبغي الانتباه إلى أنّ ذلك حصل ضمن التّناول الاجتماعي وقهريّاته، وليس في صميم الخطاب العلمائي وأصولاته. لقد فرَض التغيّر في المجتمع نوعاً من الرّضوخ لوقائع جارية على الأرض، مع أنّ التحفّظ لازال باقياً عليها. من بين ذلك، أضحى تعبير ''العوام'' خارج الاستخدام الاجتماعي، ويجد العلماء أنفسهم حرجاً ضمنيّاً في تداوله العام لما فيه من حمولةٍ سلبيةٍ في تصنيف الآخرين. من هذا المنظور عينه، يضعُ بعض النقّاد تحفظاتٍ جدّية على النعوت ''التراتبيّة'' التي تُمنح لرجال الدّين، وبما فيها تلك التي تُعطى بحسب الدّرجة العلميّة. لكن هذا التّصنيف سرعان ما تجاوز الاعتبار العلمي ومستوى التقدّم الاجتهادي، ليُصبح أيضاً علامة سلبيّة تُستخدم في الإلغاء وإسباغ التنزيلات أو الترفيعات العصبويّة. هناك منْ يُنكِر فقاهة البعض ويتهمه بالضّلال وتخريب المذهب، ويضعُ البعضُ الآخر منْ يهوى ويُقلّد في أعلى المستويات المرجعيّة. والسّؤال: كيف يمكن إقناع العوام، بعد كلّ ذلك، بلزوم العلماء؟ وهل هناك، بالفعل، منْ ينادي بـ''إسلام بلا علماء''؟
أولاً، يحتاج رجال الدّين (العلماء) إلى أكثر من جهدٍ لأجل إثبات أنّ تقسيم النّاس إلى علماء وعوام، إنّما هو معالجة لغويّة خاصة بالتّصنيف الفقهي، وليس تقسيماً عاماً، ولا يتضمّن إساءة ضمنيّة أو ظاهرة. ثانياً، ينبغي أن يُقدّم (رجال الدّين) جهداً أكبر لإيضاح أنّ عنوان ''العلماء'' هو المقبول في إطار تسمية وتوصيف المختصّين في الحقل الفقهي، وأنّ عنوان ''رجال الدّين'' غير مستحسن لاهوتيّاً، ولا يتناسب مع الواقع الدّيني في الإسلام، ومطلوبٌ للبرهنة على ذلك الإعلان عن إمكان الحديث عن ''نساء دين'' عالماتٍ، وفقيهاتٍ، ومؤهّلات - ذاتاً وخارجاً - لموقع الإفتاء والقضاء والمرجعيّة الدّينيّة. ثالثاً، ثمّة جهد استثنائي أخير ينتظر البذل، حيث إنّ ''العوام'' يتوقعّون تفسيراً حقيقيّاً للتنازع بين ''العلماء'' أنفسهم على أحقيّة الموقع الدّيني، وينتظرون حلولاً واقعيّة لإنهاء هذا التنازع لكي يجدون أمامهم النموذج والأسوة القابلة للامتثال. إنّ ''العوام'' لا يستطيعون الارتياح إلى الوفرة الوعظيّة المعطاة لهم من ''العلماء'' فيما لو صُدِموا بانكسار النموذج وفقدانه المصداقيّة. من كلّ ذلك، يمكن مقاربة ما يُقال حول ''إسلام بلا علماء''. فلا يُعقل أن يرفع أحدهم هذا الشّعار، إلا إذا كان شكّل ''العلماء'' معنى خاصاً، وإحالة على فهمٍ مُخصّص وواقع محدّد. الذين ينادون بإسلام بلا علماء، يعني إسلام بلا كهنوت طبقيّ، وهو معنى يريده ''العلماء'' ذاتهم ويسعون لإثباته. أمّا أسباب الامتعاض من هذا الشّعار، فلأنه يُستقبّل بدلالةٍ غير مقصودة عند أصحابه، أو بمعنى متطرّف بعيد عن المرمى. وقد يكون هناك نوع من التقصّد في إشاعة المعنى السّلبي والمتطرّف للشعار المذكور، وذلك لأجل التجييش المضاد وتحقيق جوّ من الإثارة الملائمة لتكريس التّصنيف المغلوط للعلماء على العوام.


الساعة الآن 11:40 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227