منتدى استراحات زايد - تحليل وافعي| مهدي صالح: التسويات السياسية في البحرين بين المنامة ودمشق

التسويات السياسية في البحرين بين المنامة ودمشق

http://www.awal-lulu.com/news/photos...1378921732.jpg

أقلام حرّة - لؤلؤة أوال

بقلم: مهدي صالح

لا يخفى على أحد أن أمتنا تعيش أكثر المراحل حساسيّة في تاريخها؛ حيث نجح الغرب في تعطيل نجاح بعض ثورات شعوب المنطقة ضد حكامها وأنظمتها الدكتاتورية، وكانت أهم وسائلها في ذلك هو السيطرة على غرف قيادة بعض الحركات المعارضة من خلال العلاقات السياسية الوثيقة مع هذه القوى، ومن خلال تقديم المال والسلاح والتدريب والدعم السياسي والإعلامي والاستخباراتي للأنظمة العميلة للغرب وذلك لتثبيتها في مواجهة ثورات الشعوب.

واستكمالاً للمخطط الاستكباري؛ فإن الغرب لا يرى أنه قادر على القضاء على ثورات شعوب المنطقة، وإيقاف حركات الصحوة الإسلامية فيها ومنع الهبّات الشعبية مجدداً؛ إلا من خلال تجفيف منابع الفكر المقاوم، وقطع كل أشكال الارتباط والدعم بين دول وقوى محور المقاومة وبين حركات التحرّر والمعارضة في بلدان الصحوة الإسلامية.

فكّ الارتباط السياسي والاستراتيجي واللوجستي بين معارضات المنطقة السياسية وبين دول وقوى المقاومة هو هدف أساسي من أهداف التلويح بالحرب على سوريا، يضاف إليه الهدف الغربي القديم، وهو شنّ الحرب في المنطقة على سوريا ولبنان وإيران من أجل ضمان أمن إسرائيل والتفوّق الغربي الصهيوني على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي وغير ذلك.

إذاً، فالمعارضات الواعية وخاصة الإسلامية منها؛ لابدّ أن تدرك طبيعة الصراع، وأن الشأن المحلي لا ينفكّ عن الشأن الإقليمي، وأن عليها أن تفرز نفسها بوضوح بين محورين عاشا صراعاً مسلحاً، واتخذ أشكال عدّة طوال ٣٠ سنة، وقد أخذ منحى الحرب المحدودة في لبنان وغزة وسوريا، ويكاد أن يتحوّل إلى حرب إقليمية شاملة في أيّ وقت فيما لو تم تنفيذ ضربة عسكرية ضد سوريا.

المشهد في البحرين

النظام الخليفي الجبان - والذي لا حول له ولا قوة – يبدو متردّداً، والتخبّط في صفوف سادته الأمريكيين والصهاينة واضح، وهو يدرك أن احتمال نجاح محور المقاومة بمساندة روسيا في ردّ العدوان ومهاجمة المصالح الأمريكية وإيلام الحلف الغربي؛ هو احتمال وارد الحصول، وأن نتائج المغامرة الأمريكية غير مضمونة، لذلك فإن النظام الخليفي قد مدّ يده من جديد للمعارضة الرسميّة من أجل الذهاب لحل سياسي سنتحدث عن ملامحه بعد قليل، إلا أن المهمّ في طرح النظام هذه المرة هو أنه - بحسب التحليل - يظهر أنه "تكتيك لتحييد جزء كبير من المعارضة مع جماهيرها، لكي تنشغل ببعض المكاسب عن التصعيد الشعبي المحتمل في حال فشل التحرك السياسي والعسكري الغربي ضد سوريا"، وبما أن إعطاء الشعب بعض المكاسب وتحويل المكاسب من اتفاقات إلى وقائع على الأرض سيحتاج شهوراً؛ فإن النظام من خلال طرحه الحالي للمعارضة سيضمن بحكم التجربة تحييدها ولن يكون ملزماً في إعطائها أي من المكاسب إلا في حال الفشل الغربي والأمريكي الذريع في الملف السوري وإعلان محور المقاومة انتصاره.

