منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   الشيخ المحفوظ: التغيير الاجتماعي أولاً (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=135771)

محروم.كوم 06-03-2009 03:40 PM

الشيخ المحفوظ: التغيير الاجتماعي أولاً
 
التغيير الاجتماعي أولاً
الشيخ محمد علي المحفوظ

http://s5.infranetwork.net/~hodaol/n.../images/11.jpg

ليس التغيير مطلوباً لذاته بقدر ما هو مطلوب للوصول إلى الأفضل والعمل على الانتقال من حال سيئ إلى حسن ومن حسن إلى أحسن، وهكذا لا تتوقف عملية التغيير؛ لأنها سنة كونية لا يستطيع أحد أن ينكرها، ولكي يتحقق التغيير فإننا بحاجة إلى قراءة واعية وإرادة قوية، وهذا يدفعنا إلى قراءة التاريخ من خلال متابعة النماذج الناجحة التي استطاعت أن تعبر عن نفسها من خلال تغييرات حقيقة سواء على صعيد الأفراد أو المجتمعات.

وتأتي سيرة الرسول الأكرم (ص) هذا النبي العظيم لتمثل نموذجاً راقياً في عملية التغيير الاجتماعي والأخلاقي والسياسي الذي قام به رغم التحديات الكبيرة التي واجهت مسيرته المباركة، حتى قال (ص): «ما أوذي نبي كما أوذيت»، ومع كل الصعوبات التي كان تعترض الرسول (ص) في طريقه إلا أنه استطاع أن يترك تأثيراً كبيراً وبصمات واضحة على ذلك المجتمع الجاهلي حتى أن أعداءه لم يستطيعوا أن يأخذوا عليه مأخذاً واحداً فيما يرتبط بفضائل الأخلاق والصفات الحميدة التي كان يتصف بها صلى الله عليه وآله وسلم، وإننا اليوم مدعوون إلى التوقف عند هذه التجربة الرائدة على كل صعيد من أجل الوصول إلى تغيير حقيقي في واقعنا إذا كنا جادين فعلاً في السعي وراء التغيير الذي تتنافس اليوم عليه أكبر المجتمعات المتقدمة من أجل أن تحقق السبق وتحافظ على موقعها في الريادة والتقدم.

إن أكبر تحدياتنا تكمن في الواقع الاجتماعي الذي يعاني من نواقص وخلل بحاجة إلى إصلاح وترشيد كي نتمكن من بناء نظام سياسي قادر على العطاء والإبداع؛ ذلك أن التغيير السياسي هو عملية تابعة للتغيير الاجتماعي فما لم يرتقِ الناس اجتماعياً في نمط تفكيرهم وسلوكهم ومعاملاتهم فإنهم لن يتمكنوا من بناء نظام سياسي يتمحورون حوله ويعملون من أجل صيانته واستمراره، ومن يقرأ سيرة الرسول الأكرم (ص) يجد أنه قدم نماذج عملية وحيّة، وليس هذا فحسب وإنما ذات طبيعية تعليمية تتسم بالبساطة والعفوية، ولكنها في الوقت نفسه تحمل مفاهيم عالية في مضمونها وتطبيقاتها، فارتقى بالناس إلى حالة أخلاقية سامية في خلال تعاطيهم مع بعضهم بعضاً، وأعطى نكهة خاصة وذوقاً عالياً في سلوك الناس، وهذا ما أثر في المجتمع، حيث إن الرسول الأكرم (ص) لم يكن مجرد صاحب نظرية وإنما كان يحمل معه مشروعاً تغييراً تجسدت معالمه من خلال السلوك الرفيع الذي كان يتصف به الرسول (ص)، وأحد هذه المعالم الأخلاقية التي بشر بها الرسول (ص) وجسدتها شخصيته المباركة هو قيمة المساواة بين الناس وعدم الترفع عليهم من خلال الحديث النبوي الشريف «الناس سواسية كأسنان المشط»، وكان الرسول (ص) لا يترفع عن التعامل مع أحد القريب والبعيد حتى أنه كان يبدأ من يلقاه بالسلام والتحية ولا يستنكف ذلك حتى مع الصبيان والصغار قائلاً (ص) «لتكون سنّة من بعدي»، وكان إذا لقي أحد من أصحابه ابتدأ هو بنفسه (ص) بالمصافحة، وكان يجلس حيث انتهى به المجلس من دون تميز على غيره، بل إنه إذا دخل عليه أحد كان يؤثره على نفسه (ص) بالوسادة التي تحته فإن أبى أن يقبلها عزم عليه حتى يفعل حتى قيل فيه (ص) «كان فينا كأحدنا»، ومع أن الله سبحانه وتعالى أعطاه منزلة عظيمة لم ولن يبلغها أحد إلا أنه كان أكثر الناس تواضعاً، وعلم الناس الإيثار والعطاء والتفكير في الآخرين قبل التفكير في الذات حتى قال (ص) «أحبب أخاك المسلم وأحبب له ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك»، وهذا ما يبني قوة الترابط بين أبناء المجتمع الواحد، حيث يشعر الناس بالسواسية والتكافل والتعاضد بدلاً من حالة الأنانية والتفكير في الذات على حساب الآخرين، وهذا ما يؤدي إلى وجود سلوك سيئ ينعكس في الثقافة السياسية والاقتصادية فتطغى حالات الانتهازية والمصلحية، وبدلاً من تنافس الناس في الالتزام بالقيم والفضائل، فإنهم سوف يتصارعون على المصالح والمكاسب الشخصية الضيقة التي تؤدي إلى ضيق أفق في التفكير والسلوك، وهو ما تعبر عنه الحالات السياسية في عالم اليوم التي لا تفكر سوى في نفسها ومصالحها تحت مبررات واهية وضعيفة وإن غلفت ذلك أو أطرته بإطار القانون وما أشبه، فيؤدي ذلك إلى وجود حالة الطبقية في المجتمع ويستغل كل فرد نفوذه في تسهيل وتمرير مكاسبه الذاتية من دون التفكير في الآخرين بينما يضرب لنا التاريخ مثالاً راقياً جسّده السلوك والذوق الرفيع للرسول الأكرم نبينا محمد (ص) في إيثاره الآخرين على نفسه إلى درجة أن زوجته عائشة تروي عن حال الرسول (ص) فتقول «ما شبع محمد (ص) من خبز شعير يومين متتاليين، ولو شاء لفعل ولكنه كان يؤثر على نفسه»، أليس هذا درساً بليغاً في بناء نظام سياسي يعتز به الناس يفكر فيه المسؤولون وأصحاب النفوذ في أضعف فرد في المجتمع قبل أن يفكروا في أنفسهم؟ ويفكر فيه أصحاب السلطة في تأمين حاضر الناس ومستقبلهم بدلاً من التفكير في حالهم وزيادة ثرواتهم ؟


منقول من صحيفة الوقت عدد اليوم
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=10776


الساعة الآن 10:12 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227