منتدى استراحات زايد - الفكر القائد

الفكر القائد

إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ الأنبياء 92

لقد خلق الله الناس من اب واحد و ام واحدة و جعلهم متساوون في الخلق و في الحقوق مع إختلافهم في القدرات. و ارسل لهم الأنبياء لكي يرشدوهم إلى سواء السبيل لا لكي يتأمروا عليهم. ثم جعل لهؤلاء الأنبياء أوصياء على شاكلتهم يكملو طريقهم. و جعل من هؤلاء الأنبياء و أوصياهم معصومون لا يخطئون لكي يثق الناس بربهم و لا يتشككون و يسيرون على طريق قويم. ثم جعل الله بعد ذلك امور الناس إلى أنفسهم طالما سارو على نهجه و هديه. فما كان العلماء الربانيون إلا هداة للناس و مرشدون و ليسوا أمراء عليهم. و لهذا كان لقب الرجل الرباني الأول يسمى المرشد و ليس الأمير.

بعد هذه المقدمة البسيطة حينما نسقط الأمر على البحرين، لا نجد من يقوم مقام هذا المرشد بين علماء البحرين و بطيعة الحال ليس هناك من يستحقه. و بالرغم من ذلك فإن القاعدة الأساس هي إيكال أمور الناس إلى أنفسهم عبر اليات عقلائية تضمن سيرهم على نهج الله و هديه، و المرشد يأتي في الدرجة الثانية لكي يكون ضمانة هذا السير. و لهذا كان في إيران المجالس المتعددة اللتي تقود الدولة و تسير أمور الناس، و ما المرشد إلا ضمانة هذا النظام.

في البحرين إذا – يجب أن تكون مثل هذه المجالس أولا – ثم يأتي دور من يضمنها، لا أن يحدث العكس. و لكن غرور و زهو بعض من يريدون التقدم على الناس جعلو من أنفسهم المجالس نفسها و أختزلوها في اشخاصهم. و هذه مفسدة كبرى جعلت من هذا الشعب فرقا متشظية و هذا البلد لقمة سائغة للطامعين فيه و منهم اسرة أل خليفة اللتي غزته و اخذته غنيمة و جعلت من اهله أذلة. و لكي ينجح في الإنعتاق لابد له من تشكيل هذه المجالس و كبح غرور و زهو هذه الرجال اللتي تريد أن تتأمر على حسابه بمختلف المسميات.

الأيام القادمة هي أيام عمل سياسي، و مالم تعالج هذه القضية جذريا، فإن هذا الشعب سوف لن يفلح و سيسقط مجددا في الإنقسام و الفتن اللتي لا تنتهي. و للوضوح أكثر – هذه الكيانات المسماة جمعيات سياسية – لم تثبت في تاريخها أن لها قدرة على إدارة نفسها عدى أن تقود مجتمع. و هي متسكعة على قارعة الثورة و ليست قائدة لها. و إنها لمن الخطورة بمكان أن توكل أمور الناس اليها. و كذلك القيادات الدينية، هي الأخرى لم تثبت حسن تصرف عدى أن تكون لها رؤية واضحة، بل أثبتت الفشل تلو الفشل في أغلب المنعطفات. و إنها لمن السفاهة على مجتمع يزخر بالعديد من العقلاء أن يتخلف و يوكل أمره إلى النطيحة و المتردية و ما أكل السبع و إلى من أثبت فشله في كل ما تعاطى فيه، و قال في الليل ما نفاه او ناقضه في النهار.

و كذلك تجب الإشارة إلى القادة المفترضون في السجن، لكي لا ينخدع الناس مجددا و يتيهو مع التائهين، فهم الأخرون ليسوا بمعصومون و لا منزهون عن هذا الفشل فيما تعاطوا، رغم صدقهم و تضحياتهم اللتي لا ينكرها إلا لئيم و جاحد. فلا يخرجوا علينا غدا، و تنجر خلفهم القوافل يصفقوا لهم، و هم يصدحون بحل بائس يتربع فيه فاسق من فساق أل خليفة ملكا و اخر منهم رئيسا للوزراء. إذا أين "التحالف من أجل الجمهورية" الذي دفعوا الشعب ثمنه إزهاق أراواح بريئة و هتك أعراض شريفة، و مقدرات على كل مستوى ذهبت هدرا؟. أوليس من الأجدر بهم أن يتفكرو و يتمعنوا أن السقوف يجب أن تكون واقعية محسوبة الثمن و لا يتبعو الظنون و الأهواء؟. و هذا لا يعني أن يكونو مثل الأخرون جبناء عن دفع أي ثمن مع كروش يريدون لها أن تملأ. إنما الصفة المحمودة هي صفة بين مذمومتين و كذلك كان القضاء و القدر أمر بين أمرين. فما كانت الشجاعة صفة محمودة إلا كونها حالة بين الجبن و التهور. و في كل مناحي الحياة هناك حاجة دائما للإتزان و التوازن.

و لكل ما سلف ذكره، يجب أن يقود هذا الشعب مجلسا يمثله، لا أشخاصا تتبختر بإسمه. و في كل حالة قاد هذا الشعب شخص أو مجموعة أشخاص تحت أية يافطة كان مصيره الفشل المحتوم. و أقرئو تاريخ البحرين قديمه و حديثه، لكي تكتشفوا هذه الحقيقة المرة. و لم تنجح البحرين في تاريخها في شيئ أبدا، إلا عبر هيئة مثلت جميع مكوناتها.

و لهذا أقترح أن تقوم في البحرين هيئة قيادة في صورة مجلس تتمثل فيه مكوناته. أقترح مجلسا تمثيليا لكل قرية و محلة من عقلاء و حصفاء تلك المنطقة اللذين يرتضيهم أهلها و يزكوهم، ينتخب منها مجلسا عاما، بمسمى "الهيئة الوطنية". و لا بأس أن يكون هناك مجلسا للشيعة و أخر للسنة و منه تشتق هذه الهيئة الوطنية.

و الحذار الحذار من قيادة الأشخاص و فرضهم على الناس. هذا معناه التشظي و الفشل المحتوم كما اثبتت الأيام ذلك و تثبته كل يوم.