ماذا طرح النظام هذه المرة؟
حسب المعلومات الداخلية؛ فما هو متوافر من تفاصيل أن النظام طرح على المعارضة الرسميّة نصف الوزارات بشرط أن لا تكون سيادية، ونصف مقاعد البرلمان وتعديل الدوائر الانتخابية تعديلاً غير كامل وإنما نسبي، ويكون رئيس الوزراء معيناً من قبل الملك مباشرة.

ماذا يدور بين المعارضة الرسمية والنظام؟
تدور لقاءات مستمرة بين النظام ممثلاً بولي العهد وبين الجمعيات السياسية، ولم تنقطع إلا في فترات بسيطة، وآخرها عدة لقاءات بين ولي العهد وبين الشيخ علي سلمان وعلي الأسود في لندن، والتي تجري في تكتم شديد، وحرص على التنضيج وعدم إفساح المجال للقوى الثورية على الأرض من أن تفسد الطبيخ الذي يجري على نار هادئة.

مما هو بديهي أن النظام لن يعطي المعارضة الرسميّة أيّ من المكاسب إذا لم تثبت الجمعيات الرسميّة وعلى رأسها الوفاق قدرتها على التحكم بالشارع وضبط إيقاعه في الوقت الصحيح.

ماذا تعمل الوفاق من أجل تهيئة الساحة وضبط إيقاعها للقبول بالمبادرة السياسية المطروحة؟
عملت الوفاق على عدّة إجراءات تهدف إلى تحقيق أمور مختلفة نبيّنها كما يلي:
- أولا: عناصر مدعومة من قيادات وفاقية كبيرة تشنّ هجوماً إلكترونياً ضد سرايا الأشتر وسرايا المقاومة الشعبية.
- ثانيا: ناشط ينشر مقالات عدة يقدح في أدبيات المقاومة ويدعو لاستبدال الخطاب الثوري بخطاب قريب من الجمعيات الرسميّة.
- ثالثا: إعلامية تنتقد شعارات إسقاط النظام وإسقاط حمد بغير إنصاف محمّلة من حمل الشعار مسؤولية الإخفاق وعدم سريان الثورة بشكل صحيح.
- رابعا: ظهور حركة تمرّد المدعومة وفاقياً لوجستياً وسياسياً وإعلامياً ومحاولتها استقطاب الشباب والمزاوجة بين فكر الجمعيات الرسميّة وبعض الأساليب الثورية مما يظهر رغبة الوفاق من خلال حركة تمرّد في اختراق صفوف الشباب فكرياً وميدانياً لتحقيق أهداف تنسجم مع رؤية جمعية الوفاق.
- خامسا: ظهور الشيخ علي سلمان في حوار مفتوح مع المعارضة في لندن وتسويق هذا اللقاء إعلامياً ليُظهر الشيخ الوحدة والانسجام التي تغلف خلافاً سياسياً لم تعمل الجمعيات السياسية أيّ جهود حقيقية لتنظيمه ومعالجته.
- سادسا: القيادي في الوفاق خليل المرزوق يتسلم راية الائتلاف على منصة فعالية أقامتها الجمعيات السياسية ويكيل المدح للائتلاف، ولا يعلم حقيقة أن يكون من سلّم الراية للمرزوق هو فعلاً ممثلاً ومبعوثا من قبل الائتلاف.
- سابعا: الشيخ علي سلمان يخاطب الأستاذ عبد الوهاب في حفل خطابي أقامته الجمعيات قبل أسابيع قليلة "شعبك الذي خرج في ١٤ فبراير..." ويقول أن الأستاذ قال له عند الإفراج المؤقت عنه في تشييع والدته "أنا مرتاح ومطمئن في السجن، وإن العبء والثقل عليكم" ليكسب الجمهور الشبابي الثوري ويتقرب إلى الرقم الأصعب في الساحة الثورية المتمثل في الأستاذ وتياره السياسي والجماهير الثورية التي يكون الأستاذ هو القادر على مخاطبتها وتحريكها.
- ثامنا: القياديان في الوفاق خليل المرزوق وعلي الأسود يشنان هجوماً حاداً على سرايا الأشتر بعد تبنيها العملية الأخيرة في السهلة ويدعوان للوقوف ضدها.
- تاسعا: خليل المرزوق يصعّد خطابه ضد النظام في فعالية "ولى زمن الاستبداد" ويتوعد النظام في وقت خضعت الجمعيات السياسية لقانون يمنع التظاهر في المنامة وتراجعت عن التحشيد ليوم التمرد في ١٤ أغسطس، مما يكشف أن الخطاب العالي هو تكتيك وله هدف سياسي مع الجماهير وليس خطابا حقيقيا.

