قنبلة موقوتة على وشك الانفجار والنظام يتستر على وجودها
 

بين ما قاله مراد... وما حدث في ديترويت

منصور الجمري ... رئيس التحرير

في مطلع هذا الشهر، نشرت «الوسط» تصريحات رئيس مجلس إدارة بنك البحرين والكويت، مراد علي مراد، حول ازدياد الدَّين العام في البحرين، وقد حذر مراد من «استخدام الدَّين العام في تمويل المصروفات المتكررة»، وطالب بإشراك القطاع الخاص في مشاريع التنمية في البحرين «بهدف الحدّ من استمرار ارتفاع الدَّين العام الذي يتوقع أن يزيد على 5 مليارات دينار (13 مليار دولار) في نهاية العام 2013»، مشيراً إلى أن «الدَّين العام وصل إلى مستوى عالٍ، ويجب على البحرين ألا تسمح بارتفاعه إلى أكثر من هذا المستوى».

الدَّين العام في البحرين كان قبل نحو ثلاث سنوات في حدود 3 مليارات دينار، أما الآن فقد ارتفع السقف إلى 5 مليارات دينار، وإذا استُخدمت هذه الأموال لدفع وتسديد المصروفات المتكررة، فإننا سنقع في المحذور الذي وقعت فيه بلدية مدينة ديترويت الأميركية، والتي أعلنت عن إفلاسها قبل عدة أيام بعد أن وصلت ديونها نحو 18 مليار دولار كانت تستلفها من أجل تغطية المصروفات المتكررة غير المنتجة، والجميع يعلم أن الاستلاف من أجل الاستمرار فقط في تسديد المصروفات المتكررة يؤدي في النهاية إلى ما لا تحمد عقباه.

مدينة ديترويت الأميركية كانت عاصمة صناعة السيارات في العالم، وكان يقطنها مليونا (2 مليون) نسمة في عزها في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، أمّا الآن فيسكنها نحو 700 ألف نسمة، وكثير من المناطق الصناعية أصبحت أطلالاً خالية ومخيفة، وتستخدمها بعض شركات إنتاج الأفلام لتصوير لقطات وكأنها في مناطق منهارة بسبب الكوارث (مثلاً تصوير لقطات عن فيلم في الصومال المنهكة من الحروب). ولكن هذه المدينة لم تلتفت إلى المنافسة التي جاءت لها من اليابان في سبعينات القرن الماضي، ولم تستطع أن تواكب المتغيرات في عالم صناعة السيارات التي ارتكزت عليها، وظلت يدها ممدودة للمساعدات من الحكومة الفيدرالية ومن الاستلاف لتغطية مصاريفها... إلى أن حان وقت إعلان الإفلاس قبل أيام.

الدَّين العام في البحرين من المتوقع أن يصل إلى مستوى 5.9 مليارات دينار (نحو 16 مليار دولار) في نهاية العام 2014؛ أي أكثر من 52 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأظهرت أرقام حديثة أن صافي الدَّين العام يتوقع أن يستمر في الارتفاع في السنوات المقبلة ليصل إلى نحو 7.7 مليارات دينار (أكثر من 20 مليار دولار) في العام 2018؛ أي أكثر من 61 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبحرين، في الوقت الذي ازداد اعتماد موازنة الحكومة على دخل النفط بنسبة عالية جداً قد تصل قريباً إلى نحو 90 في المئة.

المشكلة، كما أشار مراد أنه إذا أردنا تغطية العجز الحالي في الموازنة فيجب أن يكون سعر النفط عند 120 أو 125 دولاراً للبرميل؛ ولكن في الوقت الراهن لا توجد مؤشرات في الأفق تدل على أن أسعار النفط ستتجه إلى الصعود إلى هذا المستوى، بل إن هناك توقعات تدل على أن أسعار النفط ستكون عند مستوياتها الحالية إن لم تكن أقل، وعليه فإن العجز في موازنة البحرين سيكون كبيراً.

مثل هذه التحذيرات، وما يجري في عالم اليوم من وقائع أمام أعيننا، يجب أن تؤخذ في الاعتبار من قبل كل من يعنيهم الأمر.

http://www.alwasatnews.com/3971/news/read/794833/1.html