وعليه، فهذا النّسق من الإجراءات يكشف عملية منظّمة لتغيير القناعات السياسية للجماهير بمختلف توجهاتها وتهيئة الوعي العام لشيء ما قادم، فالجمعيات قد جربت تسويق المبادرات سابقاً واصطدمت بنفس وفكر سياسي يرفض التسويات بقوة، فكان لا بدّ من مقاربة مختلفة هذه المرة مفادها أنه لا يمكن تسويق مبادرة سياسية إلا من خلال:
١- تغيير الفكر والقناعات الجماهيرية بهدوء.
٢- اختراق القوى الشبابية ميدانياً وسياسياً.
٣- التقرّب للمعارضة الثورية.
٤- اللعب في الساحة السياسية بنفس الأساليب التي تلعبها القوى الثورية.

دور القوى الثورية

ما هو دور القوى الثورية قبال مخطط التسوية الخليفي؟
بما أنّه - كما تبيّن أن النظام يطرح مكاسباً هي في الواقع مشروطة في التحقق بانتصار محور الممانعة في الأزمة السورية؛ فإن واجب الشعب وجميع الفصائل السياسية هو رفض هذه المبادرة وإفشال مسعى النظام، على اعتبار أن المكاسب الممكن تحقيقها حال انتصار قوى الممانعة في سوريا وفشل المشروع الأمريكي هي أكبر بكثير مما يطرحه النظام تحت ضغط المجهول المحتمل على الصعيد الدولي، فلا بد أن يذهب الشعب وقواه الثورية في برنامج ميداني وسياسي وإعلامي يتّسم بالتالي:

- أولا: نصرة سوريا المقاومة تحت شعارات تظهر ترابط القضيتين المحلية والإقليمية.
- ثانيا: كشف ما يجري من تهيئة الأرض لتسويات محتملة من خلال كتابة المقالات والتقارير الإعلامية ونشرها على أكبر نطاق.
- ثالثا: عدم توجيه الحراك والخطاب مباشرة نحو الجمعيات، على اعتبار أن تعاطيها مع مبادرات النظام قد يكون تكتيكاً لا يعني أنها ستذهب في حلّ سياسي وتطبعه إذا لم يستجب لمطالبها في وثيقة المنامة، وإنما يجب توجيه الغضب والاحتجاج ضد أمريكا والنظام ، ووصف العرض الحكومي بالعرض الأمريكي المرفوض شعبياً.
- رابعا: توصية القوى الشبابية بعدم التعاطي مع حركة تمرد بأي شكل من الأشكال باعتبار وجودها ترفاً وزائداً على الحاجة.
- خامسا: التركيز في المرحلة القادمة على شرعية المقاومة ضد أمريكا وأذنابها في الشعارات والخطابات وخطب الصلاة والإصدار الإعلامي المرئي.
- سادسا: أن يقوم بعض الرموز في الداخل لا سيما الأستاذين بإصدار خطاب يرفض التسويات ويدعو للصبر وطول النفس.

ممّا لا شك فيه أن تطورات الصراع بين الشعب البحراني والخليفيين الغزاة تعتمد بشكل كبير على قدرة الشعب على النهوض، وكيفية تعاطي القوى السياسية والثورية مع تطورات المرحلة وعروض النظام، ونتائج الحرب الأمريكية والغربية على سوريا ومحور المقاومة على الصعيد الإقليمي.

http://www.awal-lulu.com/news.php?newsid=584